والطُّوبَى بالضَّمِّ : الطَّيِّبُ ، عَن السِّيرَافِي. وجَمْعُ الطَّيِّبَةِ عن كُرَاع. قال : ولا نَظِير لَهُ إِلا الكُوسَى في جمع كَيِّسَة. والضُّوقَى في جمع ضَيِّقة.
وقال ابنُ سيدَه : عِنْدِي في كُلِّ ذَلِكَ أَنَّهُ تَأْنِيثُ الأَطْيَب والأَضْيَق والأَكْيَس ؛ لأَنَّ فُعْلَى لَيْسَت من أَبْنيَة الجُمُوع.
وقَال كُرَاعٌ : ولم يَقُولُوا الطِّيبى كَمَا قَالُوا : الكِيسَى والضِّيقَى في الكُوسَى والضُّوقَى. ثم إِنَّ طُوبَى على قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّه فُعْلَى من الطِّيب كَان في أَصْله طِيبَى (١) فقَلُبوا اليَاءَ وَاواً للضَّمَّة قَبْلَهَا. وحَكَى أَبُو حَاتم سَهْلُ بنُ مُحَمَّد السّجِسْتَانِيّ في كِتَابه الكَبِيرِ في القراآت قال : قَرَأَ عَليَّ أَعْرَابِي بالحَرَم : طِيبَى لَهُم ، فأَعَدْتُ فقُلْت طُوبَى ، فقال : طِيبَى ، فأَعدتُ فقلتُ : طُوبَى فقال : طِيبَى ، فلما طَالَ عَلَيّ ، قلت : طُوطُو ، فَقَالَ : طِى طِى. وفي التنزيل العزيز (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٢) أَي الحُسْنَى لَهُم ، قاله عكْرِمَة. وقيل الخَيْر. وقيل : الخِيرَةَ. وجَاءَ عن النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم أَن طُوبَى شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ.
قال شَيْخَنا. وهو عَلَم عَلَيْهَا لا تَدْخُلها الأَلِفُ واللَّامُ ، ومِثله في المحكم وغيره. وقال أَبُو إِسْحَاق الزّجّاج : وطُوبَى فُعْلَى من الطِّيبِ ، والمَعْنَى العَيْشُ الدائِم (٣) لَهُم. ثم قال : وكُلُّ ما قِيلَ في التَّفْسِير يُسَدِّدُ (٤) قَوْلَ النَّحْوِيِّين أَنَّهَا فُعْلَى من الطِّيب. أَو طُوبَى اسم الجَنَّة بالهنْدِيَّة مُعَرَّب عن تُوبَى (٥).
ورُوِي عن سَعِيد بْنِ جُبَيْر أَنَ طُوبَى : اسمُ الجَنَّة بالحَبَشِيَّة كطِيبَى بالكَسْرِ. وقد تَقَدَّمَ النقلُ عن أَبي حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ.
وذَهَبَ سِيبَوَيْه بالآيَة مَذْهَبَ الدُّعَاء ، قَال : هِيَ في مَوْضِع رَفْع ، يَدُلُّكَ عَلَى رفعه رَفْعُ (وَحُسْنُ مَآبٍ). قال ثعلب : وقُرِئ : وطُوبَى لهم وحُسْنَ مآبٍ فَجَعَل طُوبى مَصْدَراً كقولك : سَقْياً لَه ، ونَظِيرُه من المَصَادِر الرُّجْعَى. واستدَلَّ على أَن مَوْضِعَه نَصْبٌ بقوله : (وَحُسْنُ مَآبٍ) (٦) ، ونَقَلَ شيخُنَا هَذَا الكلَامَ ونَظَّر فيه ، وقال في آخِرِه : والظَّاهِرُ أَنَّ من نَوَّنَ طُوبًى جَعَلَه مَصْدَراً بغيرِ أَلف ، ولا يُعْرَف تَنْوِينُ الرُّجْعَى عَنْ أَحَدٍ مِن أَئِمَّة العَرَبِيَّة حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْه طُوبَى ، فتَأَمَّل ، انتهى. وفي لسان العرب : وقال قَتَادَةُ : (طُوبى لَهُمْ) : كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ. يقول العَربُ. طُوبَى لَكَ إِنْ فَعَلْتَ كَذَا وكَذَا ، وأَنْشَد :
طُوبَى لمَنْ يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى |
ورِسْلاً بيَقْطِينِ العِرَاقِ وفُومِها |
الرِّسْلُ : الَّلبَنُ. والطَّوْدُ : الجَبل. والفُومُ : الخُبْزُ والحِنْطَةُ.
وفي الحدِيث : «إِنَّ الإِسلام بَدَا غَرِيباً ، وسَيَعُود غَرِيباً [كما بدأ] (٧) ، فطُوبَى لِلْغُرَبَاء».
طُوبَى : اسْم الجَنَّةِ ، وقيل : شَجَرَةٌ فيها. وفي حَدِيث آخر : «طُوبَى للشَّأْم».
المَراد هَاهُنَا فُعْلَى من الطِّيب ، لا الجَنَّة ولا الشَّجَرَة ، انْتَهَى.
ويقال : طُوبَى لَكَ وطُوبَاك[لُغَتانِ]* بالإِضَافَة. قال يَعْقُوب : ولا تَقُل طُوبِيك ، بالْيَاء. وقد اسْتَعْمَلَ ابن المُعْتَزّ طُوبَاكَ في شِعْره :
مرَّت بِنَا سَحَراً طيرٌ فَقُلْتُ له |
طُوبَاكَ يا لَيْتَنَا إِيَّاكَ طُوبَاكَ |
أَوْ طُوبَاكَ لَحْن. في التَّهْذِيب : والعَرب تقول : طُوبَى لَكَ ولا تَقُول طُوبَاك. وهذا قَوْلُ أَكْثَر النحويين إِلّا الأَخْفَش فإِنَّه قَالَ : من العَرب مَنْ يُضِيفُهَا فيقول : طُوبَاكَ. وقال أَبُو بَكْر : طُوبَاكَ إِنْ فَعَلْتَ كذا. قال : هذَا مِمَّا يَلْحَن فيه العَوَامّ ، والصَواب : طُوبَى لَكَ إِنْ فَعَلْتَ كَذَا وكَذا. وقَد أَورد الشَّهَاب الخَفَاجِيّ على هَذَا في رَيْحَانَتِه بِمَا حَاصِلُه : أَنَّ اللامَ هُنَا مُقَدَّرَةٌ ، والمقدَّرُ في حُكْمِ المَلْفُوظِ ، فكَيْفَ يُعَدُّ خَطَأً ، وقد ردَّه شَيْخُنَا بأَحْسَن جَوَاب ، رَاجِعه في الحَاشِيَة.
وَطَابَهُ أَي الثوبَ ثُلَاثِيّاً : طَيَّبَه عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ، كَذَا في المحكم. قَال :
فكَأَنَّهَا تُفَّاحَةٌ مَطْيُوبَةٌ
جاءَت على الأَصْلِ كمَخْيوط وَهَذَا مُطَّرِدٌ ، أَي فَعَلى هَذَا لا اعْتِدَادَ بمَنْ أَنكَرَهُ.
وأَطَابَه أَي الشيءَ بالإِبْدَال ، وطَيَّبَهُ كاسْتَطْيَبَه ، أَي وَجَدَهُ طَيِّباً ، ويأْتِي قَرِيباً.
__________________
(١) ضبط اللسان : طُيْبَى.
(٢) سورة الرعد الآية ٢٩.
(٣) اللسان : العيش الطيب لهم.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «يشدد».
(٥) قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت ، فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء.
(٦) قال القرطبي في تفسير الآية : (طُوبى) رفع بالابتداء ويجوز أن يكون موضعه نصباً على تقدير : جعل لهم طوبى ، ويعطف عليه (وَحُسْنُ مَآبٍ) على الوجهين المذكورين فترفع أو تنصب.
(٧) زيادة عن اللسان والنهاية.
(٨) (*) سقطت من المطبوعة المصرية والكويتية معاً وما أثبتناه من القاموس.