أَنْ يَكُونَ مَعْنَاه لو شَاءَ [الله] (١) لأَعْنَتَكُمْ ، أَي لأَهْلَكَكُمْ بحُكْم يكونُ فيه غيرَ ظَالِم.
وقال ابن الأَعْرَابِيّ : الإِعْنَاتُ : تَكْلِيفُ غيرِ الطَّاقَةِ ، وفي التَّنْزِيلِ (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) (٢) يعنِي الفُجُورَ والزِّنا.
وقال الأَزْهَرِيُّ : نزلت هذه الآيةُ فيمَنْ لَمْ يَسْتَطعْ طَوْلاً ، أَي فَضْلَ مَالٍ يَنْكِحُ بِهِ حُرَّةً ، فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمةً ، ثم قَالَ : (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) وهذا يُوجِبُ أَنّ من لَمْ يَخْشَ العَنَتَ ، ولَمْ يَجِدْ (٣) طَوْلاً لِحُرَّةٍ أَنّهُ لا يَحِلُّ له أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً.
قال : واخْتَلَفَ النّاس في تَفْسِيرِ هذِه الآيَةِ (٤) ، فقال بعضُهم : معناه : ذلك لمن خَافَ أَن يَحْمِلَهُ شِدَّةُ الشَّبَقِ والغُلْمَةِ على الزِّنَا ، فيَلْقَى العَذَابَ العَظيمَ في الآخِرَةِ ، والحَدَّ في الدُّنْيَا ، وقال بعضُهُمْ : معناه أَن يَعْشَقَ أَمَةً ، وليس في الآيةِ ذِكْرُ عِشْقٍ ، ولكِنَّ ذا العِشْقِ يَلْقَى عَنَتاً ، وقال أَبُو العَبَّاسِ محَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيّ : العَنَتُ هاهنا الهَلاكُ ، وقيل : الهلاكُ في الزِّنا ، وأَنشد :
أُحَاوِلُ إِعْنَاتِي بما قَالَ أَو رَجَا
أَرَادَ إِهْلَاكِي ، ونَقَل الأَزْهَرِيُّ قولَ أَبي إِسْحَاق الزَّجّاجِ السّابِق ، ثم قال : وهذا الذي قَالَهُ صَحِيحٌ ، فإِذَا شَقَّ على الرَّجُلِ الغُربَةُ [وغلبته الغُلْمَة] (٥) ولَمْ يَجِد ما يَتَزَوَّجَ بِهِ حُرَّةً ، فلهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً ، لأَنَّ غَلَبَةَ الشَّهْوَةِ ، واجتماعَ الماءِ في الصُّلْبِ (٦) رُبَّما أَدّى إِلى العِلَّةِ الصَّعْبَةِ.
وفي الصحاح : العَنَتُ : الإِثْمُ ، وقد عَنِتَ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ : في قوله تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) (٧) أَي عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ ، وهو لِقَاءُ الشِّدَّةِ والمَشَقَّة وقال بعضُهم : مَعْنَاه : عزيزٌ ، أَي شديدٌ مَا أَعَنَتَكُمْ ، أَي ما أَورَدَكُم العَنَتَ والمَشَقَّةَ.
ويُقَالُ : العَنَتُ : الوَهْيُ والانْكِسَارُ ، قال الأَزْهَرِيّ : والعَنَتُ : الكَسْرُ ، وقد عَنِتَت يَدُهُ ، أَو رِجْلُهُ ، أَي انْكَسَرَتْ ، وكذلك كُلُّ عَظْمٍ ، قال الشاعر :
فَدَاوِ بِهَا أَضْلَاعَ جَنْبَيْكَ بَعْدَ مَا |
|
عَنِتْنَ وأَعْيَتْكَ الجَبَائِرُ مِنْ عَلُ |
ويقال : عَنِتَ العَظْمُ عَنَتاً فهو عَنِتٌ : وَهَي وانْكَسَرَ ، قال رؤبة :
فَأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّمَا |
|
مَجْدُوعَهَا والعَنِتَ المُخَشَّمَا |
وَقَالَ اللَّيْثُ (٨) : الوَثْءُ ليسَ بعَنَتٍ ، لا يَكُونُ العَنَتُ إِلّا الكَسْرَ ، والْوَثْءُ : الضَّرْبُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدَ واللَّحْمَ ويَصلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَنْ يَنْكَسِرَ.
والعَنَتُ أَيضاً : اكْتِسَاب المَأْثَمِ ، وقد عَنِتَ عَنَتاً ، إِذا اكْتَسَبَ ذلك.
وقال ابنُ الأَنْبَارِيّ : أَصْلُ العَنَتِ (٩) التَّشْدِيدُ ، فإِذا قَالتِ العَرَبُ : فُلانٌ يَتَعَنَّتُ فُلاناً ، ويُعْنِتُهُ ، وقد عَنَّتَهُ تَعْنِيتاً ، فالمُرادُ شَدَّدَ عَلَيْهِ ، وأَلْزَمَهُ بِمَا يَصعُبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ ، قال : ثم نُقِلَتْ إِلَى مَعْنَى الهَلاكِ ، والأَصلُ ما وَصَفْنَا. انتهى.
وَأَعْنَتَهُ ، مِثْلُ عَنَّتَهُ ، وقد تقدم الإِيماءُ إِلَيْهِ.
والعُنْتُوتُ بالضّمّ : يَبِيس الخَلَى بفتح فسكون (١٠) : نَبْتٌ.
وجَبَلٌ مُسْتَدِقٌّ فِي الصَّحَرَاءِ ، وعِبَارَةُ اللّسَان : جُبَيْلٌ مُسْتَدِقٌّ في السَّمَاءِ (١١) ، وقيل : هي دُونَ الحَرّةِ ، قال :
أَدْرَكْتُهَا تَأْفِرُ دُونَ العُنْتُوتْ |
|
تِلْكَ الهَلُوكُ والخَرِيعُ السُّلْحُوتْ |
وَالعُنْتُوتُ (١٢) : أَوّلُ كُلِّ شَيْءٍ ، نقله الصّاغَانيّ.
و، العُنْتُوتُ : الشَّاقَّةُ المَصْعَدِ مِن الآكَامِ ، كَالْعَنُوتِ ، كصَبُورٍ ، يقال : أَكَمَةٌ عَنُوتٌ ، إِذا كَانَتْ طَوِيلَةً شَاقَّةَ المَصْعَدِ.
__________________
(١) زيادة عن التهذيب. (٧) سورة التوبة الآية ١٢٨.
(٢) النساء الآية ٢٥. (٨) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «وقال النضر».
(٣) في التهذيب المطبوع : ووجد طولاً. (٩) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان : التعنت وانظر فيه تمام عبارة ابن الأنباري.
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : تفسير العَنَتِ. (١٠) في نسخة من القاموس : الحَلِيّ ، ومثله في التكملة.
(٥) زيادة عن التهذيب واللسان. (١١) في التكملة : جبل في الصحراء.
(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : صلب الرجل. (١٢) في التكملة بفتح العين ، ضبط قلم.