(مِيثاقاً غَلِيظاً) : أي : عقد النكاح ، فكان يقال في النكاح : الله عليك لتمسكنّ بمعروف أو لتسرّحنّ بإحسان (١).
٢٢ (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) بمعنى المصدر (٢) ، أي : نكاحهم ، فيجوز هذا المصدر على حقيقته ويتناول جميع أنكحة الجاهلية المحرّمة.
ويجوز بمعنى المفعول به ، أي : لا تنكحوا منكوحة آبائكم صنيع الجاهلية (٣) ، أي : لا تطئوا موطوءتهم.
(إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) : أي : لكن ما سلف فمعفوّ.
٢٣ (أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) : أي : دون من تبنيتم (٤) به ، إذ دخل
__________________
(١) أخرج الطبريّ هذا القول في تفسيره : ٨ / ١٢٧ عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٤٧٦ وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة.
(٢) اختاره الطبري في تفسيره : ٨ / ١٣٧ وقال : «ويكون قوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) بمعنى الاستثناء المنقطع ، لأنه يحسن في موضعه : «لكن ما قد سلف فمضى» ـ إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا».
وذكره الماوردي في تفسيره : ١ / ٣٧٥ ، وقال : «هذا قول بعض التابعين».
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ١٣٣ ـ ١٣٥) عن ابن عباس ، وقتادة ، وعكرمة ، وعطاء بن أبي رباح.
وذكره القرطبي في تفسيره : ٥ / ١٠٣ وقال عنه : «أصح ، وتكون «ما» بمعنى «الذي» و «من». والدليل عليه أن الصحابة تلقت الآية على ذلك المعنى ، ومنه استدلت على منع نكاح الأبناء حلائل الآباء ...».
(٤) أخرج الطبري في تفسيره : (٨ / ١٤٩ ، ١٥٠) : عن عطاء بن أبي رباح قال : «كنا نحدّث ، والله أعلم ، أنها نزلت في محمد صلىاللهعليهوسلم ، حين نكح امرأة زيد بن حارثة ، قال المشركون في ذلك ، فنزلت : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) ونزلت : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) ، ونزلت : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ).
ونقل ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ٤٨ عن عطاء قال : «إنما ذكر الأصلاب ، لأجل الأدعياء».
وانظر معاني القرآن للنحاس : ١ / ٥٥ ، وأحكام القرآن لابن العربي : ١ / ٣٧٩ ، والمحرر الوجيز : ٣ / ٥٥٥.