أَوّلَ النَّهَار ، لأَنه وَقتُ الذِّكْرِ ثم وَقْتُ طَلَبِ الكَسْبِ. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ ، أَنها قالت : «وعندَه أَقول فلا أُقَبَّح ، وأَرْقُد فأَتَصبَّح». أَرادتْ أَنها مَكْفِيَّةٌ فهي تَنَام الصُّبْحَة.
والصُّبْحَة : ما تَعَلَّلْتَ به غُدْوَةً.
وقد تَصَبَّحَ : إِذا نام بالغَدَاةِ.
وفي الحديث : «مَنْ تَصبَّحَ بسَبْعِ تَمْرَاتٍ عَجْوَة» ، هو تَفَعَّلَ من صَبَحْتُ القَوْمَ : إِذَا سَقَيْتهم الصَّبُوحَ ، وصَبَّحت ، التّشديد لُغة فيه. والصُّبْحَة والصَّبَح : سَوَادٌ إِلى الحُمْرَةِ ، أَو لَوْنٌ يَضْرِب إِلي الشُّبْهَةِ قَرِيبٌ منها أَو إِلى الصُّهْبَةِ ، وجَزَمَ السُّهَيليّ بأَن الصُّبْحةَ بياضٌ غيرُ خالصِ. وقال اللّيث : الصَّبَح : شِدَّةُ الحُمْرَةِ في الشَّعر.
وهو أَصْبَحُ. وهي صَبْحاءُ. وعن اللّيث : الأَصْبَح قَريبٌ من الأَصْهَب. وروَى شَمِرٌ عن أَبي نَصْرٍ قال : في الشَّعر الصُّبْحَةُ والمُلْحَة. ورجل أَصْبَحُ اللَّحْيَةِ : الّذي (١) تَعلو شَعرَه حُمْرَةٌ. وقال شَمِرٌ : الأَصْبَحُ : الّذي يكون في سَوادِ شَعرِهِ حُمْرَةٌ.
وفي حديث المُلَاعنة : «إِنْ جاءَتْ به أَصْبَحَ أَصْهَب» ، الأَصْبَح : الشَّديدُ حُمْرةِ الشَّعرِ. ومنه صُبْحُ النَّهارِ ، مُشتَقٌّ من الأَصْبَح. قال الأَزهريّ : ولَوْنُ الصُّبْح الصّادقِ يَضْرِب إِلى الحُمْرَةِ قليلاً ، كأَنّها لَوْنُ الشَّفَق الأَوَّلِ في أَوَّلِ اللَّيْل.
وأَتَيْتُه لِصُبْحِ (٢) خامسةٍ ، بالضّم ، كما تَقُول : لِمُسْيِ خامسةٍ ، ويُكْسَر ، أَي لِصَبَاحِ خمسةِ أَيامٍ.
وحكَى سيبويه : أَتَيتُه صَبَاحَ مَسَاءَ. من العرب مَن يَبْنِيه كخَمْسَةَ عَشَرَ ، ومنهم من يُضيفُه ، إِلّا في حَدِّ الحالِ أَو الظَّرف.
وأَتيْتُه ذَا صَبَاحٍ ، وذا صَبُوحٍ ، أَي بُكْرَةً. قال سيبويه : لا يُستعمل إِلَّا ظَرْفاً ، وهو ظَرْفٌ غيرُ مُتمكِّنٍ. وقد جاءَ في لُغَةٍ لخَثْعَم [اسماً] (٣) قال أَنَسُ بنُ نُهَيْك ، منهم :
عزَمْتُ على إِقامةِ ذِي صَبَاحٍ |
|
لأَمْرٍ مَا يَسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ (٤) |
لم يستعمله ظَرْفاً. قال سيبويه : هي لُغَةٌ لخَثْعَم.
ووَجدْت في هامش الصّحاح : البيتُ لرجُلٍ من خَثْعَم قالَهُ على لُغَته ، لأَنّه جَرّ ذا صباحٍ ، وهو ظَرْفٌ لا يَتَمَكَّن ، والظُّرُوف الّتي لا تَتمكّن لا تُجَرُّ ولا تُرْفَع ، ولا يجوز ذلك إِلّا في لغة قومٍ من خَثْعَم أَو يُضْطَرُّ إِليه شاعرٌ. يُريد : عَزَمْت على الإِقامةِ إِلى وَقْتِ الصَّباح ، لأَنّي وَجَدْت الرَأْيَ والحَزْمَ يُوجبانِ ذلك. ثم قال : لشيْءٍ ما يُسَوَّد مَنْ يَسود : يقول : إِنّ الذي يُسوِّده قَومُه لا يُسوَّدُ إِلّا لشيْءٍ من الخِصَالِ الجَمِيلةِ والأُمورِ المحمودةِ رآهَا قَومُه فيه فسَوَّدُوه من أَجْلها ؛ كذا قاله ابن السّيرافيّ.
ولقيتُه ذاتَ صُبْحَةٍ وذا صَبُوح ، أَي حِين أَصْبَحَ ، وحين شَرِبَ الصَّبُوحَ. وعن ابنِ الأَعرابيّ : أَتَيتُه ذاتَ الصَّبُوحِ ، وذَات الغَبُوق ، إِذا أَتَاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً ؛ وذَا صَبَاحٍ ، وذَا مَساءٍ ؛ وذَاتَ الزُّمَيْنِ ، وذاتَ العُوَيْمِ ، أَي منذُ (٥) ثلاثةِ أَزْمَانٍ وأَعْوامٍ.
والأَصبَحُ : الأَسَدُ ، بَيِّنُ الصَّبَحِ. ورَجُلٌ أَصْبَحُ ، كذلك.
والأَصْبَح. شَعَرٌ يَخْلِطه بياضٌ بحُمْرَةٍ خِلْقَةً أَيًّا كانَ ، وقد اصْبَاحَّ اصْبِيحَاحاً ، وصَبِحَ كفَرِحَ صَبَحاً ، محرَّكةً وصُبْحَةً ، بالضّمّ.
والمُصْبَح ، كمُكْرَم : موضِعُ الإِصْبَاحِ ووَقْتُه ، وعبارة الصّحاح : والمَصْبَح ، بالفتح : مَوْضِع الإِصباحِ ، ووَقْتُ الإِصباحِ أَيضاً ، قال الشاعر :
بمَصْبَحِ الحَمْدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مَبنيٌّ على أَصْلِ الفِعْل قبلَ أَن يُزاد فيه ، ولو بُنِي على أَصْبَحَ لقِيلَ : مُصْبَح ، بضَمّ المِيم. انتهى. وفي بعض النُّسخ ، بعد قوله : كمُكْرَم : «وكمَذْهَب» وهو الصّواب إِن شاءَ الله تعالى. وقال الأَزهريّ : المُصْبَح : المَوْضِع الّذِي يُصْبَح (٦) فيه ، والمُمْسَى : المَكَان الّذي يُمْسَى فيه. ومنه قوله :
قَرِيبةُ المُصْبَحِ من مُمْسَاها
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان ، وفي التهذيب : الذي يعلو شعر لحيته بياض مشرب حمرة.
(٢) الأصل والقاموس والصحاح ، وفي اللسان : صُبح.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) قوله : «من يَسُود» كذا في الأصل والصحاح والمحكم ، وفي اللسان : ما يَسُود.
(٥) التهذيب واللسان : «مذ».
(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : تُصبِح فيه قيدت الجملة بصيغة المخاطب ، وأَيضاً «تمسِي فيه» بدل يُمسَى فيه.