الرَّجُلِ الذَّلِيلِ المُسْتَضْعَف : «أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقَاءٌ مُرَوَّبٌ» وظَلَمْتُ السِّقَاءَ إِذا سَقَيْتَه قبلَ إِدْرَاكِهِ.
والرَّوْبَةُ ، وتُضَمُّ الفَتْحُ عن كراع : خَمِيرَةٌ تُلْقَى في اللَّبَنِ من الحامِضِ لِيَرُوبَ ، وهذا أَصلُ معنَى الرَّوْبَة ، وقد ذَكَرَ لها المصنفُ نحو اثْنيْ عشَرَ مَعْنىً ، كما يأْتي بيانُهَا ، وهذا أَحَدُهَا ، وقيلَ الرَّوْبَة : خَمِيرُ اللَّبَنِ الذي فيه زُبْدُه ، وإِذا أُخْرِجَ زُبْدُه فهو رَائِبٌ (١) أَوْ بَقِيَّةُ اللَّبَنِ المُرَوَّبِ ، ومن المجاز : الروبَةُ بالضَّمِّ والفَتْحِ عن اللّحْيَانيّ : جِمَامُ مَاءِ الفَحْلِ ، وقيلَ : هو اجْتِمَاعُه أَو هو مَاؤه في رَحِمِ الناقَةِ ، وهو أَغْلَظُ مِنَ المَهَاةِ وأَبْعَدُ مَطْرَحاً ، وقال الجوهريّ : رُوبَةُ الفَرَسِ مَاؤُهُ في جِمَامِهِ ، يقال (٢) : أَعِرْنِي رُوبَةَ فَرَسِكَ ، ورُوبَةَ فَحْلِكَ ، إِذا اسْتَطْرَقْتَهُ إِيَّاهُ ، ومن المجاز الرُّوبَةُ الحَاجَةُ ، وَمَا يَقُومُ فلانٌ برُوبَةِ أَهْلِهِ أَي بشَأْنِهِمْ وصَلَاحِهِمْ ، وقيل أَي بما أَسْنَدُوا إِليه من حَوَائِجِهِم ، وقيلَ : لا يقومُ بقُوتِهِم ومُؤْنَتِهِم ، قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ المَعْمَرُ بنُ مُثَنًّى : قال لي الفَضْلُ بنُ الرَّبِيعِ ، وقد قَدِمْتُ عليه : أَلَكَ وَلَدٌ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَال : مَالَكَ لَمْ تَقْدَمْ بِهِ مَعَكَ؟ قُلْتُ خَلَّفْتُهُ يَقُومُ بِرُوبَةِ أَهْلِهِ ، قالَ : فَأَعْجَبَتْهُ الكَلِمَةُ ، وقال : اكْتُبُوهَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قالَه شيخُنا ، والرُّوبَةُ : قِوَامُ العَيْشِ والرُّوبَةُ مِنَ الأَمْرِ : جمَاعُهُ بِضَمِّ الجِيمِ ، تقولُ : مَا يَقُومُ بِرُوبَةِ أَمْرِهِ أَيْ بِجِمَاعِ أَمْرِهِ ، كَأَنَّهُ من رُوبَةِ الفَحْلِ ، فهو مجازٌ ، ومن المجاز : الرُّوبَةُ : القِطْعَة ، وفي غيره من الأُمَّهَاتِ : الطَّائِفَةُ مِنَ اللَّيْلِ ، في لسان العرب : ومنه رُوبَةُ بنُ العَجَّاجِ فِيمَنْ لَا يَهْمِزُ لِأَنَّهُ وُلدَ بَعْدَ طَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ وفي التهذيب : رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ مَهْمُوزٌ ، وقِيلَ : الرُّوبَةُ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ، وقيل : مَضَتْ رُوبَةٌ مِن الليل ، أَي ساعَةٌ وَبَقِيَتْ رُوبَةٌ مِنَ اللَّيْلِ كذلك ، يقال : هَرِّقْ (٣) عَنَّا مِنْ رُوبَةِ اللَّيْل والرُّوبَةُ القِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ يقال : قَطِّعِ اللَّحْمَ رُوبَةً رُوبَةً ، أَي قِطْعَةً قِطْعَةً ، والرُّوبَةُ : كَلُّوبٌ يُخْرَجُ بِهِ الصَّيْدُ مِنْ جُحْرِهِ وهُوَ المِحْرَشُ ، عَنْ أَبِي العَمَيْثَلِ والرُّوبَةُ : الفَقْرُ قاله ابنُ السِّيدِ والصاغانيّ (٤) ، والرُّوبَةُ : شَجَرَةُ (٥) النُّلْكِ بكَسْرِ النُّونِ وضَمِّهَا ، ويأْتِي للمؤلف ، وفَسَّرَه ابن السِّيدِ بِشَجَرَةِ الزُّعْرُورِ ، ومن المجاز الرُّوبَة : التَّخَثُّرُ (٦) ، الكَسَل مِنْ كَثْرَةِ شُرْبِ اللَّبَنِ والتَّوَانِي ، والرُّوبَة : المَكْرُمَة مِنَ الأَرْضِ الكَثِيرَةُ النَّبَاتِ والشِّجَرِ ، هيَ أَبْقَى الأَرْضِ كَلأً ، وهذَا الأَخِيرُ قد نقله الصاغانيّ ، قال : ويُهْمَز ، قِيلَ ، وبِهِ سُمِّيَ رُؤبَة بن العَجَّاجِ ، وقال شُرَّاح الفَصِيحِ ، على ما نَقَلَه شيخنَا : يَجُوز أَنْ يَكونَ منقولاً من هذه المَعَانِي كلِّهَا بِلَا مَانِعٍ وتَرْجِيحُ هَذَا أَوْ غَيْرِه تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ ، وهُوَ ظَاهِرٌ إِلَّا أَنْ يَكونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يَسْتَنِدُ إِليه ، انتهى ، فهذه اثْنَا عَشَرَ مَعْنىً ، وزَادَ ابن عُدَيْس : والرُّوبَة : بَقِيَّة اللَّبَنِ المُرَوَّبِ ، وهذا قد ذَكَرَهُ المؤلف بأَوْ لِتَنْوِيعِ الخِلَافِ ، وفي المَثَلِ «شُبْ شَوْباً لَكَ رُوبَتهُ» كَمَا يُقَال : احْلُبْ حَلَباً لَك شَطْرُهُ ، وزَادَ الجَوْهَرِيّ : والرُّوبَة مِنَ الرَّجُلِ : عَقْلهُ ، قال ابن الأَعْرَابيّ : تَقول : وهُوَ (٧) يُحَدِّثنِي ، وأَنَا إِذْ ذَاكَ غُلَامٌ لَيْسَتْ لِي رُوبَةٌ ، والرُّوبَة : اللَّبَن الذي فيه زُبْدُه ، والرُّوبَة أَيضاً : اللَّبَن الذي نُزعَ زُبْدُه ، كذا قال أَبُو عُمَرَ المُطَرِّز ، ونَقَلَهُ شيخنا.
قلْت : فَهُمَا ضِدٌّ ، والرُّوبَة إِصْلَاح الشَّانِ والأَمْرِ ، عنِ ابنِ الأَعْرَابِيّ ، وقالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ : الرُّوبَة : المَشَارَة ، وهي السَّاقِيَة ، نَقَلَهُ شيخنا ، والرُّوبَة مِنَ القَدَحِ : مَا يُوصَل بِهِ ، والجَمْع رُوَبٌ ، كذا في لسان العرب.
قلْت : وهو قِطْعَةٌ مِنْ خَشَبٍ تُدْخَل في الإِنَاءِ المُنْكَسِرِ لِيُشْعَبَ بِهَا ، حَكَاهَا ابن السِّيدِ ، وهي مَهْمُوزَةٌ (٨) ، وقال أَبو زيد : إِنْ كَانَ في الرَّحْلِ كَسْرٌ ورُقِعَ فَاسْم تِلْكَ الرُّقْعَةِ رُوبَةٌ ، والرُّوبَة : الدُّرْدِيُّ ، في حديثِ البَاقِرِ «أَتَجْعَلُونَ فِي النَّبِيذِ الدُّرْدِيَّ؟ قِيلَ : وَمَا الدُّرْدِيُّ؟ قَالَ : الرُّوبَة ، وفي الأَساس : ومن المَجَازِ : الرُّوبَة مِنَ الفَرَسِ : بَاقِي القوَّةِ عَلَى الجَرْيِ فهذه عَشَرَةُ مَعَان اسْتَدْرَكْنَاهَا على المُؤَلِّفِ ، وَمَنْ طَالَعَ أُمَّهَاتِ اللُّغَةِ وَجَدَ أَكْثَرَ مِنْ ذلكَ.
__________________
(١) في اللسان : فهو روبٌ ويسمى أيضاً رائباً ، بالمعنيين.
(٢) في الصحاح : تقول.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله هرق فسره في الأساس بقوله اكسر.»
(٤) وابن فارس في المجمل.
(٥) اللسان : شجر.
(٦) اللسان : التحيّر.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وهو يحدثني الذي في الصحاح هو بلا واو».
(٨) في المجمل : والرُّؤبة بالهمزة خشبة يرأبُ بها القعب ، أي : يُشدُّ.