والعُجْبُ : الرَّجُلُ يُحِبُّ مُحَادَثَةَ النِّسَاءِ ولا يَأْتِي الرِّيبَة ، وقِيلَ : الذِي يُعْجِبُه القُعُودُ مَعَ النِّسَاءِ ومَحَادَثَتَهُن ولا يَأْتِي الرِّيبة أَو تُعْجَبُ النِّسَاءُ به ، ويُثَلَّثُ ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ ، ولا اعْتِدَادَ بِمَا نَقَلَه شَيْخُنا الإِنْكَارَ عَنِ الْبَعْضِ.
والعُجْبُ : إِنْكَارُ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ لِقِلّة اعْتِيَادِه كالعَجَبِ مُحَرَّكَةً وعَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ : العُجْبُ (١) : النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ ولا مُعْتَاد ، وجَمْعُهَا ، هَكَذَا في نُسْخَتِنَا ، ولَعَلَّه المُرَادُ بِهِ جَمْعُ الثَّلَاثَة وهو عَجْبُ الذَّنَب والعُجْب بلُغَتَيْهِ أَعْجَابٌ ، أَو الصَّوَابُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ ، كَمَا فِي غَيْرِ كِتَاب (٢) ، قال :
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجَابِ |
الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ (٣) ذِي الأَنْيَابِ |
ويُقَال جَمْعُ عَجيبٍ عَجَائِبُ مِثْلُ أَفِيلٍ وأَفَائِلَ ، وتَبِيعٍ وتَبَائعَ. أَوْ لَا يُجْمَعَانِ ، قَالَهُ الجَوْهَرِيّ. فَقَوْلُ شَيْخِنا : ولم يَذْكُر عَدَمَ جَمْعِيَّتِهِ ـ أَي عَجِيبٍ ـ غيرُ المُصَنِّف ، غَيْرُ سَدِيدٍ ، بل مُعَارَضَة سَمَاع بعقل ، والعَجَبُ أَنَّه نَقَلَ كَلَام الجَوْهَرِيِّ فِيمَا بَعْد عِنْدَ مَا رَدَّ عَلَى صَاحِبِ النَّامُوسِ ولَمْ يَتَنَبَّه لَهُ وسَدَّدَ سَهْم المَلَامِ عَلَى المُؤَلِّف وَجَدَ لَهُ.
وقد عَجِبَ منْه يَعْجَبُ عَجَباً والاسْمُ العَجِيبَةُ والأُعْجُوبَةُ بالضَّمِّ وتَعَجَّبْتُ مِنْهُ واسْتَعْجَبْتُ مِنْه كعَجِبْتُ مِنْه أَي ثُلَاثِيًّا.
في لِسَانِ العَرَبِ : التَّعَجُّب مِمّا (٤) خَفِيَ سَبَبُه ولم يُعْلَم.
وقَالَ أَيْضاً : التَّعَجُّب : أَنْ تَرَى الشيءَ يُعْجِبُك تَظُنُّ أَنَّكَ لَمْ تَرَ مِثْلَه. ونَقَل شَيْخُنَا مِنْ حَوَاشِي القَامُوسِ القَدِيمَة حَاصِل ما ذَكَرَه أَهْلُ اللُّغَةِ في هَذَا المعْنَى : أَنَّ التَّعَجُّبَ (٥) حَيْرَةٌ تَعْرِض لِلإِنْسَانِ عِنْد سَبَبِ جَهْلِ الشَّيْء ، ولَيْسَ هُوَ سَبَباً لَه في ذَاتِه ، بَلْ هُوَ حَالَة بحَسَبِ الإِضَافَة إِلَى مَنْ يَعْرِف السَّبَبَ وَمَنْ لا يَعْرفُه ، ولِهَذَا قَالَ قَومٌ : كُلُّ شَيْءٍ عَجَبٌ.
وقَال قَوْمٌ : لَا شَيْءَ عَجَبٌ ، قَالَه الرَّاغِبُ : وَبَعْضُهُم خَصَّ التَّعَجُّبَ بالحَسَنِ فَقَط وقَال بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَة : يُقَالُ أُعْجِبَ (٦) فلانٌ بنَفْسِه وبِرَأْيِه فهو مُعْجَبٌ بِهِمَا ، والاسْمُ العَجَبُ (٧) ، ولا يَكُونُ إِلّا في المُسْتَحْسَن ، وتَعَجَّبَ مِنْ كَذَا ، والاسْمُ العَجَب وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي المُسْتَحْسَنِ.
واسْتَعْجَبَ مِنْ كَذَا ، والاسْمُ العَجَبُ مُحَرَّكَة وَيَكُونُ في الحَسَنِ وغَيْرِه.
قُلْتُ : هَذَا التَّفْصِيلُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ العُجْبَ بالضَّمِّ الَّذِي في الوَجْهِ الأَوّلِ إِنَّمَا هُوَ بمَعْنَى الزَّهْوِ والتَّكَبُّرِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ في نَفْسِه ، كما عَرّفْنَاه آنفاً. ونَقَلَ شَيْخُنَا أَيضاً عَن بَعْضِ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ : التَّعَجُّب : انْفِعَالُ النَّفْسِ لزِيَادَة وَصْفٍ في المُتَعَجَّبِ مِنْه ، نَحْو : ما أَشْجَعَه. قال : وما وَرَدَ في القرآن ، مِنْ ذَلِك نَحْو (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) (٨) فإِنَّمَا هُوَ بالنَّظَر إِلَى السَّامِع ، والمَعْنَى : لو شَاهَدْتَهم لَقُلْتَ ذلك مُتَعَجِّباً مِنْهم. انتهى (٩).
وَعَجَّبْتُه بالشَّيْءِ تَعْجِيباً أَي نَبّهْتُه عَلَى التَّعَجُّبِ منه.
والاسْتِعْجَاب : شِدَّةُ التَّعَجُّبِ ، كذا في الأَسَاسِ (١٠) ولِسَان العَرَبِ ، قال :
ومُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يَرَى مِنْ أَنَاتِنَا (١١) |
ولو زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ |
وقولهم : مَا أَعْجَبَه بِرَأْيِه ، شَاذٌّ لا يُقَاسُ عَلَيْه ، أَي لِبِنَائِه مِنَ المَجْهُول كَمَا أَزْهَاهُ وما أَشْغَلَه ، والأَصْلُ في التَّعَجُّب أَن لا يُبْنَى إِلَّا مِنَ المَعْلُومِ.
والتَّعَاجِيبُ : العَجَائِبُ لا وَاحِدَ لَهَا من لَفْظِهَا. وفي النَّاموس : الأَظْهَرُ أَنَّهَا الأَعَاجِيبُ ، وَهَذَا يَدُلُّ على قِلَّة اطِّلاعِه على النَّقْل ، قد أَسْبَقْنَا في المَطَايِب ما يُفْضِي إِلَى العَجَائِب ، وقد نَبَّه عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا في حَاشِيَته وكَفَانا مَؤونَةَ الرَّدِّ عَليْهِ ، عَفَا اللهُ عَنْهُمَا ، وأَنْشَدَ في الصَّحَاحِ وغَيْره :
وَمِنْ تَعَاجِبِ خَلْقِ اللهِ غَاطِيَةٌ |
يُعْصَرُ مِنْهَا مُلَاحِيٌّ وغِرْبِيبُ |
__________________
(١) ضبط اللسان : العَجَبُ.
(٢) في اللسان : وجمع العَجَب أَعْجاب.
(٣) عن اللسان ، وبالأصل «البرعوث».
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «ما».
(٥) عبارة الراغب : حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء.
(٦) عن اللسان ، وبالأصل «عجب».
(٧) في الصحاح : العُجْب بالضم.
(٨) سورة مريم الآية ٣٨.
(٩) كذا في المصباح.
(١٠) في الأساس : الاستعجاب : فرط التعجب.
(١١) عن اللسان ، وبالأصل : «إناثنا» والأناة الحلم والوقار كما في القاموس.