جعلت فداك ، إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة (١) من العيش ، فتغيرت الحال بعض التغيير (٢) ، فادع الله ـ عزوجل ـ أن يرد ذلك إلينا.
فقال : «أي شيء تريدون ، تكونون ملوكا؟ أيسرك (٣) أن تكون (٤) مثل طاهر وهرثمة (٥) ، وإنك على خلاف ما أنت عليه؟». قلت (٦) : لاو الله ، ما يسرني أن لي الدنيا
__________________
(١) الغضارة : النعمة ، والسعة ، والخصب ، يقال : إنهم لفي غضارة من العيش ، أي في خصب وخير. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٢٩ (غضر).
(٢) في «د ، ن ، بح» وتحف العقول : «التغير».
(٣) في «ن» : «أتسرك».
(٤) في «بح» : «كون» بدل «أن تكون».
(٥) «الطاهر» هو أبو الطيب ، أو أبو طلحة طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن ماهان ، الملقب ب «ذو اليمينين» والي خراسان ، كان من أكبر قواد المأمون والمجاهدين في تثبيت دولته ، كان جده زريق بن ماهان ، أو باذان ، مجوسيا ، فأسلم على يد طلحة الطلحات الخزاعي المشهور بالكرم والي سجستان ، وكان مولاه ، ولذلك اشتهر الطاهر بالخزاعي ، وكان هو الذي سيره المأمون من خراسان إلى محاربة أخيه الأمين محمد بن زبيدة ببغداد لما خلع المأمون بيعته ، وسير الأمين علي بن عيسى بن ماهان لدفعه ، فالتقيا بالري ، وقتل علي بن عيسى ، وكسر جيش الأمين ، وتقدم الطاهر إلى بغداد ، وأخذ ما في طريقه من البلاد وحاصر بغداد ، وقتل الأمين سنة ١٩٨ ، وحمل برأسه إلى خراسان ، وعقد للمأمون على الخلافة ، فلما استقل المأمون بالملك كتب إليه ـ وهو مقيم ببغداد ، وكان واليا عليها ـ بأن يسلم إلى الحسن بن سهل جميع ما افتتحه من البلاد ، وهي العراق وبلاد الجبل وفارس وأهواز والحجاز واليمن ، وأن يتوجه هو إلى الرقة ، وولاه الموصل وبلاد الجزيرة والشام والمغرب ، فكان فيها إلى أن قدم المأمون بغداد ، فجاء إليه ، وكان المأمون يرعاه لمناصحته وخدمته ، ولقبه ذواليمينين ، وذلك أنه ضرب شخصا بيساره فقده نصفين في وقعته مع علي بن عيسى بن ماهان ، حتى قال بعض الشعراء : «كلتا يديك يمين حين تضربه» ، فبعثه إلى خراسان ، فكان واليا عليها إلى أن توفي سنة ٢٠٧ بمرو ، وهو الذي أسس دولة آل طاهر في خراسان وما والاه من سنة ٢٠٥ إلى ٢٥٩ ، وكان طاهر من أصحاب الرضا عليهالسلام كان متشيعا وينسب التشيع أيضا إلى بنى طاهر. ولد طاهر سنة ١٥٩ في توشنج من بلاد خراسان ، وله عهد إلى ابنه ، وهو من أحسن الرسائل.
و «هرثمة» هو هرثمة بن أعين ، كان أيضا من قواد المأمون وفي خدمته ، وكان مشهورا معروفا بالتشيع ومحبا لأهل البيت من أصحاب الرضا عليهالسلام ، بل من خواصه وأصحاب سره ، ويأخذ نفسه أنه من شيعته ، وكان قائما بمصالحه ، وكانت له محبة تامة وإخلاص كامل له عليهالسلام. انظر : مستدركات علم رجال الحديث ، ص ٢٨٩ ، الرقم ٧١٩٨ ؛ تاريخ خليفة بن خياط ، ص ٣٨٤ ؛ الأخبار الطوال للدينوري ، ص ٣٩٤ ؛ تاريخ بغداد ، ج ١ ، ص ١٠٣.
(٦) في «بن» وتحف العقول : «فقلت».