وفي قول الله عزوجل : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ)(١) قَالَ : «الَّذِينَ يَغْشَوْنَ (٢) الْإِمَامَ» إِلى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (٣) قال : «لا ينفعهم ولا يغنيهم ، لا ينفعهم الدخول ، ولا يغنيهم القعود». (٤)
١٥٠١٧ / ٢٠٢. عنه ، عن علي بن الحسن (٥) ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير :
__________________
ويحيى بالأغذية الروحانية من العلم والإيمان والهداية والحكمة ، وبدونها ميت في لباس الأحياء ، فمراده عليهالسلام أن الآية كما تدل على أن التقوى سبب لتيسر الرزق الجسماني وحصوله من غير احتساب ، فكذلك تدل على أنها تصير سببا لتيسر الرزق الروحاني الذي هو العلم والحكمة من غير احتساب ، وهي تشملهما معا».
(١) الغاشية (٨٨) : ١.
(٢) قرأ العلامة الشعراني قوله عليهالسلام : «يغشون» بتضعيف الشين ؛ حيث قال في هامش الوافي : «قوله : قال : الذين يغشون الإمام ، لا يخفى أن كلمة الغاشية معتلة اللام ، والغش مضاعف ، وليست الغاشية مشتقة من الغش ، لكنه كما ذكرنا تمثيل واقتباس يكفي فيه مناسبة ما ، وليس تفسيرا حتى يستشكل فيه بذلك». والظاهر أنها بتخفيف الشين ، من غشيه ، أي أتاه وجاءه ، أو غطاه ، والمراد على الأول الدخول على الإمام عليهالسلام ، وعلى الثاني الإحاطة به ، كما ذكرهما العلامة المجلسي في المرآة ، حيث قال فيهما : «فسرها عليهالسلام بالجماعة الغاشية الذين يغشون الإمام ، أي يدخلون عليه من المخالفين ، فلاينفعهم الدخول عليه ولا ينفعهم القعود ؛ لعدم إيمانهم وجحودهم ، فالمراد بالطعام على هذا البطن الطعام الروحاني ، أي ليس غذاؤهم الروحاني إلا الشكوك والشبهات والآراء الفاسدة التي هي كالضريع في عدم النفع والإضرار بالروح ، فقوله تعالى (لا يُسْمِنُ) لايكون صفة للضريع ، بل يكون الضمير راجعا إلى الغشيان ، وتكون الجملة مقطوعة على الاستيناف. ويحتمل أن يكون صفة للضريع أيضا ، ويكون المراد أنه لايعلمهم الإمام ـ لكفرهم وجحودهم وعدم قابليتهم ـ إلاما هو كالضريع مما يوافق آراءهم تقية منهم ، كما أنه تعالى يطعم أجسادهم الضريع في جهنم ؛ لعدم استحقاقهم غير ذلك.
يحتمل أن يكون المراد : الذي يغشون ، أي يحيطون بالقائم عليهالسلام من المخالفين والمنافقين ، فالإمام يحكم فيهم بعلمه ويقتلهم ويوصلهم إلى طعامهم المهيأ لهم في النار من الضريع ، ولا ينفعهم الدخول في عسكر الإمام عليهالسلام ؛ لعلمه بحالهم ، ولا القعود في بيوتهم ؛ لعدم تمكينه إياهم».
(٣) الغاشية (٨٨) : ٧.
(٤) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٤٦ ، ح ٢٥٥٤٠ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ٩٠ ، ح ٣٣٢٩٠ ، إلى قوله : «ويرزقهم من حيث لا يحتسبون» ؛ البحار ، ج ٢٤ ، ص ٣٦٤ ، ح ٩١.
(٥) هكذا في «ع ، بف». وفي «د ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» والمطبوع والبحار وتأويل الآيات : «علي بن