عَنَجِ (١) : أَي شَيْخٌ هَرِمٌ على جَمَلٍ ثَقِيل ؛ وقد تقدَّمَ : وهو أَيضاً الشَّيْخُ ، والّذِي في لُغَةِ هُذَيْلٍ : الرَّجلُ ، لُغةً في الغين المعجمة. قال الأَزهَرِيّ : ولم أَسمعه بالغين من أَحدٍ يُرْجَع إِلى عِلْمه ، ولا أَدرِي ما صِحّته (٢).
وتقول : لا بُدّ للداءِ من عِلَاجٍ ، وللدِّلاءِ من عِنَاجٍ.
العِنَاجُ ككِتَاب حَبْلٌ أَو سَيْرٌ يُشَدُّ في أَسْفَلِ الدَّلْوِ العَظِيمَةِ ثمّ يُشَدّ إِلى العَرَاقِي ـ جَمعَ عَرْقُوَةٍ ـ أَو العَرَاوِي. وقال : الأَزهريّ (٣) : العِنَاجُ : خَيْطٌ خَفِيفٌ يُشَدّ في إِحْدَى آذانِ الدّلْوِ الخفيفةِ إِلى العَرْقُوَةِ. وقيل : عِنَاجُ الدَّلْوِ : عُرْوَةٌ في أَسفلِ الغَرْبِ من باطنٍ ، تُشَدّ بوَثَاقٍ إِلى أَعلَى الكَرَبِ ، فإِذا انقَطَعَ الحَبْلُ أَمْسَكَ العِنَاجُ الدَّلْوَ أَن تَقَعَ في البِئْرِ ، وكلّ ذلك إِذا كانَت الدَّلْوُ خَفيفةً ، و[هو] (٤) إِذا كان في دَلْوٍ ثَقِيلةٍ حَبْلٌ أَو بِطَانٌ يُشَدّ تَحْتَهَا ثم يُشَدّ إِلى العَرَاقِي فيكون عَوْناً للوَذَمِ ، فإِذا انقطعَت الأَوْذَامُ أَمسكَهَا العِنَاجُ. قال الحُطيئةُ يمدحُ قوماً عَقَدُوا لجارِهِم عَهْداً فوَفَوْا به ولم يُخْفِرُوه :
قَوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لِجَارِهِمُ |
|
شَدّوا العِنَاجَ وشَدّوا فوْقَه الكَرَبَا |
وهذه أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا لإِيفائهم بالعَهْد.
والجمع أَعْنِجَةٌ وعُنُجٌ.
وقد عَنَجَ الدَّلْوَ يَعْنُجُهَا عَنْجاً : عَمِلَ لَهَا ذلِك.
والعِنَاجُ : وَجَعُ الصُّلْبِ والمَفَاصِلِ ، والأَمْرُ ومِلَاكُه ، هكذا في نُسختنا ، وهو وَهَمٌ ، والصّواب : ومن الأَمْر مِلَاكُه ؛ ومثلُه في الأَساس واللسان وغيرهما. يقال : إِني لأَرَى (٥) لأَمرِك عِنَاجاً : أَي مِلَاكاً ، مَجَازٌ مأْخوذٌ من عِنَاجِ الدَّلْوِ.
وفي الحديث : «إِن الّذين وَافَوُا الخَنْدَقَ من المُشْركينَ كانُوا ثَلاثةَ عَسَاكِرَ ، وعِنَاجُ الأَمرِ إِلى أَبي سُفْيَانَ» : أَي أَنه كان صاحِبَهُم ومُدبِّرَ أَمْرِهم والقائمَ بشُؤونهم ، كما يَحمِل ثِقَلَ الدَّلْوِ عِنَاجُها. ومن المجاز أَيضاً : هذا قولٌ لا عِنَاجَ له ، بالكسر : إِذا أُرْسِلَ بلا ، وفي نُسْخَة : على غير (٦) رَوِيَّةٍ.
وأَنشد اللّيث :
وَبَعْضُ القَوْلِ لَيْسَ له عِنَاجٌ |
|
كسَيْلِ المَاءِ لَيْسَ له إِتَاءُ |
وعن أَبي عُبَيْدٍ (٧) : العَنَاجِيجُ : جمع عُنْجُوجٍ ، كعُنْقودٍ ، جِيَادُ الخَيْلِ وقيل : الرَّائعُ منه.
وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولَمْ آتِكُمُ |
|
بعَنَاج تَهْتَدِي أَحْوَى طِمِرّ |
يُروى بعَنَاج وبعَناجِي. فمن رواه بعَنَاجٍ فإِنه أَراد بعَناجِجَ ، أَي بعَناجِيجَ ، فحذف الياءَ للضّرورةِ ، فقال بعَنَاجِجَ ، ثم حَوّلَ الجيمَ الأَخيرَةَ ياءً فصار على وَزْن جَوَارٍ ، فَنوَّنَ لنُقْصَانِ البناءِ ، وهو من مُحَوَّلِ التّضعِيفِ. ومن رواه عَنَاجِي ، جعله بمنزلةِ قولِه :
ولِضَفادِي جَمِّهِ نَقَانِقُ
أَراد عَناجِجَ (٨) كما أَراد ضَفَادِعَ.
وقد استعملوا العَنَاجِيجَ في الإِبلِ ، أَنشد ابن الأَعْرَابيّ :
إِذا هَجْمةٌ صُهْبٌ عَنَاجِيجُ زَاحَمَتْ |
|
فَتًى عِنْد جُرْدٍ طاحَ بَينَ الطَّوائحِ (٩) |
قال اللّيْث : ويكون العُنْجوجُ من النَّجَائِبِ أَيضاً ، وفي الحديث ؛ «قيل : يا رَسُولَ الله ، فالإِبِل؟ قال : تِلك عَنَاجِيجُ الشَّيَاطِينِ» أَي مَطَايَاهَا وَاحِدُها عُنْجُوجٌ ، وهو النَّجِيب من الإِبلِ. وقال ذو الرُّمّة يَصف جَوَارِيَ ، وقد عُجْنَ إِليه رُؤُوسَهنّ يوم ظَعْنِهنّ :
حَتَّى إِذا عُجْنَ من أَعْنَاقِهنّ لَنَا |
|
عَوْجَ الأَخِشَّةِ أَعناقَ العَنَاجِيجِ |
وقيل : هو الطّويلُ العُنُقِ من الإِبل والخَيل ، وهو من العَنْجِ : العَطْفِ ، وهو مَثَلٌ ضَربَه لها ، يريد أَنّها يُسْرعُ إِليها الذُّعْرُ والنِّفارُ.
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان ، وفي المحكم : شَنَج على عَنَج ، وفي اللسان (شنج) : قال : والشنج الشيخ هذلية ، يقولون : شَنَج على غَتَج.
(٢) جاء قول الأزهري معقباً على قول الأعرابي وغيره (التهذيب).
(٣) عبارة الأزهري في التهذيب : .. إذا كانت الدلو خفيفة شد خيط تحتها إلى العرقوة ، وربما شُدّ في إحدى آذانها.
(٤) زيادة عن اللسان.
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : لا أرى.
(٦) هذه عبارة الصحاح واللسان.
(٧) الأصل والصحاح ، وفي التهذيب : أبو عبيد عن الأصمعي.
(٨) عن اللسان وبالأصل «عناجيج».
(٩) قوله «جرد» في المحكم «جود» بالواو.