* ومما يُستدرَكُ عليه : الكَهْكَبُ : المُسِنُّ الكَبِيرُ.
فصل اللام
مع الباءِ
[لبب] : أَلَبَّ بالمكانِ ، إِلْباباً : أَقَام به ، كَلَبَّ ثُلاثِيّاً ، نقلَها الجَوْهَرِيُّ ، عن أَبي عُبَيْدِ ، عن الخَلِيل.
وأَلَبَّ على الأَمْرِ : لَزِمَهُ فلم يُفَارِقْه.
ومنه قولُهم : لَبَّيْكَ ، ولَبَّيْه. أَيْ : لُزُوماً لِطَاعَتِك. وفي الصَّحاح : أَي أَنا مُقِيمٌ على طاعَتِك ؛ قال :
إِنَّكَ لَوْ دَعَوْتَنِي ودُونِي |
زَوْرَاءُ ذاتُ مَنْزَع بَيُونِ |
|
لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لِمن يَدْعُونِي |
أَصلُه : لَبَّيْتُ ، من أَلَبَّ بالمكان ، فأُبدلت الباءُ ياءً لأَجْل التضعيف. وقال سِيبَوَيْهِ : انْتَصَبَ لبَّيْكَ ، على الفِعْل ، كما انتصبَ سُبْحَانَ اللهِ. وفي الصَّحاح : نُصِبَ على المصدر ، كقولك : حَمْداً للهِ وشُكْراً ، وكان حقُّه أَنْ يُقال : لَبّاً لك ، وثُنِّيَ (١) ، على معنى التّوكيد (٢) ، أَي : إِلْباباً بك بَعْدَ إِلْبابِ ، وإِقامةً بعدَ إِقامةِ. وقال الأَزهريّ : سمِعْتُ أَبا الفَضْلِ المُنْذِرِيَّ يقولُ : عُرِضَ على أَبي العبّاس ما سَمعْتُ من أَبي طالب النحْوِيّ في قولهم : لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ ، قال : قالَ الفَراءُ : معنى لَبَّيْكَ إِجابَةً لك بَعْدَ إِجابَةٍ ؛ قال : ونَصبه على المصْدر. قال : وقال الأَحمرُ : هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكانِ ، وأَلَبَّ به. إِذا أَقامَ ، وأَنشد :
لَبَّ بأَرْضٍ ما تخَطَّاها الغَنَمْ
قال : ومنه قول طُفَيْل :
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ وَرهْطِهِ |
وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُرُوجِ وتَجْلُبُ |
أَي : تُلَازِمُها وتُقِيمُ فيها. وقيلَ : معناه : أَي تَحْلُبُ الِّلبَأَ وتَشْرَبُهُ ، جعَلَه من اللِّبَإِ ، فترك الهمزَ ، وهو قولُ أَبي الهَيْثَمِ. قال أَبو المنصور (٣) : وهو الصَّواب (٤). وحكى أَبو عُبَيْدٍ ، عن الخليل أَنّه قال : أَصله من : أَلْبَيْتُ بالمكانِ ، فإِذا دعا الرَّجُلُ صاحبَهُ ، أَجابَه : لَبَّيْكَ ، أَي : أَنا مُقِيمٌ عندَك ؛ ثُمَّ وَكّدَ ذلك بلَبَّيْك ، أَي : إِقامةً بعدَ إِقامة. أَو معناه : اتِّجَاهِي إِليك ، وقَصْدِي ، لَكَ ، وإِقبالي على أَمْرِك. مأْخوذٌ منْ قولهم : دارِي تَلُبُّ دَارَهُ ، أَي : تُوَاجِهُها وتُحاذِيها ويكونُ حاصلُ المعنى : أنا مُوَاجِهُك بما تُحبُّ إِجابةً لك ، والياءُ لِلتَّثْنيَة ، قاله الخَليل ، وفيها دليل على النَّصب للمصدر. وقال الأَحمرُ : كان أَصله (٥) لَبَّب بِكَ ، فاستقَلُوا ثلاثَ باءَات ، فقلَبُوا إِحداهُنَّ ياءً ، كما قالُوا : تَظَنَّيْتُ ، منَ الظنّ ، أَو مَعْنَاهُ : مَحَبَّتِي لَكَ ، وإِقبالي إليك ، مأْخوذ مِن قولهم : امْرَأَةٌ لَبَّةٌ ، أَي : مُحِبَّةٌ عاطِفةٌ لِزَوْجِها ، هكذا في سائر النُّسَخ. والّذي حُكِيَ عن الخليل في هذا القَوْل : أُمُّ لَبَّةٌ ، بدل امْرَأَة ، ويدُلُّ على ذلك ، ما أَنشدَ :
وكنتم كَأُمٍّ لَبَّةِ طَعَنَ (٦) ابْنُها |
إِلَيْهَا فما دَرَّتْ عليهِ بساعِدِ |
وفي حديث الإِهلال بالحجّ : «لَبَّيْكَ الّلهُمَّ لَبَّيْكَ» هو من التَّلْبِيَة ، وهي إِجابةُ المُنَادِي ، أَي : إِجابَتِي لك يا رَبِّ ، وهو مأْخُوذٌ ممَّا تقدَّم ؛ أَو مَعْنَاهُ : إِخلاصي لَكَ مأْخُوذٌ مِنْ قولهم : حَسَبٌ لُبَابٌ ، بالضَّمّ ، أَي : خالصٌ مَحْضٌ ، ومنه : لُبُّ الطَّعام ، ولُبَابُهُ. وفي حديثِ عَلْقَمَةَ «أَنّه قالَ للأَسْودِ : يا أَبا عَمْرٍو : قال : لَبَّيْكَ ، قال : لَبَّى يَدَيْكَ».
قال الخَطّابِيُّ : معناهُ سَلِمَتْ يَدَاكَ وصَحَّتَا ، وإِنَّمَا تَرَك الإِعرابَ في قَوْله : يَدَيْكَ ، وكان حقُّه أَن يقولَ : يَداك ، ليَزْدَوِجَ (٧) يَدَيْكَ بلَبَّيْكَ.
وقال الزِّمَخْشرِيُّ : معنى لَبَّى يَدَيك ، أَي : أُطِيعُك ، وأَتَصرَّفُ بإِرادَتِك ، وأَكونُ كالشَّيْءِ الذّي تُصَرِّفُهُ بيَدَيْك كيفَ شِئْتَ.
واللِّبُّ ، بالفَتْح : الحادِي اللّازِمُ لِسَوْقِ الإِبِل ، لا يَفْتُرُ عنها ولا يُفَارِقها.
__________________
(١) كذا في الصحاح واللسان ، وفي المطبوعة الكويتية : وثَنَّى.
(٢) في الصحاح : التأكيد ، وفي اللسان فكالأصل.
(٣) في اللسان : أبو منصور.
(٤) يعني قول أبي الهيثم ، لقوله بعده : وتحلب.
(٥) في اللسان : كأن أصل لبّ بك ، لبب بك.
(٦) في النهاية (لبب) : ظعن ، ونراها أصوب.
(٧) كذا بالأصل واللسان ، وفي النهاية : لتزدوج.