وسألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وفي سبيل الله ، فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منازلهما ، فلما أحرزاه توليا إنفاقه ، أيبلغان بذلك كفرا (١)؟ فلعمري (٢) لقد نافقا قبل ذلك ، وردا على الله ـ عزوجل ـ كلامه ، وهزئا برسوله (٣) صلىاللهعليهوآله وهما الكافران ـ عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ والله ما دخل قلب أحد منهما شيء من الإيمان منذ خروجهما من (٤) حالتيهما (٥) ، وما ازدادا إلا شكا ، كانا خداعين مرتابين منافقين حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام.
وسألت عمن حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ، ويوضع على رقبته ، منهم عارف ومنكر ، فأولئك أهل الردة الأولى من (٦) هذه الأمة ، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وسألت عن مبلغ علمنا ، وهو على ثلاثة وجوه : ماض ، وغابر (٧) ، وحادث ؛ فأما الماضي فمفسر ، وأما الغابر فمزبور (٨) ، وأما الحادث فقذف في القلوب ، ونقر (٩) في
__________________
(١) في المرآة : «قوله : أيبلغان بذلك كفرا؟ استفهام ، من تتمة نقل كلام السائل ، وقوله : فلعمري ، ابتداء الجواب. وفي بعض النسخ : ليبلغان باللام المفتوحة ، أي والله ليكفران بذلك ، فهذا ابتداء الجواب».
(٢) في «بح» والبحار ، ج ٧٨ : «ولعمري».
(٣) في «ل ، م ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «برسول الله».
(٤) في «بف» : «عن».
(٥) في «بف ، جت» وحاشية «بح» والمرآة : «جاهليتهما». وفي «د ، بح» : «حالتهما».
(٦) في «جت» : «في».
(٧) الغابر : الماضي والمستقبل ، وهو من الأضداد ، والمراد هنا الثاني بقرينة مقابلته بالماضي. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٦٥ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٣٧ (غبر).
(٨) في حاشية «د ، بح» والبحار ، ج ٤٨ : «فمكتوب». والمزبور : المكتوب بالإتقان ، يقال : زبرت الكتاب أزبره ، إذا أتقنت كتابته. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ (زبر).
(٩) النقر : الضرب والإصابة ، يقال : نقره ينقره نقرا ، أي ضربه ، ويقال : رمى الرامي الغرض فنقره ، أي أصابه ولم ينفذه. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٢٧ و ٢٣٠ (نقر).