فيها الضبط (١) ، والمتوقف في وثاقته لعلّه لم يحصل له الجزم بها ، ولا غرابة فيها أصلا ، وإلاّ فعدالة الرجل من ضروريات المذهب.
فيه ـ بعد الغضّ عمّا فيه ـ أن ما في الفهرست ؛ كان جليلا حافظا للأحاديث ، بصيرا بالرجال ، ناقدا للأخبار (٢). إلى آخره ؛ دالّ على أنه كان في أعلى درجة الضبط والتثبّت ، إذ حفظ الأخبار مع تنقيدها والبصارة في رجالها ، بهذه الكثرة التي لم ير في القميين مثلها ، لا يكون إلاّ مع الضبط الكامل والتثّبت التام ، مع أن الضبط بمعنى عدم كثرة السهو والنسيان ، داخل في العدالة المشترطة في الراوي ، وبمعناه الوجودي ـ أي كثرة التحفّظ ـ من الفضائل التي لا يضرّ فقدانها بالوثاقة ، كما قرّر في محلّه.
هذا وقد يستشكل في قول النجاشي من أنه ورد بغداد سنة ٣٥٥ ، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن (٣) ، بأن كونه في هذا التأريخ حدث المن لا يلائم روايته رضياللهعنه ، عن أبيه ، وقد ملئت كتبه منها ، لأن أباه رحمهالله مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، فلا أقل من أن يكون عمر الصدوق رحمهالله حينئذ خمسة عشر سنة فصاعدا ، وهذا يقتضي أن يكون عمره وقت قدومه بغداد نيفا وأربعين سنة ، ولمثله لا يقال : حدث السن.
وفي الباب الحادي عشر من العيون : أنه سمع من محمّد بن بكران النقاش بالكوفة ، سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (٤).
__________________
(١) منتهى المقال : ٢٨٥.
(٢) فهرست الشيخ : ١٥٧.
(٣) رجال النجاشي : ٣٨٩ / ١٠٤٩ ، هذا لعل مراده بذلك كونه حدث السن بالقياس إلى سن المشايخ وتصديه للتحديث ، فليس المراد حداثة السن بمعناها الواقعي بل بالإضافة إلى السن المتعارف للتحديث والله العالم.
(٤) عيون اخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٩ / ٢٦.