* ومما يستدرك عليه :
وهي تَغْزِلُ النِّكْثَ والأَنْكَاثَ ، وفي التّنْزِيل العزيز : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً) (١) واحدُهَا نِكْثٌ ، وهو الغَزْلُ من الصّوْفِ أَو الشَّعَرِ تُبْرَمُ وتُنْسَجُ (٢) ، فإِذا أَخْلَقَت النَّسِيجَةُ قُطِعَتْ قِطَعاً صِغَاراً ، ونُكِثَتْ خُيوطُها المَبْرُومةُ (٣) ، وخلُطَتْ بالصّوفِ الجَديدِ ، ونَشِبَتْ به (٤) ، ثم ضُرِبَت بالمَطَارِقِ (٥) ، وغُزِلَت ثانيةً واستُعمِلتْ ، والّذِي يَنْكُثُهَا يُقَال له نَكَّاثٌ ، ومن هذا : نَكْثُ العَهْدِ ، وهو نَقْضُه بعد إِحكامه ، كما تُنْكَثُ خُيُوطُ الصُّوف المَغْزُولة (٦) بعد إِبْرَامِه ، وفي حديث عُمَرَ (٧) : «أَنّه كانَ يَأْخُذُ النِّكْثَ والنَّوَى من الطَّرِيقِ فإِنْ مَرَّ بِدَارِ قَوْمٍ رَمَى بِهِمَا فِيها ، وقال : انْتَفِعُوا بهذا النِّكْثِ» وهو بالكسر الخَيْطُ الخَلَقُ مِن صُوفٍ أَو شَعرٍ أَو وَبَرٍ ، سُمِّيَ به لأَنّه يُنْقَضُ ثُم يُعَادُ فَتْلُه.
والنَّكِيثَةُ : الأَمْرُ الجَلِيلُ.
والنُّكَاثُ : بالضّمّ : أَنْ يَشْتَكِيَ البَعِيرُ نَكْفَتَيْهِ ، وهما عَظْمَانِ ناتِئانِ عند شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ (٨) ، وهو النُّكَافُ.
[نوث] : والنَّوْثَةُ. الحَمْقَةُ ، هكذا أَوْرَدَه ابنُ منظور ، وأَهمله المُصَنّف ، فهو مسْتَدْرك عليه وعلى الصَّاغَانِيّ.
فصل الواو
مع المثلّثة
[وثث] : * الوَثْوَثَةُ : الضَّعْفُ والعَجْزُ ، ورَجُلٌ وَثْوَاثٌ ، منه ، استدركه ابنُ مَنْظُور.
[ورث] : وَرِثَ أَبَاهُ ، ووَرِثَ الشَّيْءَ منه ، بكسرِ الراءِ ـ قال شيخُنَا : احتاجَ إِلى ضَبْطِه بلِسان القَلَم دون وَزْنٍ ؛ لأَنّه مِن مَوازِينه المشهورة ، وهو أَحد الأَفْعَال الواردة بالكسرِ في ماضِيها ومُضَارِعها ، وهي ثَمَانِيَةٌ : وَرِثَ ووَلِيَ ووَرِمَ ووَرِعَ ووَقِفَ ووَفِقَ ووَثِقَ ووَرِيَ المُخُّ ، لا تاسعَ لها ، على ما حَقَّقَه الشيخُ ابنُ مالِكٍ وغيرُه ، وإِلّا فإِن القياسَ في مكسورِ الماضي أَن يكونَ مضارِعُه بالفتح ، كفَرِحَ ، ووردت أَفعالٌ أَيضاً بالْوَجْهَيْن : الفَتْح على القِيَاس ، والكسر على الشُّذُوذ ، وهي تِسْعَةٌ لا عاشِرَ لها ، أَوردهَا ابنُ مالِكٍ أَيضاً في لامِيَّته ، وهي : حَسِب ، إِذا ظَنّ ، ووَغِرَ ووَحِرَ ونَعِمَ وَبَئِسَ ويَئِسَ ويَبِسَ ووَلِهَ ، ووَهِلَ ـ يَرِثُه ، كيَعِدُهُ قال الجوهريّ : وإِنّمَا سَقطت الواوُ من المُسْتَقْبَلِ ؛ لوقوعها بين ياءٍ وكسرة ، وهُمَا مُتجانِسَانِ ، والواوُ مُضّادَّتُهمَا فحُذِفَت ؛ لاكْتنافهِما إِيّاها ، ثم جُعِل حُكمُها مع الأَلفِ والتّاءِ والنّونِ كذلك ؛ لأَنّهن مُبدلاتٌ منها ، والياءُ هي الأَصلُ ، يَدُلُّكَ (٩) على ذلك أَنّ فَعِلْتُ وفَعِلْنَا وفَعِلْتَ مَبْنيّاتٌ على فَعِلَ ، ولم تَسقُطِ الواوُ من يَوْجَلُ ؛ لوقُوعها بين ياءٍ وفتحة ، ولم تسقط الياءُ من يَبْعِرُ ويَيْسِرُ لتَقَوِّى إِحدَى الياءَينِ بالأُخْرَى ، وأَما سُقُوطُهَا من يَطَأُ وَيَسَعُ فِلعِلَّةٍ أُخرَى مذكورةٍ في باب الهمز.
قال : وذلك لا يُوجِبُ فسادَ ما قُلنا ؛ لأَنه يَجوزُ (١٠) تَماثلُ الحُكْمَيْنِ مع اختلافِ العِلَّتين ، كذا في اللسان ، ونقله شيخنا مختصراً.
وقرأْت في بُغْيةِ الآمال لأَبِي جعفر اللَّبْلِيّ ـ قُدِّس سِرُّه ـ في باب المعتلّ : فإِن كان علَى وزن فَعِلَ بكسر العين ، فإِن مضارِعَه يَفْعَلُ بفتح العين مع ثُبوتِ الواو ؛ لعدم وُجُود العِلّة ، نحو قولهم : وَهِلَ في الشَّيءِ يَوْهَلُ ، وَولِهَت المرأَةُ تَوْلَه ، وقد شَذَّت أَفعالٌ من هذا الباب ، فجاءَ المضارعُ منها على يَفْعِلُ ، بالكسر وحذف الواو ، مثل : وَرِم يَرِمُ ، ووَرِثَ يَرِثُ ، ووَثِقَ يَثِقُ ، وغيرها.
وجاءَتْ أَيضاً أَفعالٌ من هذا الباب في مضارِعِها الوجهانِ : الكسرُ والفتح ، مع ثبوتِ الواو وحذفها ، مثال الثُّبوت : وَحِرَ يَحِرُ ، وَوَهِنَ يَهِنُ ، ووَصِبَ يَصِبُ ، فالأَجْود
__________________
(١) سورة النحل الآية : ٩٢.
(٢) زيد في التهذيب : أكسية وأخبية.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : المبرمة.
(٤) في التهذيب : وميشت به في الماء.
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : فإذا جفت ضربت بالمطارق حتى تختلط بها.
(٦) اللسان : «المغزول» ، وفي التهذيب : كما تنكث خيط النسائج بعد إبرامها.
(٧) بالأصل : «ابن عمر» وما أثبت عن النهاية.
(٨) عن اللسان ، وبالأصل «أذنه».
(٩) الصحاح : «يدل» واللسان كالأصل.
(١٠) الأصل واللسان «لا يجوز» وما أثبت عن الصحاح.