(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) : لأنّ الله بارك في زيتون الشّام ، وزيتها أضوأ وأصفى ، ويسيل من غير اعتصار.
(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) : ليست من الشّرق دون الغرب ، أو الغرب دون الشّرق ؛ لكنها من شجر الشّام واسطة البلاد بين المشرق والمغرب (١).
أو ليست بشرقية في جبل يدوم إشراق الشّمس عليها ، ولا غربية نابتة في وهاد (٢) لا يطلع عليها الشّمس ، بل المراد أنها ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية أو غربية ولكنها من شجر الجنّة (٣) ، وكما قال بأنه (مَثَلُ نُورِهِ) فلا يؤول على ظاهره ، ولكن نور الله : الإسلام ، والمشكاة : صدر المؤمن ، والزّجاجة : قلبه ، والمصباح : فيه الإيمان ، والشّجرة المباركة : شجرة النّبوة (٤).
__________________
(١) عن تفسير الماوردي : ٣ / ١٣٠ ، ونص كلامه : «أنها ليست من شجر الشرق دون الغرب ولا من شجر الغرب دون الشرق ، لأن ما اختص بأحد الجهتين أقل زيتا وأضعف ، ولكنها شجر ما بين الشرق والغرب كالشام لاجتماع القوتين فيه. وهو قول ابن شجرة وحكى عن عكرمة».
وأورد الفخر الرازي هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٢٣٧ ، وضعفه بقوله : «وهذا ضعيف ؛ لأن من قال : الأرض كرة لم يثبت المشرق والمغرب موضعين معينين ، بل كل بلد مشرق ومغرب على حدة ، ولأن المثل مضروب لكل من يعرف الزيت ، وقد يوجد في غير الشام كوجوده فيها».
(٢) الوهاد : جمع وهدة ، المكان المنخفض من الأرض.
الصحاح : ٢ / ٥٥٤ ، واللسان : ٣ / ٤٧٠ (وهد).
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٨ / ١٤٢ عن الحسن رحمهالله تعالى.
وهو عن الحسن أيضا في معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٤٥ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ١٣١ ، وتفسير البغوي : ٣ / ٣٤٦ ، وزاد المسير : ٦ / ٤٣ ، وغرائب التفسير للكرماني : ٢ / ٧٩٨.
وضعف الفخر الرازي هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٢٣٧ فقال : «وهذا ضعيف ؛ لأنه تعالى إنما ضرب المثل بما شاهدوه ، وهم ما شاهدوا شجر الجنة».
(٤) ينظر ما سبق في تفسير البغوي : (٣ / ٣٤٦ ، ٣٤٧) ، وزاد المسير : ٦ / ٤٥ ، وذكره الفخر الرازي في تفسيره : (٢٣ / ٢٣٥ ، ٢٣٦) عن بعض الصوفية.
وفي هذا القول تكلف ظاهر ؛ لأن الله سبحانه وتعالى أثبت لنفسه نورا فلا حاجة لمثل هذا