حَصَرُوا ألفاظَهُ في نحوِ أَربعةٍ ، ويُستدرَكُ عليه هذا. قالَهُ شيخُنا. والمَكْذُوبَة ، مؤنَّثَةٌ ، وهو أَقلُّ من المُذَكَّر ، والمَكْذَبَةُ على مَفْعَلَةٍ ، مَصدرٌ مِيميٌّ ، مَقِيسٌ في الثُّلاثيّ ، رواه ابْنُ الأَعْرابِيّ ، والكاذِبَةُ ، والكُذْبَانُ ، والكُذَابُ ، بضمِّهما : كلّ ذلك بمعنى الكَذِب. قال الفَرّاءُ ، يُحْكَى (١) عن العرب : إِنّ بَنِي نُمَيْرٍ ، ليس لهم مَكذوبةٌ. وفي الصَّحِاح : وقولُهم إِنَّ بني فُلانٍ ليس لِجَدِّهم (٢) مَكذوبة ، أَي : كَذِبٌ. قَلتُ. وحكاه عنهم أَبو ثَرْوانَ ، وقالَ الفَرّاءُ أَيضاً في قوله تعالَى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٣) أَي : ليس لها مَردودٌ (٤) ، ولا رَدٌّ. فالكاذبة هُنا مصدر. وقال غيرُهُ : كَذَبَ كاذِبَةً ، وعافاهُ اللهُ عافِيَةً ، وعاقَبَه عاقِبَةً ، أَسماءٌ وُضِعتْ مَوَاضعَ المصادرِ ، ومثلُهُ في الصَّحِاح. ويقالُ : لا مَكْذَبة ، ولا كُذْبَى ، ولا كُذْبَانَ ، أَي : لا أَكْذِبُكَ. وفي شرح الفصيح ، لأَبي جَعْفَرٍ اللَّبْلِيّ : لا كُذْبَ لك ، ولا كُذْبَى ، بالضَّمّ ، أَي : لا تَكْذِيبَ. فزادَ على المُؤَلِّف بِناءً واحداً ، وهو الكُذْبُ ، كقُفْلٍ. وقوله [تعالى] : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) (٥) ، أَي : صاحِبُها كاذِبٌ ، فأَوْقَع الجُزءَ مَوْقِعَ الجُملةِ.
وأَكْذَبَه : أَلْفاهُ أَي : وجَدَه كاذِباً ، أَو قال له : كذَبْتَ.
وفي الصَّحِاح : أَكْذَبْتُ الرَّجُلَ : أَلْفَيتُه كاذِباً. وكَذَّبْتُهُ ، إِذا قُلْتَ له : كَذَبْتَ. وقال الكِسائيُّ : أَكْذَبْتُه : إِذا أَخبرتَ أَنّه جاءَ بالكَذِبِ ورَوَاهُ ، وكَذَّبْتُهُ : إِذا أَخبرتَ أَنَّهُ كاذبٌ (٦).
وقال ثعلب : أَكْذَبَه ، وكَذَّبَه ، بمعنًى. وقد يكونُ أَكْذَبَهُ بمعنَى حَمَلَهُ على الكَذِبِ ، وقد يكونُ بمعنَى بَيَّنَ كَذِبَهُ ، وبمعنَى وَجَدَهُ كاذباً ، كما صرّح به المُؤَلِّفُ.
ومن المَجَاز ، عن أَبِي زيد : الكَذُوبُ ، والكَذُوبَةُ : من أَسماءِ النَّفْسِ ، وعلى الأَوَّل اقتصرَ جماعةٌ. قال :
إِنِّي وإِنْ مَنَّتْنِيَ الكَذُوبُ |
لَعالِمٌ أَنْ أَجَلِي قَرِيبٌ |
وكُذِبَ الرجُلَ ، بالضمّ والتخفيف : أُخْبِرَ بالكَذِبِ.
والكَذّابانِ : هما مُسَيْلِمَةُ ، مُصَغَّراً ، ابن [ثمامة بن كبير بن حبيب] (٧) الحَنَفِيُّ من بني حَنِيفةَ بْنِ الدُّولِ ، والأَسْودُ بْنُ [كَعْبٍ] (٨) العَنْسِيّ ، من بني عَنْس ، خَرَجَ باليَمَن.
ومن المَجَاز ، عن النَّضْر ، يقال : النّاقَةُ الَّتي يَضْرِبُها الفَحْل ، فتشُولُ ، ثَمَّ تَرْجِعُ حائلاً : مُكَذِّبٌ ، وكاذِبٌ ، بلا هاءٍ. وقد كَذَبَتْ ، بالتّخفيف ، وكَذَّبَتْ ، بالتَّشديد.
وعن أَبي عَمْرو : يُقَالُ لِمَنْ يُصاحُ به ، وهو ساكتٌ يُرِي أَنَّهُ نائمٌ : قد أكْذَبَ الرَّجُلُ. وهو الإِكْذابُ بهذا المعنى ، وهو مَجاز أَيضاً.
وعن ابنِ الأَعْرَابيّ : المَكْذُوبَة : المَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ.
والمذكوبةُ : المَرْأَةُ الصّالحَةُ ، وقد تقدَّم.
وكَذَّابُ بَنِي كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ : هو خَبّابُ بالمُعْجَمة والمُوَحَّدةِ والتّشديد ، وفي نسخة : جَنابٌ ، بالجيم والنّون والتّخفيف بْنُ مُنْقِذ بْنِ مالِكٍ. وكَذَّابُ بَنِي طابِخَةَ ، وهو من كَلْبٍ أَيضاً.
وكذلك كَذَّابُ بَنِي الحِرْمازِ واسْمُهُ عبدُ اللهِ بْنُ الأَعْوَرِ.
والكَيْذُبانُ المُحَارِبيّ ، بضم الذّال المُعْجَمة ، واسْمُهُ عَدِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ بذاوةَ : شُعَراءُ معروفونَ.
ومن المَجَاز : كَذَبَ ، قد يَكُون بمعنى وَجَبَ ، ومنه حديث عُمَرَ ، رضياللهعنه كَذَبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ ، كَذَبَ عليكم العُمرَةُ كَذَب عَلَيْكمُ الجِهَاد ، ثلاثةُ أَسْفَار كَذَبْنَ عَلَيْكُمْ فقيل : إِنّ معناها وَجَبَ عليكم. أَو أَنّ المُرَادَ بالكَذِب التَّرغيبُ والبَعْثُ من قولهم : كَذَبَتْه نَفْسُه : إِذا مَنَّتْهُ الأَمَانِيِّ بغيرِ الحَقّ ، وخَيَّلَتْ إِلَيْهِ منَ الآمالِ البعيدةِ ما لا يَكادُ يَكُونُ ، ولذلك سُمِّيَتِ النَّفْسُ : الكَذُوبَ ، كما تقدّم.
وذلك مِمّا (٩) يُرَغِّبُ الرجُلَ في الأُمور ، ويبعَثُهُ على التَّعرّض لها. قال أَبو الهَيْثَم في قول لَبِيدٍ :
__________________
(١) في المطبوعة الكويتية : «يحكي» وما أثبتناه يوافق اللسان.
(٢) كذا بالأصل والصحاح ، وفي اللسان «لحدهم بالحاء المهملة» وأشار إلى ذلك بهامش الصحاح المطبوع.
(٣) سورة الواقعة الآية ٢.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «مردودة» وفي المطبوعة الكويتية «مردودة» كلاهما تصحيف.
(٥) سورة العلق الآية ١٦.
(٦) يعني أن من طبيعته الكذب.
(٧) بياض بالأصل ، وما أثبتناه عن جمهرة ابن الكلبي.
(٨) بياض بالأصل ، وما أثبتناه عن جمهرة ابن حزم واسمه عبهلة بن كعب.
(٩) في الفائق : ما.