المُهْمَلَة (١) من بَاب نَصَر عَلَى أَشَاعِرِ الدَّابَّة ثُمَّ تَكْوِيهَا ، وقد عَرَّبها ، إِذَا فَعَلَ ذَلك.
وفي لِسَانِ العَرَب : وَعَرَّبَ الفَرَس بَزَّغَه وذَلِكَ أَن يُنْتِفَ (٢) أَسفلُ حَافِرِه ، ومعناه أَنَّه قد بَانَ بِذلِكَ ما كَانَ خَفِيًّا من أَمرِه لِظُهُورِه إِلى مَرْآة العَيْن بعدَ ما كان مَسْتُوراً ، وبذلك تُعرفُ حالُه أَصُلْب هو أَمْ رِخْو وأَصَحِيحٌ هو أَم سَقِيم. وقال الأَزْهَرِيُّ : التَّعْرِيب : تَعْرِيبُ الفَرَس وهو أَن يُكْوَى عَلَى أَشَاعِر حَافِره في مَوَاضِع ثم تُبْزَغ (٣) بِمِبْزَغ بَزْغاً رَفِيقاً لا يُؤَثِّر في عَصَبه ليَشْتَدّ أَشْعَرُه.
والتَّعْرِيبُ : تَقْبِيحُ قَوْل القَائِل «فِعْلِه. وعَرَّبَ عَلَيْهِ : قَبَّح قوْلَهُ وفِعْلَهُ وغَيَّرَه (٤) عَلَيْه.
والإِعْرَابُ كالتَّعْرِيبِ وهو الرَّدُّ عَلَيْهِ والرّدّ عن القَبِيح.
وَعَرَّب علَيْه : مَنَعَه. وأَمَّا حَدِيث عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رضياللهعنه : «مَا لَكُم (٥) إِذَا رَأَيْتُم الرَّجُلَ يُحَرِّقُ (٦) أَعرَاضَ النَّاسِ أَن لا تُعَرِّبُوا عَلَيْهِ» فإِنَّه من قَوْلِكَ : عَرَّبْتُ عَلَى الرجلِ قولَه إِذَا قَبَّحْتَه عَلَيْه. وقَال الأَصْمَعِيُّ وأَبُو زَيْدٍ في قَوْلِه أَن لا تُعَرِّبُوا عَلَيْهِ معنَاه أَن (٧) لا تُفْسِدُوا عَلَيْه كلَامَه وتُقَبِّحُوه. وقيل : التَّعْرِيبُ : المَنْعُ ، والإِنْكَارُ في قَوْلِه أَن لا تُعَرِّبُوا أَي لَا تَمْنَعُوا. وقيل : الفُحْشُ والتَّقْبِيح. وقَال شَمِر : التَّعرِيبُ : أَنْ يَتَكَلَّم الرجلُ بالكَلِمَةِ فيُفْحِشَ فِيهَا أَو يُخْطِيء فَيَقُول له الآخَرُ : لَيْسَ كَذَا وَلَكِنَّه كذَا ، للذي هو أَصْوَبُ. أَرَادَ مَعْنَى حَدِيث عُمر أَن لا تُعَرِّبُوا.
والتَّعْرِيبُ : التَّكَلُّم عن القَوْمِ ويقال : عَرَّبَ عنه إِذَا تَكَلَّم بحُجَّته ، وعَرَّبه كأَعْرَبَه وأَعْرَبَ بِحُجَّته أَي أَفْصَحَ بها ولم يتّق (٨) أَحَداً ، وقَدْ تقدَّم. وقَال الفَرَّاءُ : عَرَّبتُ عن القَوْم إِذَا تَكَلَّمتَ عَنْهُم واحْتَجَجْتَ لَهُم. والتَّعْرِيبُ : الإِكْثَارُ مِنْ شُرْب العَرَب ، وهو الكَثِيرُ مِنَ المَاءِ الصَّافِي نقله الصَّاغَانِيّ. والتَّعْرِيب : اتِّخَاذُ قَوْسٍ عَرَبِيٍّ. والتّعْرِيبُ : تَمْرِيضُ العَرِبِ ، كفَرِحٍ أَي الذَّرِبِ المَعِدَةِ قال الأَزْهَرِيّ : ويُحْتَمل أَن يكونَ التّعرِيبُ عَلَى مَنْ يقول بلِسَانه المُنْكَر مِن هذا ؛ لأَنَّه يُفْسِد عليه كلامَهَ كما فَسَدت مَعِدَتُه. وقال أَبُو زَيْد الأَنْصَارِيّ : فعلتُ كَذَا وكَذَا فما عرَّبَ عليَّ أَحَدٌ ، أَي ما غيَّرَ (٩) عليَّ أَحَدٌ.
وَعَرُوبَةُ بلا لام وبِاللَّامِ كِلْتَاهما : يومُ الجُمُعَةِ. وفي الصَّحَاح : يَوْمُ العَرُوبَةِ ، بالإِضَافَة ، وهو من أَسْمَائِهِم القَدِيمَة ، قَالَ :
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وأَنَّ يَوْمِي |
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ |
|
أَو التَّالِي دُبَارِ فإِنْ أَفُتْه |
فمُؤْنِسَ أَو عَرُوبَةَ أَو شِيَارِ |
وَقَدْ تَرَك صَرْفُ ما لا يَنْصَرِف (١٠) لجَوَازِه في كَلَامِهِم فكَيْفَ في الشِّعْرِ ، هذا قَوْلُ أَبِي العَبَّاس (١١). وفي حَدِيثِ الجُمُعَة «كانتْ تُسَمَّى عَرُوبَةَ» وهو اسم قَدِيمٌ لَهَا ، وكَأَنَّه ليسَ بعربيّ. يقال يومُ عَرُوبَةٍ ويَوْمُ العَرُوبَةِ ، والأَفْصَحُ أَن لا يَدْخُلَهَا الأَلِفُ واللَّامُ. ونَقَل. شيخُنَا عن بعض أَئِمَّة اللُّغَة أَنَّ أَلْ في العَرُوبَة لازِمَةٌ. قال ابن النَّحَّاس : لا يَعْرِفُه أَهْلُ اللُّغَة إِلا بالأَلف والَّلام إِلَّا شَاذّاً ، قال : ومعناه المُعَظَّم من أَعْرب إِذَا بَيَّن ، ولم يَزَل يومُ الجُمُعَة مُعْظَّماً عند أَهْل كل مِلّة. وقال أَبو موسى في ذَيْل الغَرِيبَيْن : الأَفْصَح أَن لا تَدْخُلَ أَل ، وكأَنَّه ليس بعَرَبِيٍّ وهو اسْمُ يَوْمِ الجُمُعَة في الجَاهليَّة اتّفَاقاً ، واخْتُلف في أَن كَعْباً (١٢) سمَّاه الجُمُعَة ؛ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ إِليه فِيهِ ، وبه جَزَم الفَرَّاء وثَعْلَبٌ وغيرُهما ، وصحّح أَو إِنَّمَا سُمِّيَ بعدَ الإِسْلَام ، وصَحَّحَه ابنُ حَزْم.
وقِيلَ : أَوّلُ مَنْ سَمّاه الجُمُعة أَهلُ المَدِينَة ، لصَلَاتهم الجُمُعَة قبل قُدُومه صلىاللهعليهوسلم مع أَسْعَد بن زُرارة. أَخرجه عَبْدُ بْنُ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله العين المهملة سبق قلم والصواب بالغين المعجمة انظر القاموس في مادة ب ز غ ...».
(٢) كذا ، وبهامش المطبوعة المصرية «قوله ينتف صوابه يشق» وفي اللسان : «تنسف».
(٣) وردت الكلمات الثلاث. في الأصل «بالعين المهملة» انظر ما سبق ، والتصويب عن اللسان.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «عيره».
(٥) في غريب الهروي : ما يمنعكم.
(٦) في النهاية وغريب الهروي : يخرّق.
(٧) عن غريب الهروي ، وبالأصل «أي» وفي اللسان : ألّا.
(٨) عن اللسان ، وبالأصل «يثق».
(٩) عن اللسان ، وبالأصل «عير».
(١٠) بهامش المطبوعة المصرية : قوله وقد ترك صرف ما لا ينصرف لعله صرف ما ينصرف». وهو ما يفهم من اللسان.
(١١) وقد رد أبو العباس على أحدهم قال له إن هذا الشعر موضوع لأن مؤنساً وجباراً ودباراً وشياراً تتصرف ، وقد ترك صرفها.
(١٢) يعني كعب بن لؤي.