ومُسْتَدِيراً حَلْقَةً لِيُجْعَلَ فِي اليَدِ فَيُعْزَلَ بالمَدَرَةِ كعَمَّت (١٢) تَعْمِيتاً ، ورِوَايَةُ التَّشْدِيدِ عن الصّاغانيّ ، وتلكَ القِطْعَةُ عَمِيتَةٌ وج أَعْمِتَةٌ وعُمُتٌ ، بضَمَّتَيْنِ في الأَخِيرِ ، هذِهِ حكايةُ أَهل اللغة ، قال ابنُ سيده : والذي عندي أَنّ أَعْمِتَةً جَمْعُ عَمِيت الذي هو جمع عَمِيتَةٍ ، لأَنَّ فَعِيلَةً لا يُكَسَّرُ (١) على أَفْعِلَةٍ ، والعَمِيتَةُ من الوَبر كالفَلِيلَة من الشَّعَرِ ، ويقال : عَمِيتَةٌ من وَبَرٍ أَو صُوفٍ ، كما يقال : سَبِيخَةٌ من قُطْنٍ ، وسَليلَةٌ من شَعَر ، كذا في الصحاح.
وفي التهذيب : عَمَتَ الوَبَرَ والصُّوفَ : لَفَّهُ حَلْقَةً فَعَزَلَهُ ، كما يَفْعَلُه الغَزَّالُ الذي يَغْزِلُ الصُّوفَ ، فيُلْقِيهِ في يَدِه ، قال : والاسْمُ العَمِيتُ ، وأَنشد :
يَظَلُّ في الشَّاءِ يَرْعَاهَا ويَحْلُبُهَا |
|
وَيَعْمِتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ |
يقال عَمَتَ العَمِيتَ يَعْمِتُهُ عَمْتاً (٢) ، قال الشاعر :
فَظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وَرَاجِلِةٍ |
|
يُكَفِّتُ (٣) الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ |
قال : يَعْمِتُ : يَغْزلُ ، من العَمِيتَةِ ، وهي القِطْعَةُ من الصُّوفِ ، ويُكَفِّتُ يَجْمَعُ ويَحْرِصُ إِلَّا سَاعَةَ (٤) يَقْعُدُ يَطْبُخُ الهَبِيدَ ، والرَّاجِلَةُ : كَبْشُ الرَّاعِي يَحْمِلُ عليهِ مَتَاعَهُ ، وقَالَ أَبو الهَيْثَمِ : عَمَتَ فُلَانٌ الصُّوفَ يَعْمِتُه عَمْتاً ، إِذا جَمَعَه بَعْدَ ما يَطْرُقُه ويَنْفِشُه ، ثم يَعْمِته لِيَلْوِيَهُ على يَدِهِ ويَغْزِلَه بالمَدَرة (٥) ، قال : وهي العَمِيتَةُ ، والعَمَائتُ جَمَاعَةٌ.
وعَمَتَ فُلَاناً : قَهَرَهُ وكَفَّهُ يقال : فلانٌ يَعْمِتُ أَقْرَانَه ، إِذا كان يَقْهَرُهُم وَيَكُفُّهُم (٦) ، يُقَالُ ذلك في الحَرْبِ ، وجَوْدَةِ الرَّأْيِ ، والعِلْمِ بِأَمْرِ العَدُوِّ وإِثْخانِه.
أَو عَمَتَهُ ، إِذا ضَرَبَهُ بالعَصَا غَيْرَ مُبَالٍ مَنْ أَصَابَ.
والعِمِّيتُ ، كالسِّكِّيتِ : الرَّقِيبُ الظَّريفُ ، ورجل عِمِّيتٌ : ظَريفٌ جَرِيءٌ ، وقال الأَزْهَرِيّ : العِمِّيتُ : الحَافِظُ العَالِمُ الفَطِنُ ، قال :
ولا تَبَغَّ (٧) الدَّهْرَ ما كُفِيتَا |
|
ولا تُمَارِ الفَطِنَ العِمِّيتَا |
والعِمِّيتُ : السَّكْرانُ ، وَيقال : الجَاهِلُ الضَّعِيفُ ، قال الشَّاعر :
كالخُرْسِ العَمَامِيتِ
وَمَنْ لا يَهْتَدِي إِلى جِهَة.
[عنت] : العَنَتُ مُحَرَّكَةً : الفَسَادُ ، والإِثْمُ ، والهَلَاكُ والغَلَطُ ، والخَطَأُ ، والجَوْرُ ، وَالأَذَى ، وَسَيَأْتِي ، ودُخُولُ المَشَقّةِ على الإِنْسَانِ.
وقال أَبو إِسْحَاقَ الزَّجَاجُ : العَنَتُ في الُّلغَةِ : المَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ ، والعَنَتُ : الوُقُوعُ في أَمْر شَاقٍّ.
وقد عَنِتَ ، وأَعْنَتَهُ غَيْرُه. والعَنَتُ : لِقَاءُ الشدَّةِ يقال : أَعْنَتَ فلانٌ فُلاناً إِعْنَاتاً (٨) ، وفي الحديث «البَاغُونَ البَرَاءَ العَنَتَ».
قالَ ابنُ الأَثِيرِ : العَنَتُ المَشَقَّةُ ، والفَسادُ ، والهَلَاكُ ، والإِثْمُ ، والغَلَطُ ، والخَطَأُ ، والزِّنَا ، كُلّ ذلك قَدْ جَاءَ ، وأُطْلِقَ العَنَتُ عَلَيْهِ ، والحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كُلَّهَا ، والبُرَآءُ : جَمْعُ بَرِيءٍ ، وهو والعَنَتُ مَنْصُوبان ، مَفْعُولانِ للبَاغِينَ ، وقوله عزَّ وجَلَّ : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) (٩) أَي لو أَطَاعَ مثلَ المُخْبِرِ الذي أَخْبَرَه بما لا أَصْلَ لَه ، وكَانَ قد سَعَى بقَوم من العَرَبِ إِلى النَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم أَنّهم ارْتَدُّوا ، لوَقَعْتُمْ في عَنَتٍ ، أَي في فسَادٍ وهَلَاكٍ ، وفي التَّنْزِيل (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) (١٠) معنَاه : لو شَاءَ [اللهُ] (١١) لشَدَّدَ عَلَيْكُمْ وتَعَبَّدَكُمْ بِمَا يَصْعُبُ عليكُمْ أَدَاؤُهُ ، كما فَعَلَ بمن كانَ قَبْلَكُمْ. وقد يُوضَعُ العَنَتُ مَوْضِعَ الهَلَاكِ ، فيَجُوزُ
__________________
(١٢) في القاموس : كَعَمَّةَ. (٦) الأصل والتكملة ، وفي اللسان والتهذيب : ويلفهم.
(١) اللسان : لا تكسّر. (٧) عن التهذيب واللسان ، وفي الأصل «ولا تبغي».
(٢) في التهذيب واللسان : عمَّتَ العميتَ يُعَمِّتُه تعميتا.
(٣) التهذيب : يكفت. (٨) إذا أدخل عليه عنتا ، أي مشقة.
(٤) عن التهذيب واللسان ، وبالأصل «إلا ساعد» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله إلا ساعد الخ كذا بخطه والصواب إلا ساعة لأنه تفسير لقوله إلا ريث». (٩) سورة الحجرات الآية ٧.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله بالمدرة ، كذا بخطه في هذه وفيما قبلها ولتحرر». (١٠) سورة البقرة الآية ٢٢٠. (١١) زيادة عن التهذيب.