فعلي ، (١) إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني ، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لارب غيره ، يملك منا ما لانملك من أنفسنا ، وأخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى ، وأعطانا البصيرة بعد (٢) العمى (٣).
فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل ، فقال : أنت أهل ما قلت (٤) ، والله والله (٥) فوق ما قلته ، فبلاؤه عندنا ما لايكفر (٦) ، وقد حملك الله ـ تبارك وتعالى ـ رعايتنا ، وولاك سياسة (٧) أمورنا ، فأصبحت علمنا (٨) الذي نهتدي به ، وإمامنا الذي نقتدي به ، وأمرك كله رشد (٩) ، وقولك كله أدب (١٠) ، قد قرت (١١) بك في الحياة أعيننا ، وامتلأت من سرور
__________________
أشار عليهالسلام إليه بقوله : إلا أن يكفي الله ، وهذا مثل قول يوسف عليهالسلام : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) [يوسف (١٢) : ٥٣]».
(١) في «بح» : «فعل».
(٢) في شرح المازندراني : «من بعد».
(٣) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، ج ١١ ، ص ١٠٨ : «ومنها قوله عليهالسلام : أخرجنا مما كنا فيه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى ، وأعطانا البصيرة بعد العمى ، ليس هذا إشارة إلى خاص نفسه عليهالسلام ؛ لأنه لم يكن كافرا فأسلم ، ولكنه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم من أفناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا. ويجوز أن يكون معناه : لولا ألطاف الله تعالى ببعثة محمد صلىاللهعليهوآله لكنت أنا وغيري على أصل مذهب الأسلاف من عبادة الأصنام».
وفي الوافي : «قوله : فأبدلنا بعد الضلالة ، من قبيل إلحاق نفسه بالقوم توسعا ؛ إذ لم يكن عليهالسلام ضالا قط ، حاشاه».
(٤) في «بح» : «قلته».
(٥) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» والبحار ، ج ٣٤ : ـ «والله». وفي «بف ، جت» والوافي : + «أهل».
(٦) في «د» وحاشية «جد» : «لانكفر». وفي المرآة : «قوله : فبلاؤه عندنا لايكفر ، أي نعمته عندنا وافرة بحيث لانستطيع كفرها وسترها ، أو لايجوز كفرانها وترك شكرها».
(٧) قال ابن الأثير : «السياسة : القيام على الشيء بما يصلحه». وقال الفيروزآبادي : «سست الرعية سياسة : أمرتهاونهيتها». النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢١ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٥٦ (سوس).
(٨) العلم : هو المنصوب في الطريق يهتدى به. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠١ (علم).
(٩) الرشد : الصلاح ، وهو خلاف الغي والضلال ، وهو إصابة الحق. المصباح المنير ، ص ٢٢٧ (رشد).
(١٠) في شرح المازندراني : «وقولك أدب ، أي حسن عدل ؛ لكونه جاريا على القوانين العدلية».
(١١) في شرح المازندراني : «القرة ، بالضم : البرودة ، وهي كناية عن السرور ؛ لأن دمعة السرور باردة. ويمكن أن