ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج ـ وهي سنة تناثر الكواكب ـ إنّ والدي رضياللهعنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه يستأذن في الخروج إلى الحجّ ، فخرج في الجواب : لا تخرج في هذه السنة. فأعاد وقال : هو نذر واجب فيجوز لي القعود عنه؟ فخرج في الجواب : إن كان لا بد فكن في القافلة الأخيرة ، وكان في القافلة الأخيرة ، فسلم بنفسه ، وقتل من تقدمه في القوافل الأخر (١).
وفيه بعد ذكر حسين الحلاّج ودعاويه الكاذبة في بغداد ، وافتضاحه فيها ، وفراره منها ، قال : وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه ، أن ابن الحلاّج صار إلى قم ، وكاتب قرابة أبي الحسن يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضا ويقول : أنا رسول الإمام ووكيله. قال : فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضياللهعنه خرقها وقال لموصلها إليه : ما أفرغك للجهالات؟! فقال له الرجل ـ وأظن أنه قال : إنه ابن عمته أو ابن عمه ـ فإن الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته ، وضحكوا منه وهزؤا به ، ثم نهض إلى دكانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.
قال : فلما دخل إلى الدار التي كان فيها دكانه ، نهض له من كان هناك جالسا ، غير رجل رآه جالسا في الموضع ، فلم ينهض له ولم يعرفه أبي ، فلمّا جلس واخرج حسابه ودواته كما يكون التجار ، أقبل على بعض من كان حاضرا فسأله عنه ، فأخبره ، فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له : تسأل عنّي وأنا حاضر؟ فقال له أبي : أكبرتك أيّها الرجل ، وأعظمت قدرك أن أسألك. فقال له : تخرق رقعتي وأنا أشاهدك تخرقها؟ فقال له أبي : فأنت الرجل إذا ، ثم قال : يا غلام برجله وبقفاه ، فخرج من الدار العدو لله ولرسوله ثم قال : أتدّعي
__________________
(١) الغيبة للطوسي : ١٩٦.