القولُ ذكرَه الأَصمعيّ في كتاب الفَرَس وقال المُبَرِّدُ : أَعوَجُ : فَرسٌ لِغَنيّ بن أَعْصُرَ رُكِبَ صَغيراً قَبْلَ أَن تَشْتَدَّ عِظَامُه فاعوَجَّت قوَائمُه ، وقيل : ظَهْرُه. وفي وَفَيات الأَعْيَانِ لابن خِلِّكان : أَنه سُمِّيَ أَعْوَجَ لأَنهم حَملوه في خُرْجٍ ، وهَربوا به لنَفاسَته عندهم ، وهم في غارةٍ شُنَّتْ عليهم ، فاعْوَجّ في ذلك الخُرْج. قال شيخُنا : وهو الذي اعتمده كثيرٌ من أَرْباب التَّواريخ.
وذَكَرَ الواحديّ في شرح ديوان أَبي الطّيّب المتنَبّي من عجائب سِيَرِ أَعْوَجَ وأَخْبَارِه أُموراً لا تَسَعُهَا العُقُولُ.
وفي كتاب الفَرْق لابن السِّيدِ (١) : الخَيْلُ المعروفةُ عند العرب بناتُ الأَعْوَجِ ولا حقٍ وبناتُ العَسْجَديّ وذي العُقّال وداحس والغَبْراءِ والجَرَادَة والحَنْفاءِ والنَّعامة والسَّماءِ وحامِل والشَّقراءِ والزَّعْفران والحَرُون ومَكْتوم والبطون والبُطَين وقُرْزُل والصَّريح والزَّبِد (٢) والوُحَيْف وعَلْوَى.
قال شيخُنا : وأُمُّ أَعْوَجَ يقالَ لها سَبَلُ ، وكانت لغَنيّ أَيضاً.
ثم ظاهرُ المصنّفِ كالجوهريّ ، وأَكثرُ اللغويين وأَرباب التصانيف في الخَيْل أَنّ أَعوجَ إِنّما هو واحدٌ. وقال جماعة : إِنهما أَعوجانِ ، هذا الذي ذكرناه ابنُ سَبَلَ ، هو أَعْوَجُ الأَصغَرُ. وأَمّا أَعْوَجُ الأَكبرُ (٣) فهو فَرَسٌ آخَرُ يقال له : العجوس وهو ولَدُ الدينارِ ، وولدَت الدينار زاد الرَّكْب فرس سُليمان بن داودَ عليهما الصّلاة والسّلام ، بقيت من الخَيْل التي خرجَت من البحر ، وكان أَعطاه لقومٍ (٤) وَفَدوا عليه وقال لهم : تَصَيَّدُوا عليه ما شِئتم ، وكانوا من جُرْهُم ، فكان لا يَفوته شيءٌ فسُمِّيَ زادَ الرَّكْب. انتهى.
والعَوْجاءُ : الضَّامِرةُ من الإِبِل ، قال طَرَفةُ :
وإِنّي لأُمْضِي الهَمّ عند احْتِضَارِهِ |
|
بعَوْجَاءَ مِرْقالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي |
ويقال : ناقَةٌ عَوْجَاءُ : إِذا عَجِفَت فاعْوَجّ ظَهْرُها والعَوْجَاءُ : اسمُ امرأَةٍ وهَضْبةٌ تُناوِحُ جَبَلَيْ طَيِّئٍ سُمِّيَتْ به لأَنّ هذه المرأَةَ صُلِبتْ عليها ، ولها حديثٌ تقدّم بعضُه في أَوّل الكتاب عند ذكر أَجإِ والعوجاءُ : فرسُ عامرِ بنِ جُوَيْنٍ الطّائِيّ ، صوابه : عَمرو بن جُوَين ، وكَوْنُ أَنّ العَوجاءَ فرسٌ له لم يَذْكروه ، وغايةُ ما يقال : إن المصنّف أَخَذه من قوله :
إِذَا أَجَأٌ تَلَفَّعتْ بشِعَابِهَا |
|
عليَّ وأَمْسَتْ بالعَمَاءِ مُكَلَّلَهْ |
وأَصْبَحَتِ العَوْجَاءُ يهتَزُّ جِيدُهَا |
|
كجِيدِ عَرُوسٍ أَصْبَحتْ مُتَبَذِّلَهْ |
وبعضُهُم يرويه لامرىء القَيْسِ فالمراد بالعَوْجَاءِ هنا أَحدُ أَجْبُلِ طيّئ لا الفرس ، فليُحرَّرْ. والعَوْجاءُ : اسمٌ لمواضِعَ منها قَرْيَةٌ بمصرَ. والعَوْجَاءُ : القَوْسُ.
وعَاجَ الشيءَ عَوْجاً وعِيَاجاً ، وعَوَّجَه : عَطَفَه. ويقال : عُجْتُه فانْعَاجَ أَي عَطَفْته فانْعَطفَ ، ومنه قول رُؤْبة :
وانْعَاج عُودِي كالشَّظِيفِ الأَخْشَنِ
وعاجَ بالمكان ، وعليه ، عَوْجاً وعَوَّجَ وتَعَوَّجَ : عَطَفَ.
وعاجَ بالمكان يَعُوجُ عَوْجاً ومَعَاجاً بالفتح : أَقَامَ به ، وفي حديث إِسماعيل عليهالسلام : «[هل] (٥) أَنتم عائِجون» ، أَي مُقِيمون ، يقال : عاجَ بالمكان ، وعَوَّجَ : أَي أَقامَ. وعاجَ غيرَه بالمكان يَعُوجُه ، لازِمٌ ، مُتَعَدٍّ ، وفي بعض النُّسَخ : لازمٌ ويَتَعَدَّى ، ومنه حديث أَبي ذَرّ : «ثم عَاجَ رأْسَه إِلى المَرْأَة ، فأَمَرَها بطعامِ» ، أَي أَمالَه إِليها والتَفَت نحوَهَا. وعاج عَلَيْه وَقَفَ. والعائج : الواقِف. وأَنشد في الصّحاح.
عُجْنَا على رَبْعِ سَلْمَى أَيَّ تَعْرِيجِ
وَضَعَ التَّعْرِيجَ موضِعَ العَوْجِ إِذا كان معناهما واحداً.
وعاجَ عنه : إِذا رَجَعَ. قال ابن الأَعْرَابيّ : فلانٌ ما يَعُوجُ عن شيْءٍ أَي ما يرْجِع عنه.
وعاجَ : عَطْفَ رَأْسَ البَعِيرِ بالزِّمامِ ، وكذا الفَرَسَ. ومنه قول لبيد :
فعاجُوا عليه مِنْ سَوَاهِمَ ضُمَّرِ
__________________
(١) في الأصل : «ابن السيلي» وما أثبتناه عن التاج مادة «فلج».
(٢) عن التاج «زبد» وبالأصل «والزبير» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله والزبير لم أجد في القاموس إلا زوبرا اسم «لعدة أفراس».
(٣) في التكملة : وأعوج الأكبر : فرس لغنيّ بن أعصر.
(٤) في القاموس (زود) : أعطاه للأزد لما وفدوا عليه.
(٥) سقطت من الأصل وزدناها من النهاية ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله أنتم ، الذي في اللسان : هل أنتم».