وَيْ وَيْ ، تحذر ام المؤمنين من الوقيعة بعمار لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما ، ولا تحذر من الوقيعة في علي وهو أخو النبي ووليه ، وهارونه ونجيه ، وأقضى أمته ، وباب مدينته ، ومن يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، أول الناس اسلاما ، واقدمهم إيمانا ، وأكثرهم علماً وأوفرهم مناقب ، وي ، كأنها لا تعرف منزلته من الله عزوجل ، ومكانته من قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومقامه في الاسلام وعظيم عنائه ، وحسن بلائه ، وكأنها لم تسمع في حقه من كتاب الله وسنة نبيه شيئا يجعله في مصاف عمار ، ولقد حار فكري والله في قولها : « لقد رأيت النبي وإني لمسندته إلى صدري فدعا بالطست ، فانخنث فمات ، فما شعرت فكيف أوصى إلى علي »؟ وما أدري في أي نواحي كلامها هذا أتكلم ، وهو محل البحث من نواحي شتى ، وليت أحدا يدري كيف يكون موته ـ بأبي وأمي ـ وهو على الحال التي وصفتها دليلا على أنه لم يوص ، فهل كان من رأيها ان الوصية لا تصح إلا عند الموت ، كلا ، ولكن حجة من يكابر الحقيقة داحضة كائنا من كان ، وقد قال الله عزوجل مخاطبا لنبيه الكريم في محكم كتابه الحكيم : (كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية) فهل كانت أم المؤمنين تراه صلى الله عليه وآله وسلم ، لكتاب الله مخالفا؟ وعن أحكامه صادفا؟ معاذ الله وحاشا لله ، بل كانت تراه يقتفي أثره ، ويتبع سوره ، سباقا إلى التعبد بأوامره ونواهيه ، بالغا كل غاية من غايات التعبد بجميع ما فيه ، ولا أشك في أنها سمعته يقول (١) : « ما حق امرئ مسلم له شيء
__________________
(١) فيما أخرجه البخاري في أول كتاب الوصايا من صحيحه ص ٨٣ من جزئه الثاني. وأخرجه مسلم في كتاب الوصية ص ١٠ من الجزء الثاني من صحيحه. (منه قدس).