حُمَيْد عَنِ ابْنِ سِيرِين ، وقيل غيرُ ذَلِك ، كما في شَرْح المَوَاهِب. وفي الرَّوْضِ الأُنُف : مَعْنَى العَرُوبَةِ الرَّحْمَة ، فيمَا بَلَغَني عن بعض أَهل العلم ، انتهى ما نقلناه من حاشية شيخنا. قلت : والذي نص السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ الأُنْف : كعبُ بنُ لُؤَيّ جَدُّ سَيِّدنَا رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوسلم أَوّلُ من جَمَّع يوم العَرُوبَة ، ولم تُسَمَّ العَرُوبَةَ إِلّا مُذْ جَاءَ الإِسْلَامُ ، وهو أَوّلُ من سَمّاهَا الجُمُعَة ، فكَانَتْ قُرَيشٌ تَجْتَمِع إِليه في هَذَا اليَوْم فيَخْطُبُهم ويُذَكِّرُهُم بمَبْعَثِ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم ويُعْلِمُهُم أَنَّه مِن وَلَده ، ويَأْمرُهم باتِّبَاعه والإِيمانِ بِه ويُنْشِد في هَذَا أَبْيَاتاً مِنْهَا :
يَا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحواءَ دَعْوَتِهِ |
إِذَا قُرَيْشٌ تَبغّي الخَلْقَ خِذْلَانَا |
وابْنُ العَرُوبَة : رَجُلٌ مَعْرُوف.
وفي الصَّحَاح ابْنُ أَبِي العَروبَةِ بِالَّلام وتَرْكُهَا أَي الأَلف واللَّام لَحْنٌ أَو قَلِيلٌ قال شيخُنا : وذَهَب بعضٌ إِلى خلافِه وأَنَّ إِثْبَاتَهَا هُوَ اللَّحْن لأَنَّ الاسمَ وُضِع مُجَرَّداً.
وعَنِ ابْنِ الأَعْرَابِي العَرَابَات مُخَفَّفَةً وَاحِدَتُهَا عَرَابَةٌ وهي شُمُلُ ، بضمتين ، ضُرُوعِ الغَنم ، وعَامِلُهَا عَرَّابٌ ، كشدَّاد.
وعَرِبَ ، كفَرِحَ ، الرجلُ عَرَباً وعَرَابَةً إِذَا نَشِط. وعَرِب السَّنَامُ عَرَباً إِذَا وَرِم وَتَقَيَّحَ.
وعَرِب الجُرْحُ عَرَباً وحَبِطَ حَبَطاً : بَقِيَ أَثَرُه فيه (١) بَعْدَ البُرْءِ ونُكْسٌ وغُفْر. وعَرِبَ الجُرْحُ أَيضاً إِذَا فَسَدَ. قِيل : ومنه الإِعْرابُ بمَعْنى الفُحْشِ والتَّقْبِيح. ومنهالحَدِيثُ : «أَنَّ رَجُلاً أَتَاه فقال : إِنَّ ابْنَ أَخِي عَرِبَ بَطْنُه أَي فَسَد. فقال : اسْقِه عَسَلاً».
والعَرَب (٢) مِثْلُ الإِعْرَاب ، من الفُحْشِ في الكَلَام وعَرِب الرجلُ عَرَباً فهو عَرِبٌ إِذَا اتَّخَمَ ، وعَرِبت مَعِدَتُه عَرَباً : فَسَدَت وقيل : فسَدَت مما يَحْمل عَلَيْها ، مثل ذَرِبَت ذَرَباً ، فهي عَرِبَةٌ وذَرِبَةٌ.
وعَرِب النَّهرُ : غَمَر فهو عَارِبٌ وعَارِبَةٌ وعَرِبت البِئْرُ : كَثُر مَاؤُهَا فَهِي عَرِبَةٌ كفَرِحَة.
وعَرَب كَضَرَب : أَكَلَ نقله الصّاغانِيّ. والعَرَبَةُ مُحَرَّكَة ، هكذا في النُّسَخ ، ومثله في لِسَان العَرَب والمُحْكَم وغَيْرهما ، إِلا أَنَّ شيخَنا نَقَل عن الجَوْهرِيّ أَنّه العَرَب محرَّكةً ، بإِسقَاطِ الهَاءِ ، ولعَلّه سَقَطَتْ من نُسْخَته التي نَقَل منها (٣) : النَّهْرُ الشَّدِيدُ الجَرْي (٤). والعَرَبَة أَيضاً : النَّفْسُ. قال ابن مَيَّادَة يمدَح الوَلِيدَ بْنَ يَزِيد :
لَمَّا أَتَيْتُكَ أَرْجُو فضَلَ نَائِلِكُمْ |
نَفَحْتَنِي نَفْحَةً طَابَت لهَا العَرَبُ |
هكذا أَنشده الجوهَرِيّ ، قال الصَّاغَانيّ : والبَيْتُ والرِّوَايَةُ :
لَمَّا أَتيتُك مِن نَجْدٍ وسَاكِنه |
نَفَحْتَ لِي نَفْحَةً طَارَتْ بِهَا العَرَبُ |
وعَرَبَة : نَاحِيَةٌ قُربَ المَدينَة وهي خِلَاف عَرَب ، من غَيْر هَاء كمَا تَقَدَّم في كلام المُؤَلِّف ، والظَّاهِرُ أَنَّهُمَا وَاحِد ، وعَرَبَة : قريةٌ في أَوّلِ وَادِي نَخْلَة من جِهَة مَكَّة ، وأُخْرَى في بلاد فِلَسْطِين ، كذَا في المَرَاصِد (٥).
والعَرَبِيَّة هي هَذِه اللُّغَةُ الشرِيفَةُ رَفَعَ اللهُ شأْنَهَا. قال قَتَادَة : كَانتْ قريشٌ تَجْتَبِي أَي تَخْتَار أَفضلَ لُغَات العَرَب ، حَتَّى صار أَفضلُ لُغَاتِهَا لُغَتَهَا ، فنزَلَ القرآن بِهَا ، واختُلِف في سَبَب تَسْمِيَة العَرَب ، فقِيل لإِعْرَاب لِسَانِهِم أَي إِيضاحِه وَبَيَانِه ؛ لأَنَّه أَشرَفُ الأَلْسُن وأَوضَحُهَا وأَعربُهَا عَن المُرَاد بوُجُوهِ من الاختِصار والإِيجَاز والإِطناب والمُسَاوَاة وغَيْرِ ذَلِكَ. وقد مَالَ إِلَيْه جَمَاعَةٌ ورجَّحُوه من وُجُوه ، وقيل : لأَنّ أَولَاد إِسماعيل صلىاللهعليهوسلم نَشَأوا بعَرَبَة ، وهو من تِهامَة ، فنُسِبوا إِلى بَلَدِهم. ورُوِي عن النَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم أَنَّه قال : «خمسةُ أَنْبِيَاء من العَرَب هُمْ مُحَمَّدٌ وإِسْمَاعِيلُ وشُعَيْبٌ وصَالِحٌ وهُودٌ» صلوَات الله عليهم. وهذا يَدُلّ على أَنّ لسانَ العَرَب قَدِيم ،
__________________
(١) في اللسان : «بقي فيه أثر». وفي الصحاح : عَرِب الجرجُ : نُكِسَ وغُفِرَ.
(٢) في اللسان : والتعريب.
(٣) في الصحاح المطبوع : والعَرَبَة بالتحريك.
(٤) الصحاح : الجِرْية.
(٥) عَرَبة : قال نصر : لا أدري بفتح الراء أو بسكونها. وفي معجم البلدان : مجيء عربة في الأشعار ساكنة الراء دليل على أنها ليست ضرورة وأن الأصل سكون الراء والشواهد التي اعتمد عليها قال :
أبونا رسول الله وابن خليله |
بعرْبة بوّأنا فنعم المركب |
وقال أسد بن الجاحل :
وعربة أرض جد في الشهر أهلها |
كما جد في شرب النفاخ ظماء |