في مضارعها يَوْحَرُ وَيَوْهَنُ ويَوْصَبُ ، ومِثالُ الحذْف مِثل : وَزَعَ
يَزَعُ.
وربما جاءَ
الفَتْحُ والكسر في ماضِي بعض أَفعالِ هذا الباب تقول : وَلَعَ ووَلِعَ ، وَوَبَقَ
ووَبِقَ ، ووَصَبَ ووَصِبَ.
وإِنما حُذِف
الواوُ من يَسَعُ ويَضَعُ ، مع أَنها وقعتْ بين ياءٍ وفتحة لا كسرة ؛ لأَن الأَصل
فيهن الكسر ، فحُذِفت لذلك ، ثم فُتِح الماضي والمُضَارِع لوجُود حَرفِ الحَلْق ،
وحُذِفت من يَذَرُ لأَنه مَبنيّ على يَدَعُ : لشبهها به في إِماتَةِ ماضِيهما. انتهى.
وقد استطردنا
هذا الكلامَ في كتابِنَا «التّعْرِيف بضَرُورِيّ قواعِد التَّصْرِيف» ، فمن أَراد
الإِحاطةَ بهذا الفنّ فعلَيْهِ به.
وِرْثاً ، ووِرَاثَةً ، وإِرْثاً ، الأَلف منقلبة من الواو ، ورِثَةً ، الهاءُ عوضٌ عن الواو ، وهو قياسيٌّ ، بكسرِ الكُلِّ.
ويُقَال : وَرِثْتُ فُلاناً مالاً ، أَرِثُه
وِرْثاً ووَرْثاً ، إِذا ماتَ مُوَرِّثُكَ فصار مِيراثُه لك.
ووَرِثَهُ مالَه ومَجْدَه ، ووَرِثَه عنه
وِرْثاً ورِثَةً ووِرَاثَةً وإِرَاثَةً.
وأَوْرَثَه أَبُوهُ إيراثا حَسَناً.
وأَوْرَثَهُ الشيءَ أَبُوهُ ، وهم
وَرَثَهُ فلانٍ.
ووَرَّثَه تَورِيثاً ، أَي أَدخَلَه في مالِه على وَرَثَتِه ، أَو
جَعَلَه من
وَرَثَتِه.
ويقال : وَرَّثَ في مالِه : أَدخَلَ فيه مَنْ ليس مِنْ أَهلِ الوِرَاثَة.
وفي التهذيب : وَرَّثَ [الرجلُ] بني فلانٍ مالَه
تَوْرِيثاً ، وذلك إِذا
أَدخلَ على وُلْدِه ووَرَثَتهِ في مالِه من ليس منهم ، فجعل له نَصِيباً.
وأَوْرَثَ وَلَدَه : لم يُدْخِلْ أَحداً معه في مِيراثِه ، هذه عن أَبِي زيد.
ويقال : وَرَّثْتُ فلاناً من فُلانٍ ، أَي جَعلتُ مِيرَاثَه له.
وأَوْرَثَ المَيِّتُ
وَارِثَه مالَه : تَرَكَهُ
له.
قال شيخنا :
إِذا قِيلَ : وَرِثَ زيدٌ أَباهُ مالاً ، فالمالُ مفعولٌ ثانٍ إِن عُدِّيَ
إِلى مفعولينِ ، أَو بَدَلُ اشتِمَالٍ ، كسَلَبتُ زَيداً ثَوْبَه ، واقتصر
الزَّمَخْشَرِيّ في قوله تعالى : (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) على تعْدِيَته إِلى مفعولين ، وأَقَرَّه بعضُ أَربابِ
الحَوَاشِي.
والوارِثُ صفةٌ من صِفات اللهِ تعالَى ، وهو البَاقِي الدَّائِمُ
بعدَ فَنَاءِ الخَلْقِ وهو وهَوَ (خَيْرُ الْوارِثِينَ) ـ أَي يَبقَى بعد فناءِ الكُلِّ ، ويَفنَى مَن سِوَاه
فيَرجعُ ما كان مِلْكَ العِبَادِ إِليه وَحدَه لا شريكَ له.
وفي التنزيل
العزيز (يَرِثُنِي وَيَرِثُ
مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) أَي يَبْقَى بعدِي ، فيصيرُ له مِيراثي ، وقرئَ «أُوَيْرِثٌ» بالتّصْغِير.
وفي الدعاءِ النبويّ ، وهو في جَامِعِ التِّرْمِذِيّ وغيره : اللهُمّ أَمْتِعْنِي ـ هكذا في سائر الرِّواياتِ ، وفي أُخرى : مَتِّعْنِي ـ بسَمْعِي وبَصَرِي ، واجْعَلْهُ ـ كذا بإِفرادِ الضّمير ، أَي الإِمتاعَ المفهومَ مِن
أَمتع ، ورُوِيَ : واجْعَلْهُما ـ الوَارِثَ مِنّي ، فعلى رواية الإِفراد
أَي أَبْقِهِ مَعي حَتّى أَمُوتَ ، وعلى رواية التّثنية ، أَي أَبْقِهِما معي
صَحِيحَيْنِ سالِمَيْن حتى أَمُوتَ.
وقيل : أَرادَ
بقاءَهُما وقُوَّتَهما عند الكِبَرِ وانْحِلالِ القُوَى النّفسانيّة ، فيكونُ
السمعُ والبصرُ وارِثَيْ سائرِ القُوَى ، والباقِيَيْن بعدَهَا ، قاله ابنُ
شُمَيْل.
وقال غيره :
أَرادَ بالسَّمْع : وَعْيَ ما يَسْمَعُ والعَمَلَ به ، وبالبَصَرِ : الاعتبارَ بما
يَرَى ونُورَ القَلْبِ الذي يَخْرُج بهِ من الحَيْرَةِ والظُّلْمَة إِلى الهُدَى.
__________________