أَغانِيهَا. وفي الحديثِ (١) : «لو نَصَبْتَ لَنَا نَصْبَ العَرَبِ»؟
أَي : لو تَغَنَّيْتَ. وفي الصَّحاح : أَي لو غَنَّيْتَ لنا (٢) غِناءَ العَرَبِ. ويقالُ نَصَبَ الحادِي : حَدَا ضَرْباً من الحُدَاءِ.
وقال أَبو عَمْرٍو : النَّصْبُ : حُداءٌ يُشْبِهُ الغِنَاءَ. وقالَ شمِرٌ : غِناءُ النَّصْبِ : ضرْبٌ من الأَلْحان (٣). وقيل : هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِيد ، وأُقِيمَ لَحْنُهُ [ووَزْنُهُ] (٤) كذا في النّهَاية. وزاد في الفائق. وسُمِّيَ بذلك ، لأَنَّ الصَّوْتَ يُنْصَبُ فيه ، أَي : يُرْفَع ويُعْلَى.
ونَصَبَ لَهُ الحَرْبَ ، نَصْباً : وضَعَهَا ، كناصَبَهُ الشَّرَّ ، على ما يأْتي. وعن ابْنِ سيدَهْ : كُلُّ ما ، أَي : شَيْءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ بِهِ شَيْءٌ ، فقد نُصِبَ ، ونَصَبَ هُوَ. كذا في المحكم.
والنَّصْبُ ، بالفتح : العَلَمُ المَنْصُوبُ يُنْصَبُ للقَوم ، وقد يُحَرَّكُ. وفي التَّنْزِيل العَزِيزِ (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (٥) قُرِئ بِهِما جَمِيعاً. وقال أَبو إِسحَاق. ومن قَرَأَ إِلى نَصْبٍ ، فمعناه إِلى عَلَم منصوب ، يَسْتَبِقُون (٦) إِليه ، ومَنْ قرأَ (إِلى نُصُبٍ) ، فمعناه إِلى أَصنام ، كما سيأْتي. وقيلَ : النَّصْبُ : الغَايَةُ ، والأَوّلُ أَصحُّ.
وعن أَبي الحَسَن الأَخْفَشِ : النَّصْبُ فِي القَوَافِي هو أَنْ تَسْلَمَ القافِيةَ من الفَسَادِ ، وتكونَ تامَّةَ البِنَاءِ فإِذا جاءَ ذلك في الشَعْر المَجْزُوء لم يُسَمَّ نَصْباً ، وإِن كانت قافيتُه قد تَمَّتْ.
قال : سَمِعْنَا ذلك من العربِ ، قال : وليس هذا مِمَّا سَمَّى الخَلِيلُ ، إِنَّما تُؤْخَذ (٧) الأَسماءُ عن العرب ، انتهى كلامُ الأَخفش.
ولمّا ظنَّ شيخُنَا أَنَّ هذا مِمّا سمّاه الخَلِيلُ عاب المُصنِّف ، وسدَّد إليه سهم اعتراضِه ، وذا غيرُ مناسبٍ. وقال ابْنُ سِيدَهْ ، عن ابْنِ جِنِّي : لمّا كان معنى النَّصْبِ من الانتصاب ، وهو المُثُولُ والأَشرافُ والتَّطَاوُلُ ، لم يُوقَعْ على ما كان من الشّعر مَجْزُوءًا.
لأَنَّ جَزْأَهُ عِلَّةٌ وعيبٌ لَحِقَهُ ، وذلك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُلِ. كذا في لسان العرب.
وهُو أَي النَّصْبُ في الإِعْرَابِ ، كالفتْحِ في البِنَاءِ. وهو اصطِلَاحٌ نَحْوِيّ (٨) ، تقولُ منه : نَصَبْتُ الحَرْفَ ، فانْتصَبَ وغُبَارٌ مُنْتَصِبٌ : مُرتفِعٌ.
وقال اللَّيْثُ : النَّصْبُ : رفْعُك شيئاً تَنْصِبُه قائماً مُنْتَصِباً.
والكَلمة المنصوبةُ ترفَعُ صوْتَها إِلى الغَار (٩) الأَعلَى.
وكلُّ شَيْءٍ انتصب بشَيْءٍ ، فقد نَصبهُ.
وفي الصَّحاح : النَّصْبُ : مصدرُ نَصَبْتُ الشَّيْءَ : إِذا أَقَمْتَه.
وصفِيحٌ مُنَصَّبٌ : أَي نُصِب بعضُهُ على بعض.
وعن ابْن قُتيْبَةَ : نَصْبُ العربِ : ضَرْبٌ من مَغانِيها ، أَرَقُّ من الحُدَاءِ ، ومثلُهُ في الفائق ، وقد تقدّمَ بيانهُ.
وقولُ شيخِنا : إِنّه مُستدرَكٌ ، أَغنَى عنه قولُه السّابقُ : «والحادي ، إِلى آخرِه» ، فيهِ ما فيهِ ، لأَنّهما قولانِ ، غيرَ أَنّه يُقَال : كانَ المُنَاسِبُ أَن يَذكرَهُمَا في محلٍّ واحدٍ ، مراعاةً لطريقته في حُسْنِ الاختصار.
والنُّصُبُ ، بِضَمَّتَيْنِ : كُلُّ ما نُصِبَ ، وجُعِلَ عَلَماً ، كالنَّصِيبَةِ. قيل : النُّصُبُ جمعُ نَصِيبَةٍ ، كسَفينةٍ وسُفُنٍ ، وصَحِيفَةٍ وصُحُفٍ. وقال اللَّيْثُ : النُّصُبُ : جماعةُ النَّصِيبةِ ، وهي عَلامةٌ تُنْصَبُ للقوم.
قال الفَرّاءُ : واليَنْصُوبُ : عَلمٌ يُنْصَبُ في الفَلاةِ.
والنُّصُبُ : كُلُّ ما عُبِدَ من دُون الله تَعَالى ، والجمعُ النَّصائِبُ (١٠). وقال الزَّجّاجُ : النُّصُبُ : جمعٌ ، واحدُهَا نِصابٌ. قال : وجائزٌ أَن يكونَ واحداً ، وجمعُه أَنصابٌ.
__________________
(١) في النهاية : ومنه حديث نائل مولى عثمان : فقلنا لرباح بن المعترف : لو ..»
(٢) في الصحاح : لو غنيتنا.
(٣) هذه عبارة الصحاح ، وفي اللسان : قال شمر : غناء النصب هو غناء الركبان.
(٤) زيادة عن النهاية.
(٥) سورة المعارج الآية ٤٣.
(٦) عن اللسان ، وفي الأصل : يسبقون.
(٧) عن اللسان ، وفي الأصل : يأخذ.
(٨) اللسان : وهو من مواضعات النحويين.
(٩) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله إلى الغار الأعلى كذا بخطه ولعل الصواب ، الفك الأعلى. فليحرر».
(١٠) في اللسان : والجمع : أنصاب.