قَدْ أَخَذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ |
وموْهَبٌ مُبْزٍ (١) بِها مُصِنُّ |
وهو شاذٌّ ، مثلُ مَوْحَدٍ. وقولُه : مُبْزٍ (١) بها ، أَي : قَوِيٌّ عليها ، أَي : هو صَبُورٌ على دَفْع النَّوم ، وإِنْ كان شديدَ النُّعَاسِ. ولكِنَّ الّذِي يُفْهَمُ من عبارة المؤلِّف أَنّ الاسمَ المذكور مَوْهَبَةٌ ، بزيادة الهاءِ ، وهو خلافُ ما قالوه.
ومن المجاز المَوْهَبَةُ : غدِيرُ ماءٍ صَغِيرٌ ، وقيل : نُقْرَةٌ في الجبل ، يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ ، والجمع مَوَاهِبُ ، كذا في الصّحاح. وفي التهذيب : وأَمّا النُّقْرَةُ في الصّخرة ، فمَوْهَبَةٌ ، بفتْح الهاءِ ، جاءَ نادراً ؛ قال :
ولَفُوكِ أَطْيَبُ إِنْ بَذَلْتِ لَنَا |
من ماءِ مَوْهَبَةٍ عَلَى خَمْرِ |
أَي موضوع على خَمْر ، ممزوج بماءٍ. ونَصُّ الصّحاح :
ولَفُوكِ أَشْهَى لَوْ يَحِلُّ لَنا |
من ماءِ مَوْهَبَةٍ على شَهْدِ (٢) |
وفي الأَساس ، عندَ ذِكرِ المَوْهَبَةِ هذه ، قال : بالفَتح ، فَرَّقُوا بينَ هذه الهِبَةِ وسائرِ (٣) الهِبات ، ففتحوا فيها وكسروا في غيرها. وتُكْسَرُ هاؤُهُ ، راجِعٌ للّذي يَلِيهِ. ومثلُه في لسان العرب.
وتقول : هَبْ زَيْداً مُنْطلِقاً ، بمعْنى : احْسَبْ (٤) ، بكسر السّين وفتحها ، كذا هو مضبوطٌ في نسخة الصَّحاح ، يتعدَّى إِلى مفعولَيْنِ ، ولا يُستعملُ منه ماضٍ ولا مستقبل في هذا المعنَى. وفي المُحْكَم : وهَبْنِي فَعَلْتُ ذلك ، أَي : احْسِبُني (٥) واعْدُدْنِي ، ولا يُقَال : هَبْ أَنِّي فَعَلْتُ ذلك. ولا يُقالُ في الواجِب : وَهَبْتُكَ فَعَلْتَ ذلك ؛ لأَنّها كَلِمَةٌ وُضِعَت لِلأَمْرِ فَقَطْ. قال ابْنُ هَمّامٍ السَّلُولِيُّ.
فقُلْتُ أَجِرْنَى أَبَا خالِدٍ |
وإِلّا فَهَبْنِي امْرَأً هالِكا |
قال أَبو عُبَيْدٍ : وأَنشد المازِنيُّ :
فكُنْتُ كذِي داءٍ وأَنْتَ شِفاؤُه |
فَهبْنِي لِدائِي إِذْ مَنَعْتَ شِفائِيَا |
أَي : احسُبْنِي ، قال الأَصْمعِيُّ : تقولُ العربُ : هَبْني ذلك ، ولا يقال : هَبْ ، ولا في الواجب : قد وَهَبْتُك ، كما يُقالُ : ذَرْنِي ودَعْنِي ، ولا يقالُ : وَذَرْتُكَ.
وحكى ابنُ الأَعْرَابيّ : وَهَبَنِي اللهُ فِدَاكَ : أَي جَعَلَنِي فِداكَ ، ووُهِبْتُ فِداكَ : جُعِلْتُ فِداك. أَطْبَقَ النُّحاةُ على ذِكْرِه. وقال ابْنُ أُمِّ قاسم في أَفعال التَّصيير : منها : وَهَبَ.
وَنَقَلَ قولَ ابْنِ الأَعْرابيّ هذا. قال : ولا تُستعمَلُ إِلّا بصيغةِ الماضي. وصَرَّحَ غيرُه بأَنَّهُ قليلٌ. وقال الشّيخُ : هو مُلازِمٌ للمُضِيّ ، لِأَنّه إِنّما سُمع في مَثَلٍ ، والأَمثالُ لا يُتَصَرَّف فيها. قالهُ شيخُنا.
وفي تهذِيب الأَفعال : أَوْهَبَهُ لهُ (٦) : أَعَدّهُ. ويقال للشَّيْءِ إِذا كان مُعَدّاً عندَ الرَّجُلِ مثل الطَّعَامِ : هو مُوهَبٌ ، بفتح الهاءِ ، وأَصبحَ فُلانٌ مُوهِباً ، بكسر الهاءِ ، أَي : مُعِدّاً قادِراً.
وفي تهذيب الأَفعال : وأَوْهَبْتُكَ الطَّعَامَ والشَّرابَ : أَعْدَدْتُهما ، وأَكْثَرْتُ منهما ، وسيأْتي.
وأَوْهَبَ لك الشَّيْءُ : أَمْكَنَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ وتَنَالَهُ ، عن ابن الأَعْرَابيّ وَحْدهُ ، قال : ولم يقولوا : أَوْهَبْتُهُ لك. وهو لازمٌ ، مُتَعَدٍّ.
وَوَهْبٌ ، وَوُهَيْبٌ ، ووَهْبَانُ ، بفَتْحٍ فسكون ، ووَاهِبٌ ، ومَوْهَبٌ وقد تقدّم أَنّه كمَقْعدٍ ، قال سيبويه : جاؤوا به على مَفْعَلٍ ، لأَنّه اسمٌ ليس على الفِعْل ، إِذْ لو كان على الفِعْل ، لكان مَفْعِلاً (٧) ، فقد يكون ذلك ، لِمَكَان العَلَمِيَّة ؛ لِأَنّ الأَعْلام ممّا تُغَيَّرُ [عَن] (٨) القِياس : أَسْمَاءُ رجال مُحَدِّثينَ وعُلَماءَ وأُدباءَ.
__________________
(١) في الأصل «مبر» وما أثبتناه عن اللسان ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله مبر كذا بخطه في الموضعين والصواب «مبز» بالزاي المعجمة كما في الصحاح ، قال فيه في مادة بزا : وأبزى فلان بفلان إِذا غلبه وقهره وهو مبز بهذا الأمر أي قوي عليه ضابط له اه».
(٢) ومثله في التهذيب والأساس.
(٣) الأساس : وبين سائر الهبات.
(٤) في اللسان : احسُبْ بضم السين ضبط قلم ، وفي نسخة الصحاح المطبوعة أهمل ضبط السين.
(٥) ضبط القاموس : بضم السين وكسرها.
(٦) في نسخة من القاموس : لك.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله مفعلا أي بكسر العين كما في ضبطه شكلا».
(٨) زيادة عن القاموس.