الغَاطِيَة : الكَرْمُ.
وأَعْجَبَه الأَمْرُ : حَمَلَه عَلَى العَجَبِ مِنْهُ أَنْشَدَ ثَعْلَب :
يَا رُبَّ بَيْضَاءَ عَلَى مُهَشَّمَهْ |
أَعجبهَا أَكْلُ البَعِيرِ اليَنَمَهْ (١) |
هذه امرأَةٌ رَأَتِ الإِبِلَ تَأْكُلُ فأَعْجَبَهَا ذَلِكَ أَي كَسَبَهَا عَجَباً. وكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّات (٢) :
رَأَتْ فِي الرَّأْسِ مِنِّي شَيْ |
بَةً لَسْتُ أُغَيِّبُهَا |
|
فَقَالَت لِي : ابْنُ قَيْسٍ ذَا! |
وبَعْضُ الشَّيْب يُعْجِبُها |
أَي يَكْسبُهَا التَّعَجُّب.
وأُعْجِبَ بِهِ ، مَبْنِيًّا للمَفْعُول : عَجبَ وسُرَّ بِالضَّمِّ من السُّرور كأَعْجَبَه الأَمْرُ إِذَا سَرَّه. ويُقَالُ : أَمْرٌ عَجِبٌ ، مُحَرَّكَةً وعَجِيبٌ كَأَمير وعُجَابٌ كغُرَابٍ وعُجَّابٌ كرُمَّانٍ ، أَي يُتَعَجَّبُ مِنْه ، وأَمْرٌ عَجِيبٌ أَي مُعْجِب ، وفي التَّنْزِيل : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٣) وقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِي «إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَّابٌ» بالتَّشْدِيدِ. قال الفَرَّاءُ : هو مِثْلُ قَوْلِهِم : رَجُلٌ كَرِيمٌ وكُرَامٌ وكُرَّامٌ ، وكَبِيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ. وعُجَّابٌ بالتَّشْدِيدِ أَكْثَرُ مِنْ عُجَابٍ.
وقَوْلُهُم : عَجَبٌ عَاجِبٌ كَليْلٍ لَائِلٍ وعَجَبٌ عُجَابٌ (٤) ، على المُبَالَغَةِ ، كلَاهُمَا يُؤَكَّدُ بِهِمَا أَو العَجِيبُ كالعَجَبِ أَي يَكُونُ مِثْلَه وأَمَّا العُجَاب فَإِنَّه مَا جَاوَزَ ، كَذَا في نُسْخَة العَيْنِ ، ويُوجَدُ في بَعْض نُسَخ الكِتَاب ، ما تَجَاوَزَ حَدَّ العَجَب ، وهَذَا الفَرْقُ نَصُّ كتَابِ العَيْنِ (٥).
والعَجْبَاءُ : الَّتِي يُتَعَجَبُ مِنْ حُسْنهَا والّتي يُتَعَجَّبُ من قُبْحهَا نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ. قالَ شَيْخُنَا : وإِذَا كَانَ مُتَعَلَّقُ التَّعَجُّبِ في حالَتَيِ الحُسْنِ والقُبْحِ وَاحداً وَهُوَ بُلُوغُ النِّهَايَة في كلْتَا الحَالَتَيْن فَقَوْلُ المُؤَلِّف وهو ضدٌّ مَحَلُّ تَأَمُّل. ويَدُلُّ عَلَى العُمُوم مَا نَقَلَه سَابِقاً إِنْكَارُ ما يَرِدُ عَلَيْكَ ، كَمَا هُوَ ظَاهر.
واقْتَصَر في لسَان الْعَرَب عَلَى أَنَّ العَجْبَاءَ هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي دَقَّ أَعْلَى مُؤَخَّرِهَا وأَشْرَفَ ، كَذَا في النُّسَخِ وصَوَابُه أَشْرَفَت جَاعِرَتَاهَا ، وهِي خِلْقَةٌ قَبِيحَةٌ فِيمَن كَانَت. ، ويُقَال : لَشَدَّ (٦) مَا عَجُبَتِ النَّاقَةُ ، إِذَا كَانَتْ كَذَلكَ وقَد عَجِبَتْ عَجَباً.
ونَاقَةٌ عَجْبَاءُ : بَيِّنَةُ العَجَبِ أَي الغَلِيظة عَجْبِ الذَّنَب وجَمَلٌ أَعْجَبُ (٧) إِذَا كَانَ غَلِيظاً.
ويُقَالُ : رَجُلٌ تِعْجَابَة بالكَسْر أَي ذُو أَعَاجِيبَ وَهِيَ جَمْعُ أُعْجُوبَة ، وقَدْ تَقَدَّم وفي التنزيل (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (٨) قَرَأَ حَمْزَةُ والكِسَائِيُّ بضَمِّ التَّاءِ وَكَذَا قِرَاءَة عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِب وابْنِ عَبَّاس ، وقَرَأَ ابْنُ كَثِير ونَافِعٍ وابْنُ عَامِر وعَاصِم وأَبُو عَمْرو بنَصْب التَّاءِ. والعَجَبُ وإِنْ أُسْنِدَ إِلَى اللهِ تَعَالَى فلَيْسَ مَعْنَاه مِنَ اللهِ كمَعْناه مِنَ العِبَاد (٩).
وقَال الزَّجَّاجُ : وأَصْلُ العَجَب في اللُّغَة أَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَا يُنْكِرهُ ويَقِلُّ مِثْلُه قَالَ : قَدْ عَجِبْتُ مِنْ كَذَا (١٠) وعلى هَذَا [مَعْنَى] (١١) قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بضَمِّ التَّاءِ ، لأَن الآدَمِيَّ إِذَا فَعَل مَا يُنْكِرُه اللهُ تَعَالَى جَاز أَنْ يَقُولَ فِيهِ : عَجِبْتُ ، والله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلِمَ ما أَنْكَرَه قَبْلَ كَوْنِه ، ولكنَّ الإِنْكار والعَجَبَ الَّذِي تَلْزَم بِهِ الحُجَّة عِنْدَ وُقُوعِ الشَّيْء. وقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ : أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِه بالعَجَب وَهُوَ يُرِيدُ : بل جَازَيْتُهُم على عَجَبِهِم مِنَ الحَقّ ، فَسَمَّى فِعْلَه باسْم فِعْلِهم. وقيل : بَلْ عَجِبْتَ مَعْنَاه بل عَظُم فِعْلُهم عِنْدَكَ (١٢).
وعن ابْنِ الأَعْرَابِيّ في قَوْله تَعَالَى (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ) (١٣) الخِطَابُ للنَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم ، أَي هَذَا مَوْضِعُ عَجَبٍ حَيْثُ أَنْكَرُوا البَعْثَ ، وقَدْ تَبَيَّن لَهُم مِنْ خَلْقِ السَّموَاتِ
__________________
(١) قال الجوهري : الينم بالتحريك ضرب من النبت الواحدة ينمة.
(٢) بالأصل «ابن قيس بن الرقيات» والصواب ما أثبتناه.
(٣) سورة ص الآية ٥.
(٤) ضبط اللسان : عُجَّاب.
(٥) زيد في المقاييس : قال : وذلك مثل الطويل والطُّوال ، فالطويل في الناس كثير ، والطوال : الأهوج الطول.
(٦) في اللسان : «أشدّ ما».
(٧) في القاموس : «وبعير أعجب».
(٨) سورة الصافات الآية ١٢.
(٩) هذا قول الفراء.
(١٠) عن اللسان ، وبالأصل «هذا».
(١١) زيادة عن اللسان.
(١٢) قال الراغب في المفردات : «أي عجبتَ من إنكارهم للبعث لشدة تحققك معرفته ويسخرون لجهلهم ، وقيل : عجبتَ من انكارهم الوحي».
(١٣) سورة الرعد الآية ٥.