بك (١) قلوبنا ، وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل (٢) عقولنا ، ولسنا نقول لك : أيها الإمام الصالح تزكية لك ، ولا نجاوز (٣) القصد في الثناء عليك ، ولن يكن (٤) في أنفسنا طعن (٥) على يقينك ، أو غش (٦) في دينك ، فنتخوف أن تكون (٧) أحدثت بنعمة الله ـ تبارك وتعالى ـ تجبرا ، أو دخلك كبر ، ولكنا نقول لك (٨) ما قلنا تقربا إلى الله ـ عزوجل ـ بتوقيرك ، وتوسعا بتفضيلك (٩) ، وشكرا بإعظام أمرك ، فانظر لنفسك ولنا ، وآثر (١٠) أمر الله على نفسك وعلينا ، فنحن طوع فيما أمرتنا ، ننقاد من الأمور مع ذلك فيما ينفعنا.
__________________
يكون «قرت» بمعنى استقرت ، أي استقرت وسكنت بوجودك وفيضك أعيننا بحيث لانستشرف إلى غيرك ، ولا ننظر إلى الجوانب طلبا للمغيث ؛ لعدم الحاجة إليه». وراجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٨ (قرر).
(١) في حاشية «بح» : «سرورك».
(٢) «البارع» : الفائق ، يقال : برع ، ويثلث ، أي فاق أصحابه في العلم وغيره ، أو تم في كل فضيلة وجمال. وقال العلامة المازندراني : «اريد بالفضل البارع الفضل الفائق على فضل الخلائق كلهم ، أو الغالب على العقول المعجز لها عن إدراكه الموجب لتحيرها». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٤٥ (برع).
(٣) في «د ، جت» والوافي والبحار ، ج ٣٤ : «ولا تجاوز».
(٤) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «جد» والمطبوع : «ولم يكن». وفي «د» : «ويكن». وفي الوافي : «ولن يكون». وفي شرح المازندراني : «لن يكن ، مثال لن يعد ، من الوكن ، وهو السير والجلوس ، ويمكن أن يقرأ بضم الياء وفتح الكاف وشد النون ، من كنه ، إذا ستره ، معناه أنه لن يخطر ببالنا أبدا أن في يقينك ضعفا وفي دينك غشا ونفاقا فنخاف بما قلنا من المدح والثناء أن يدخل في قلبك تجبر وتكبر ، كما يدخلان بهما في قلب ضعيف اليقين والناقص في الدين». وذكر في المرآة الوجهين في اشتقاق الكلمة ، ثم قال : «وفي بعض النسخ : لم يكن ، وفي النسخة القديمة : لن يكون». وراجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٨٨ (كنن) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٢٧ (وكن).
(٥) في حاشية «بف» : «ظن». والطعن : العيب ، يقال : طعن عليه وفيه بالقول ، إذا عابه ، وطعن فلان على فلان في أمره وقوله ، إذا أدخل عليه العيب. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٠٨٣ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢٧ (طعن).
(٦) الغش : ضد النصح ، واسم من غشه ، أي لم يمحضه النصح ، أو أظهر له خلاف ما أضمره. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٦٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨١٧ (غشش).
(٧) في «بح» والبحار ، ج ٧٧ : «أن يكون».
(٨) في «بف» : ـ «لك».
(٩) في «بح» : «بتفضلك».
(١٠) الإيثار : التفضيل. المصباح المنير ، ص ٤ (أثر).