حرج في صدرك.
ويكون فيه أيضا معنى «إذا» أي : إذا أنزل إليك لتنذر به فلا يحرج صدرك بل لتنذر على انشراح الصدر.
والحرج : الضيق (١) ، وقيل : الشك ، بلغة قريش (٢).
(وَذِكْرى) في موضع نصب على (أُنْزِلَ) أي : أنزل إنذارا وذكرى (٣). وعلى تقدير : وهو ذكرى رفع (٤). وعلى تقدير : لأن تنذر وذكرى جرّ (٥).
٤ (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ) : «كم» في الخبر للتكثير (٦) ، وفي الاستفهام لا يجب
__________________
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٢١٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٦٥ ، وتفسير الطبري : ١٢ / ٢٩٥ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٣١٥ ، والمفردات للراغب : ١١٢ ، ورجح الطبري هذا القول.
(٢) لغات القبائل الواردة في القرآن لأبي عبيد : ٩٨.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (١٢ / ٢٩٥ ، ٢٩٦) عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي.
وذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ١٦٥ وقال : «وأصل الحرج : الضيق ، والشاك في الأمر يضيق صدرا ؛ لأنه لا يعلم حقيقته ، فسمى الشّك حرجا».
وقال أبو حيان في البحر المحيط : ٤ / ٢٦٦ : «وفسّر «الحرج» هنا بالشّك ، وهو تفسير قلق ، وسمّي الشك حرجا لأنّ الشّاك ضيّق الصدر كما أن المتيقن منشرح الصدر ، وإن صح هذا عن ابن عباس فيكون مما توجه فيه الخطاب إليه لفظا وهو لأمته معنى ، أي : فلا يشكّوا أنّه من عند الله».
(٣) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ٢ / ٣١٥ وقال : «أي ولتذكر به ذكري ، لأن في الإنذار معنى التذكير».
(٤) أي أنها خبر لمبتدأ محذوف.
ينظر معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٣١٦ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١١٤ ، والكشاف : ٢ / ٦٦ ، والبحر المحيط : ٤ / ٢٦٧.
(٥) قال الزجاج في معاني القرآن : ٢ / ٣١٦ : «فأما الجر فعلى معنى لتنذر ، لأن معنى «لتنذر» : لأن تنذره فهو في موضع جر ، المعنى للإنذار والذكرى».
وانظر البحر المحيط : ٤ / ٢٦٧ ، والدر المصون : ٥ / ٢٤٤.
(٦) قال الطبري في تفسيره : ١٢ / ٢٩٩ : «وقيل : (وَكَمْ) لأن المراد بالكلام ما وصفت من ـ الخبر عن كثرة ما قد أصاب الأمم السالفة من المثلات ، بتكذيبهم رسله وخلافهم عليه.
وكذلك تفعل العرب إذا أرادوا الخبر عن كثرة العدد ...».