عطية :
عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : خرج إلينا أبو عبد الله عليهالسلام وهو مغضب ، فقال : «إني خرجت آنفا في حاجة (١) ، فتعرض لي بعض سودان المدينة ، فهتف (٢) بي : لبيك يا (٣) جعفر بن محمد لبيك (٤) ، فرجعت عودي على بدئي (٥) إلى منزلي خائفا ذعرا (٦) مما قال حتى سجدت في مسجدي لربي ، وعفرت له (٧) وجهي ، وذللت له نفسي ،
__________________
(١) في «بن» : + «لي».
(٢) الهتف : الصوت ، أو الصوت الشديد ، تقول : سمعت هاتفا يهتف ، إذا كنت تسمع الصوت ولا تبصر أحدا. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٤٢ ؛ المغرب ، ص ٤٩٩ (هتف).
(٣) في البحار ، ج ٢٥ : ـ «يا».
(٤) في شرح المازندراني : «فهتف به : لبيك يا جعفر بن محمد لبيك ، كأنه قصد ربوبيته عليهالسلام ، أو قال : لبيك اللهم يا جعفر بن محمد لبيك ، فحذف عليهالسلام «اللهم» لكراهته ذكره في الحكاية ... فلا يرد أن مثل هذا الكلام قد يقال لقصد تعظيم المخاطب ، لا لقصد ربوبيته».
وفي المرآة : «الظاهر أن هذا الكافر كان من أصحاب أبي الخطاب ، وكان يعتقد ربوبيته عليهالسلام ، كاعتقاد أبي الخطاب ؛ فإنه كان أثبت ذلك له عليهالسلام وادعى النبوة من قبله عليهالسلام على أهل الكوفة ، فناداه عليهالسلام هذا الكافر بما ينادى به الله في الحج وقال ذلك على هذا الوجه ، فذعر من ذلك لعظيم ما نسب إليه ، وسجد لربه وبرأ نفسه عند الله مما قال ، ولعن أبا الخطاب ؛ لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد».
وفي الوافي : «إنما خاف الله عزوجل عن قول الأسود : لبيك ؛ لدلالة قوله ذلك على أنه اعتقد فيه الربوبية».
(٥) في «م ، بف ، جد» وحاشية «د» : «يدي». وقال الجوهري : «يقال : رجع عوده على بدئه ، إذا رجع في الطريق الذي جاء منه». وقال الفيروزآبادي : «رجع عودا على بدء ، وعوده على بدئه ، أي لم يقطع ذهابه حتى وصله برجوعه». وقال العلامة المازندراني : «قال السيد رضي الدين ـ رضياللهعنه ـ : عودي ، حال مؤكدة ، و «على» متعلق به ، أو ب «رجعت» ، والبدء : مصدر بمعنى الابتداء جعل بمعنى المفعول ، أي رجعت عائدا على ما ابتدأه ، أقول : المقصود منه هو المبالغة في عدم الاستقرار وكون عوده من السير متصلا بابتدائه ، ثم قال : ويجوز أن يكون «عودي» مفعولا مطلقا ل «رجع» أي رجع على يديه عودا معهودا ، وكأنه عهد منه أن لا يستقر على ما ينتقل إليه ، بل يرجع إلى ما كان عليه قبل». وفي الوافي : «عودي على بدئي ، أي عودا مني واقعا على بدئي ، أي عدت إلى منزلي من غير مكث. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٥ (بدأ) ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٤٠ (عود) ؛ شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٢٨٧.
(٦) «ذعرا» أي فزعا ؛ من الذعر ، وهو الخوف والفزع. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٠٦ (ذعر).
(٧) في «بف» : ـ «له». وتعفير الوجه : تمريغه وتعليبه في التراب ، والعفر : التراب. راجع : الصحاح ،