الشرح ما يَتَعَلَّق به هناكَ ، وفي المَثَل «حَوْبَكَ هَلْ يُعْتَمُ بالسَّمَارِ» أَي ازْجُرْ زَجْراً فهَلْ يُبْطَأُ بِالسَّمَارِ ، كسَحَابٍ ، لَبَنٌ كَثُرَ مَاؤُه ، أَي إِذا كانَ قِرَاكَ سَمَاراً فَمَا الإِبْطَاءُ؟ يُضْرَبُ لِمَنْ يَمْطُلُ ثُمَّ يُعْطِى قَلِيلاً ، استدْرَكَه شَيخُنا.
فَصْلُ الخَاءِ
[خبب] : الخَبُّ بالفَتْحِ : الخَدَّاعُ وهو الجُرْبُزُ كقُنْفُذٍ ، الذي يَسْعَى بيْنَ الناسِ بالفَسَادِ ، ورَجُلٌ خَبٌّ ، وامْرَأَةٌ خَبَّةٌ ويُكْسَرُ أَوَّلُه (١) ، وأَمَّا المَصْدَرُ فبالكَسْرِ لَا غَيْرُ ، وقولُ شيخنا : صريح إِطلاقِ المصنفِ كما يقتضيه اصطلاحُه أَن الخَبَّ إِنما يقالُ بالفَتْحِ وصرَّح الجوهريّ بأَنه يقال بالفَتْح والكسْرِ ، ففي كلامه قُصُورٌ ، عجيبٌ ، وكأَنَّه سَقَط من نسخته قولُه : ويكسر ، كما هو ظاهرٌ ، وفي لسان العرب : رَجُلٌ خَبٌّ وخِبٌّ : خَدَّاعٌ جُرْبُزٌ خَبِيثٌ مُنْكَرٌ ، وهو الخِبُّ والخَبُّ ، قال الشاعر :
وَمَا أَنْتَ بالخَبِّ الخَتُورِ وَلَا الذِي |
|
إِذا اسْتُوْدِعَ الأَسْرَارَ يَوماً أَذَاعَهَا |
وفي الحديث «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ خَبٌّ ولَا خَائِنٌ» وفي آخَرَ «المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ والكَافِرٌ خَبٌّ لَئيمٌ» فالغِرُّ : الذي لا يَفْطُنُ للشَّرِّ ، والخَبُّ ضِدُّ الغِرِّ وهو الخَدَّاعُ المُفْسِدُ ، ورَجُلٌ خَبٌّ ضَبٌّ ، ويقالُ : مَا كُنْتُ خَبًّا ، وقال ابنُ سِيرِينَ : إِنِّي لَسْتُ بِخَبٍّ ولكنَّ الخَبَّ لا يَخْدَعُنِي.
والخَبُّ : الحَبْلُ بالحاءِ المهملِة ، ويُوجدُ في بعض النسخ بالجيم وهو غَلَطٌ ، مِنَ الرَّمْلِ اللَّاطِئ اللاصقُ بالأَرْضِ ، نقله الصاغانيُّ.
والخَبُّ : سَهْلٌ بين حَزْنَيْنِ تكونُ (٢) فيه الكَمْأَةُ ، قاله أَبو عمرو ، وأَنْشَدَ لعَدِيِّ بنِ زيدٍ قال لنَدِيمِه عَبدِ هِنْد بنِ لَخْمٍ.
تُجْنَى لَكَ الكَمْأَةُ رِبْعِيَّةً |
|
بالخَبِّ تَنْدَى في أَصول القَصِيصْ |
والخُبُّ بالضَّمِّ لغةٌ في الخَبِّ بالفَتْحِ ، كما نقله شيخُنا عن بعض شيوخه المُحَقِّقِينَ : لِحَاءُ الشَّجَرِ ، والغَامِضُ من الأَرْضِ والجَمعُ : أَخْبَابٌ وخُبُوبٌ.
والخِبُّ بالكَسْرِ : ع كذا ضبطه الصاغانيُّ ، وأَعَادَه المصنفُ فيما بعدُ أَيضاً ، وضبطه غيرُه بالفَتْحِ ، وقال : هو ماءٌ لِغَنِيٍّ بالكُوفَةِ ، وهو أَيضاً : هَيَجَانُ البَحْرِ واضْطِرابُه يقال : أَصَابَهُمْ خبٌّ ، إِذَا خَبَّ (٣) بهمُ البَحْرُ ، خَبَّ يَخِبّ. في التهذيب يقال أَصَابَهُم الخِبُّ ، إِذا اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُ البَحْرِ ، والْتَوَتِ الرِّيَاحُ في وَقْتٍ معلوم تَلْجَأُ السُّفُنُ فِيه إِلى الشَّطِّ ، أَو يُلْقَى الأَنْجَرُ (٤) ، كالخِبَاب ، بالكَسْرِ وهو ثَوَرانُ البَحْرِ ، قالَهُ ابن الأَعْرَابيّ ، وفي الحَدِيث «أَنَّ يُونُسَ عليهِ وعلَى نَبِييِّنَا أَفْضَلُ الصلاةِ والسلام لَمَّا رَكِبَ البَحْرَ أَخَذَهُمْ خِبٌّ شَدِيدٌ» يقال : خَبَّ البَحْرُ إِذا اضْطَرَبَ ، وفي الأَساس : ومن المجاز : خَبَّ البَحْرُ : هَاجَ وأَصابَهُمُ الخِبُّ : الْتَوَتْ عليهمُ الرِّيحُ واضْطَرَبَ المَوْجُ.
والخِبُّ بالكسر الخِدَاعُ والخُبْثَ والغِشُّ والفَسَادُ ، كالخَبَبِ مُحَرَّكَةً في قول ابن الأَعْرابِيّ ، وقد خبَّ يَخِبُّ خِبًّا ، وهو بَيِّنُ الخِبِّ وقد خَبِبْتَ يا رَجُلُ تَخَبُّ خِبًّا كعَلِمْتَ تَعْلَمُ عِلْماً ، ورَجُلٌ مُخَابٌّ : مُدْغِلٌ ، كَأَنَّهُ عَلَى خَابَّ ، وفي حديث عُمَرَ «مَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ بالفَارِسِيَّةِ إِلَّا خَبَّ!».
وخَبَّبَهُ : خَدَعَهُ ، والتَّخْبِيبُ : إِفْسَادُ الرَّجُلِ عَبْداً أَوْ أَمَةً لِغَيْرِه ، ويقالُ خَبَّبَهَا ، فَأَفْسَدَهَا ، وخَبَّبَ فلانٌ غُلَامِي ، أَي خَدَعَهُ ، وقال أَبو بكر في قولهم : خَبَّبَ فلانٌ على فلانٍ صَدِيقَه : مَعْنَاهُ : أَفْسَدَهُ عليهِ ، وأَنشد :
أُمَيْمَة أَمْ صَارَتْ لِقَوْلِ المُخَبِّبِ
والخَبَبُ ، مُحَرَّكَةً : ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ أَي الإِسْرَاعِ في المَشْيِ ، أَو هو كالرَّمَلِ ، مُحَرَّكَةً ، قاله بعضُ اللُّغَوِيِّينَ أَو هو أَنْ يَنْقُلَ الفَرَسُ أَيَامِنْهُ جَمِيعاً وأَيَاسِرَه جَمِيعاً ، أو هو أَنْ يُرَاوِحَ بين يَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ ، وكذلك البَعِيرُ ، والمُرَاوَحَةُ : أَنْ يَقُومَ على إِحْدَاهُمَا مَرَّةً ، وعلى الأُخْرَى مَرَّةً ، وقِيلَ : الخَبَبُ : هُوَ السُّرْعَة ، وقد خَبَّ يَخُبُّ ، بالضَّم ، على غيرِ قِيَاسٍ ، وقال شيخُنا : لأَنَّ القاعدةَ في الفِعْلَ المُضَاعَفِ أَن يكونَ مضارِعُه بالكَسْرِ إِلَّا ما شَذَّ فجاءَ بالضَّمِّ على خِلَافِ
__________________
(١) في اللسان : وقد نكسر خاؤه.
(٢) اللسان : يكون.
(٣) اللسان : هاج.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله الأنجر مرساة السفينة خشبات يفرغ بينها الرصاص المذاب فتصير كصخرة إذا رست السفينة معرب لنكر اه أفاده المجد».