مخصوص بوجه الفدية ، دون غيرها من وجوه القربة ، فدخلت هذه (الواو) للفائدة التي ذكرناها من نفي التفصيل بعد الجملة فأمّا من استشهد على زيادة (الواو) هاهنا بقوله تعالى في الأنعام : (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (١) وقدّر أن (الواو) هناك زائدة ، فليس الأمر على ما قدّره ، لأن (الواو) هناك عاطفة على محذوف في التقدير ، فكأنّه تعالى قال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لضروب من العبر (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).
فإن قال قائل : قد وردت في القرآن آيات تدل على أن نفي القبول منهم لما لو قدروا عليه لبذلوه ، إنّما هو في الافتداء من العذاب لا غيره ، فوجب أن يكون ذلك أيضا في هذه الآية التي نحن في تأويلها مختصا بهذا الوجه دون وجه الصدقة ، والقربة ، فيصح أن (الواو) هنا زائدة.
فمن الآيات المشار إليها قوله تعالى في المائدة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢).
ومنها أيضا قوله تعالى في الرعد : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) (٣).
قيل له : قد ورد أيضا في القرآن ما يدل على نفي القبول منهم لما يبذلونه على وجوه القرب والصدقات فمن ذلك قوله تعالى في براءة : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ. وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٧٥.
(٢) المائدة ٥ : ٣٦.
(٣) الرعد ١٣ : ١٨.