بالكسر ، والمُصْبَحُ ، كمُكْرَم ، لأَنّ المفعول مما زاد على الثلاثة كاسم المفعول. قال الله عزوجل : (فالِقُ الْإِصْباحِ) (١) قال الفرّاءُ : إِذا قيل : الأَمْسَاءُ والأَصْباحُ ، فهو جمْع المَسَاءِ والصُّبْح. قال : ومِثْله الأَبْكار والإِبْكار ، وقال الشّاعر :
أَفْنَى رِيَاحاً وذَوِي رِيَاحِ |
|
تَناسُخُ الأَمْساءِ والأَصْباحِ |
وحكَى اللِّحْيَانيّ : تقول العرب إِذا تَطيَّروا من الإِنسان وغيرِه : صَبَاحُ اللهِ لا صَباحُك ، قال : وإِنْ شِئتَ نَصَبْتَ.
وأَصْبَحَ : دَخَل فيه ، أَي الصُّبْحِ ، كما يقال : أَمْسَى ، إِذا دخل في المَسَاءِ.
وفي الحديث : «أَصْبِحوا بالصُّبح فإِنه أَعْظمُ للأَجْر» ، أَي صَلُّوها عند طُلوع الصُّبحِ. وفي التَّنْزِيل (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) (٢) وأَصْبَحَ : بمَعْنَى صارَ. قال شيخُنا فيه تَطْوِيلٌ لأَنّ «بمعنى» مُسْتَدْرك كما لا يَخْفَى.
قال سيبويه : أَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا ، أَي صِرْنَا في حينِ ذاك.
وأَصْبَحَ فلانٌ عالِماً : صار.
وصَبَّحهم تَصْبيحاً : قال لهم : عِمْ صَباحاً ، وهو تَحيَّةُ الجاهليَّة ، أَو قال : صَبَّحكَ اللهُ بالخَيْر. وصَبَّحَهم : أَتاهم صَبَاحاً ، كصَبَحهم ، كمَنَعَ قال أَبو عَدْنَان : الفَرْق بين صَبَحْنَا وصَبَّحْنَا أَنه يُقَال : صَبَّحْنا بلدَ كذا وكذا ، وصَبَّحْنَا فُلاناً ، فهذه مشدّدة ؛ وصَبَحْنَا أَهْلَهَا خَيراً أَو شَرًّا. وقال النّابغة :
وصَبَّحه فَلْجاً فلا زَالَ كَعْبُه |
|
على كُلِّ مَنْ عادَى منَ النّاسِ عَالِيَا (٣) |
ويقال : صَبَّحه بكذا ، ومَسّاه بكذا ، كلّ ذلك جائز. قال بُجَير بن زُهَير المُزَنيّ ، وكان أَسْلَمَ :
صَبَحْنَاهُمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ |
|
وسَبْعٍ من بني عُثْمَانَ وَافِي |
معناه أَتَيْنَاهم صَبَاحاً بأَلف رَجلٍ من بني سُلَيم. وقال الراجز :
نَحْنُ صَبَحْنَا عامراً في دَارِها |
|
جُرْداً تَعَادَى طَرَفَيْ نَهَارِهَا |
يريد أَتَيْنَاهَا صَباحاً بخَيْل جُرْدٍ. وقال الشَّمّاخ :
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكَابَها |
|
وقِيلَ المُنَادِي : أَصبَحَ القَوْمُ أَدْلِجي |
قال الأَزهريّ : يَسأَل السّائلُ عن هذا البَيت (٤) فيقول : الإِدْلاجُ : سَيرُ اللَّيل ، فكيف يقول : أَصبحَ القومُ ، وهو يَأْمر بالإِدلاج؟ وقد تقدّم الجواب في «دلج» فراجِعْه (٥).
وصَبَحَهُم سَقَاهم صَبُوحاً من لَبنٍ ، يَصْبَحُهم صَبْحاً ، وصَبَّحَهم تَصْبيحاً ، كذلك. وهو ، أَي الصَّبوحُ : ما حُلِبَ من اللَّبنِ بالغَدَاةِ ، أَو ما شُرِبَ بالغَدَاةِ فما دُونَ القائِلةِ.
وفِعْلُك الاصْطِبَاحُ.
والصَّبُوحُ أَيضاً : كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوَةً ، وهو خِلافُ الغَبُوقِ.
والصَّبُوح : ما أَصْبَحَ عندَهُم من شَرَابٍ فشَرِبوه.
والصَّبُوح : النَّاقَةُ تُحْلَب صَبَاحاً ، حكاه اللِّحْيَانيّ وأَبو الهَيثم. وقولُ شَيْخِنا إِنه غريبٌ محلُّ نَظرٍ.
ومن المجاز : هذا يومُ الصَّبَاحِ ، ولَقِيتُهم غَدَاةَ الصَّبَاحِ : وهو يَومُ الغَارَةِ ، قال الأَعشى :
به تَرْعُفُ الأَلْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ |
|
غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذَا النَّقْعُ ثارَا |
يقول : بهذا الفَرَسِ يَتقدَّم صاحبُه الأَلْفَ من الخَيْل يَومَ الغَارَةِ. والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارَةٍ من الخَيْل تَفْجَؤُهم صَبَاحاً : يا صَبَاحَاه : يُنْذِرُونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداءِ العالي.
ويُسَمُّون يومَ الغَارةِ يَومَ الصَّباح ، لأَنّهم أَكْثَر ما يُغِيرون عندَ الصَّباح.
والصُّبْحَة ، بالضَّمِّ : نَوْمُ الغَدَاةِ ، ويُفْتَح ، وقد كَرِهه بعضُهم. وفي الحديث أَنه نَهَى عن الصُّبْحَة ، وهي النَّومُ
__________________
(١) سورة الأَنعام من الآية ٩٦.
(٢) سورة الصافات الآية ١٣٧.
(٣) لم أجده في الديوان.
(٤) في التهذيب : يسأل السائل عنه فيقول.
(٥) انظر التهذيب ج ٤ / ٢٦٨.