والقدرية (١) والمعتزلة ، فقال : «إن القوم يريدوني ، فقم بنا» فقمت معه ، فلما أن رأوه نهضوا (٢) نحوه ، فقال لهم (٣) : «كفوا أنفسكم عني ، ولا تؤذوني (٤) وتعرضوني (٥) للسلطان (٦) ؛ فإني لست بمفت لكم» ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى.
فلما خرج من المسجد قال لي : «يا أبا محمد ، والله لو أن إبليس سجد لله ـ عز ذكره ـ بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ، ما نفعه ذلك ولا قبله الله ـ عز ذكره ـ ما لم يسجد لآدم كما أمره الله ـ عزوجل ـ أن يسجد له ، وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها صلىاللهعليهوآله ، وبعد تركهم الإمام (٧) الذي نصبه نبيهم صلىاللهعليهوآله لهم (٨) ، فلن يقبل (٩) الله ـ تبارك وتعالى ـ لهم عملا ولن يرفع (١٠) لهم حسنة حتى يأتوا الله ـ عزوجل ـ من حيث أمرهم ، ويتولوا (١١) الإمام الذي أمروا بولايته ، ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ـ عزوجل ـ ورسوله لهم.
يا أبا محمد ، إن الله افترض على أمة محمد صلىاللهعليهوآله خمس فرائض : الصلاة ، والزكاة ،
__________________
٨٤ (رجأ) ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٧٦ (رجا). وللمزيد راجع : الملل والنحل للشهرستاني ، ج ١ ، ص ١٣٩ ـ ١٤٦.
(١) قال الشيخ الطريحي : «وفي الحديث ذكر القدرية ، وهم المنسوبون إلى القدر ويزعمون أن كل عبد خالق فعله ، ولا يرون المعاصي والكفر بتقدير الله ومشيته ، فنسبوا إلى القدر لأنه بدعتهم وضلالتهم». وقيل غير ذلك. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٧٥ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٤٥١ (قدر).
(٢) في «بن» : «مضوا».
(٣) في «بف» : ـ «لهم».
(٤) في «د» : «ولا تؤذونني».
(٥) في «د ، بن ، جت» وحاشية «بح ، جد» والمرآة : «ولا تعرضوني».
(٦) «وتعرضوني للسلطان» أي ولا تظهروني له ، يقال : عرضت له الشيء ، أي أظهرته له وأبرزته إليه. وقال العلامة المجلسي : «قوله عليهالسلام : ولا تعرضوني للسلطان ، أي لاتجعلوني عرضة لإيذاء الخليفة وإضراره باجتماعكم علي وسؤالكم عني». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٨٢ (عرض).
(٧) في «بح» وحاشية «د» : «للإمام».
(٨) في «بن» : «نصبه لهم نبيهم صلىاللهعليهوآله». وفي الوافي : ـ «لهم».
(٩) في حاشية «د» : «فلن يتقبل».
(١٠) في «بح» : «ولن ترفع».
(١١) في «بح» : «ويتوالوا».