أَي جَذَبْنَ (١) أَنْفَاساً غيرَ رِوَاءٍ. وغَتَّ فُلَاناً : غَمَّهُ وأَكْرَبَهُ ، وقَالَ شَمِرٌ : غُتَّ فَهُوَ مَغْتُوتٌ ، وغُمَّ فَهُوَ مَغْمُومٌ ، قَالَ رُؤْبَةُ ـ يَذْكُرُ يُونُسَ والحُوتَ :
وجَوْشَنُ الحُوتِ لَهُ مَبِيتُ |
|
يُدْفَعُ عَنْهُ جَوْفُهُ المَسْحُوتُ |
كِلاهُمَا مُنْغَمِسٌ مَغْتُوتٌ |
|
واللَّيْلُ فَوْقَ المَاءِ مُسْتَمِيتُ (٢) |
قال : والمَغْتُوتُ (٣) : المَغْمُومُ ، كذا في اللسان ، وفي حَدِيثِ المَبْعَثِ «فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَغَتَّنِي».
الغَتُّ والغَطُّ سَواءٌ ، كَأَنَّهُ أَرادَ عَصَرَنِي عَصْراً شَدِيداً حَتَّى وَجَدْتُ مِنْهُ المَشَقَّةَ ، كَمَا يَجِدُ مَنْ يُغْمَسُ في الماءِ قَهْراً.
وَغَتَّهُ : خَنَقَهُ. وغَتَّهُ : عَصَرَ حَلْقَهُ نَفَساً أَوْ نَفَسَيْن ، وقِيلَ : أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ. وغَتَّ الدَّابَّةَ شَوْطاً أَوْ شَوْطَيْنِ وفِي بَعْضِ الأُمَّهَاتِ : طَلَقاً أَوْ طَلَقَيْنِ ، يَغُتُّهَا : رَكَضَهَا وجَهَدَهَا وأَتْعَبَهَا فِي رَكْضِها. وَغَتَّ الشَّيْءُ الشَّيْءُ : أَتْبَعَ بعْضُهُ بَعْضاً سواءٌ كانَ فِي الشُّرْبِ أَو في القَوْل ، قال :
شَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ |
|
غَتَّ الغَطَاطِ مَعاً عَلَى إِعْجَالِ |
وغَتَّهُمُ (٤) اللهُ بِالعَذَابِ غَتًّا ، إِذا غَمَسَهُمْ فِيهِ غَمْساً مُتَتَابِعاً ، وفي الحَدِيث عَنْ ثَوْبانَ ، قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوسلم : «أَنَا عِنْد عُقْرِ حَوْضِي أَذُوذُ النَّاسَ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ حَتَّى يَرْفَضُّوا عَنْه ، وإِنَّه لَيَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ أَحَدُهُما مِنْ وَرِقٍ والآخَرُ مِنْ ذَهَب طُولُهُ ما بَيْنَ مُقَامِي إِلى عُمَانَ» قالَ اللَّيْثُ : الغَتُّ ، كالغَطِّ ، وقَالَ الأَزْهَرِيُّ : هكذا سَمِعْتُ (٥) مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ : يَغُتُّ ، قال : ومَعْنَاهُ : يَجْريِ جَرْياً لَهُ صَوْتٌ وخَرِيرٌ ، وقِيلَ : يَغُطُّ قال : ولا أَدْرِي مِمَّنْ حَفِظَ هذَا التَّفْسِيرَ ، قال : ولو كان كما قَال لقيل : يَغُتُّ وَيَغِطُّ ، ومعنى يَغُتُّ : يُتَابِعُ الدَّفْقُ في الحَوْضِ لا يَنْقَطِعَانِ ، مَأْخُوذٌ مِن غَتَّ الشَّارِبُ ، إِذَا تَابَع الجَرْعَ من غير إِبانَةِ الإِنَاء (٦) قالَ : فَقَوْلُه : يَغُتُّ فيهِ مِيزَابانِ ، أَي يَدْفُقَانِ فيهِ المَاءَ دَفْقاً مُتَتابِعاً دَائِماً من غَيْرِ أَنْ يَنْقَطعَ (٧) ، كَمَا يَغُتُّ الشَّارِبُ المَاءَ ، وَيَغُتُّ مُتَعَدٍّ هاهنا (٨) ، لأَنّ المُضَاعَفَ إِذَا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ مُتَعَدٍّ ، وإِذا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعِلُ ، فَهُوَ لَازِمُ [إِلّا مَا شذّ عنه] (٩) ، قال ذلك الفرّاءُ ، وغيرُه ، كذا في اللسان. * ومما يستدرك عليه : ما جَاءَ في حديثِ أُمِّ زَرْع ، في بعضِ الرِّوَايَاتِ : «ولا تُغَتِّتُ (١٠) طعَامَنَا تَغْتِيتاً» ، قال أَبو بكر : أَي لا تُفْسِده ، يقال : غَتَّ الطَّعَامُ يَغُتُّ وأَغْتَتُّه أَنا. وغَتَّ الكلامُ : فَسَدَ ، قال قيسُ بنُ الخَطِيم :
ولا يَغِتُّ الحَدِيثُ إِذْ نَطَقَتْ |
|
وهْوَ بفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرَبُ |
__________________
(١) التهذيب واللسان : أي شربن.
(٢) التهذيب واللسان باختلاف في رواية الأرجاز. وبهامش المطبوعة المصرية : «ذكره في التكملة هكذا :
إن الذي نجا وما نديت |
|
نجى وكل أجلٍ موقوت |
موسى وموسى فوقه التابوت |
|
وصاحب الحوت وأين الحوت |
والحوت في الماء له نهيت |
|
وظلمات تحتهن هيت |
ملحوت في أثنائه بيوت |
|
وزبد البحر له كتيت |
والليل فوق الماء مستميت |
|
نراه والحوت له نثيت |
كلاهما مغتمس مغتوت |
|
يدفع عنه جوفه المسحوت |
وجوشن الحوت له مبيت |
ويروى وكلكل الحوت ... اه».
وانظر ديوانه ٢٦ ـ ٢٧ واللسان في مواد (سحت ، غتت ، موت).
(٣) الرجز نسبه الأصمعي للعجاج كما في ديوانه مع اختلاف يسير ص ٤٦٤.
(٤) في التهذيب والنهاية : وفي الحديث : يغتهم ..» وانظر الغائق ٣ / ٤٨.
(٥) في التهذيب واللسان : سمعته.
(٦) عبارة التهذيب : مأخوذ من قولك : غت الشارب الماء جرعا بعد جرع ، ونفسا بعد نفس ، من غير إبانة الإناء عن فيه» ومثله في اللسان.
(٧) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : دفقاً دائماً لا ينقطع.
(٨) في التهذيب : متعدّ على هذا التأويل.
(٩) زيادة عن التهذيب واللسان.
(١٠) عن اللسان ، وبالأصل «ولا يغتنه ... لا يفسده».