جارِيَةً مَنْصُوبٌ على أَنه مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأُنْكِحَنَّ خِدَبَّهْ (١) أَي الضَّخْمَةَ الطَوِيلَةَ ، ويروى : جَارِيةً كالقُبَّهْ.
مُكْرَمَةً |
|
مُحَبّهْ |
أَي مَحْبُوبَةً ، ويُرْوَى بَعْدَه :
تُحِبُّ مَنْ أَحَبَّهْ |
|
تَجُبُّ أَهْلَ الكَعْبَهْ |
يُدْخِلُ فِيها زُبَّهْ |
أَي تَغْلِبُهُن أَيْ نسَاءَ قرَيْشٍ حُسْناً فِي حُسْنَهَا ، ومنه قَوْلُ الرَّاجِزِ :
جَبَّتْ نِسَاءَ العَالَمِينَ بالسَّبَبْ
ودَارُ بَبَّةَ بِمَكَّةَ عَلَى رَأْسِ رَدْمِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ، كَأَنَّهَا نُسِبَتْ إِلى عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ.
وَببَّةُ الجُهِنيُّ : صَحَابِيٌّ ، ويُقَالُ فيه نَبَّةُ بالنُّونِ ونُبَيْة مُصَغَّراً أَيْضاً ، كَذَا في مُعْجَمِ ابْنِ فَهْد.
والبَبُّ : البَأْجُ ، والغُلَامُ السَّائِلُ وهو السَّمِينُ ، عن ابن الأَعْرَابيّ.
وجَاءَ في كِتَابِ البُخَارِيِّ «قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه : لَئنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لأُلْحِقَنَّ آخِرَ النَّاسِ بِأَوَّلِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا بَبَّاناً وَاحِداً». وفِي طَرِيقٍ آخَرَ «إِنْ عِشْتُ فَسَأَجْعَلُ النَّاسَ بَيَّاناً وَاحِداً» ويُقَالُ هُمْ بَبَّانٌ وَاحدٌ ، وهُمْ عَلَى بَبَّانٍ وَاحِدٍ هذَا هو المشهُورُ ويُخَفَّفُ ، مَالَ إِليه أَبُو عَليٍّ الفارسيُّ ، بَلْ رَجَّحَه حَيْثُ نقلَ عنه ابنُ المُكرَّمِ (٢) أَنَّه فَعّالٌ من بَابِ كَوْكَبٍ ولا يَكونُ فَعْلَاناً (٣) لأَنَّ الثلَاثَةَ لا تَكُونُ مِن مَوْضِعٍ واحِدٍ ، قال (٤) : وبَبَّةُ يَرُدُّ قَوْلَ أَبِي عَلِيٍّ.
قُلْتُ : هُوَ اسْمُ صَوْت لَا يُعْتَدُّ بِهِ. أَيْ عَلَى طَرِيقَة وهُمْ بَبَّانٌ وَاحِدٌ أَيْ سَوَاءٌ كَمَا يُقَالُ : بَأْجٌ وَاحدٌ. وفي قوْل عُمَرَ يُرِيدُ التَّسْوِيَةَ في القَسْمِ وكَانَ يُفَصِّلُ المُجَاهدينَ (٥) وأَهْلَ بَدْر في العَطَاءِ ، قال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمنِ بنُ مَهْدِيّ : أَيْ (٦) شَيْئاً وَاحداً ، قال أَبُو عُبَيْدٍ : وَلَا أَحْسَبُ الكَلِمَةَ عَرَبِيَّةً ، قَالَ : ولَمْ أَسْمَعْهَا في غَيْرِ هذَا الحَديث ، وقال أَبُو سَعيدٍ الضَّرِيرُ : لَا يُعْرَفُ بَيَّانٌ في كَلَامِ العَرَبِ ، قال : والصَّحيحُ عِنْدَنَا «بَيَّاناً وَاحداً» قَالَ وأَصْلُ هذه الكَلِمَة أَنَّ العَرَبَ تَقُولُ إِذَا ذَكَرَتْ مَنْ لَا يُعْرَفُ : هَذَا هَيَّانُ بْنُ بَيَّان ، كَمَا يُقَالُ : طَامرُ بْنُ طَامِرٍ. قَال : فالمَعْنَى لأُسَوِّيَنَّ بَيْنَهُمْ فِي العَطَاءِ حَتَّى يَكُونُوا شَيْئاً وَاحِداً ، وَلَا أُفَضِّلُ أَحَداً عَلَى أَحَدِ ، قال الأَزْهَرِيُّ : لَيْسَ كَمَا ظَنَّ ، وَهذَا حديث مَشْهُورٌ رَوَاهُ أَهْلُ الإِتْقَان ، وكَأَنَّها لُغَةٌ يمانيَةٌ ولم تَفْشُ في كلام مَعَدٍّ ، وقال الجوْهرِيّ : هذا الحرْفُ هكذا سُمِعَ ، ونَاسٌ يَجْعَلُونَهُ من هيَّانَ بن بَيَّانَ ، قال : ولا أَراهُ محْفُوظاً عن العَرب ، قال أَبُو مَنْصُورٍ : بَيَّانُ حَرْفٌ رواهُ هِشَامُ بنُ سعْدٍ وأَبُو مَعْشَرٍ عن زيد بن أَسْلَمَ عن أَبِيهِ : سمعْتُ عُمَر. ومثْلُ هؤُلَاءِ الرُّوَاةِ لَا يُخْطئونَ فيُغَيِّرُوا ، وبَبَّانُ وإِنْ لَمْ يكُنْ عربِيًّا مَحْضاً فهو صحِيحٌ بهذَا المَعْنَى ، وقال الليثُ : بَبَّانُ علَى تَقْدير فَعْلَانَ ، ويقال عَلى تَقْدِيرِ فَعَّالٍ ، قال : والنُّونُ أَصْلِيَّةٌ ولا يُصَرَّفُ منه فعْلٌ ، قال : وهُو والبَأْجُ بمَعْنًى وَاحِدٍ ، وقال الأَزْهَريّ وَبَبَّانُ كَأَنَّهَا لُغَةٌ يَمَانيةٌ ، وحَكَى ثَعْلَبٌ : النَّاسُ بَبَّانٌ وَاحِدٌ لَا رَأْسَ لَهُمْ ، وقال شيخُنَا : واخْتَلَفُوا في مَعْنَاهُ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال :
أَحدُهَا وهو قَوْلُ الأَكْثَرِ أَنَّهُ الشَّيْءُ الوَاحدُ ، وقال الزمخشريُّ : الضَّرْبُ الوَاحِدُ.
وثانِيهِمَا : الجَمَاعَةُ والاجْتِمَاع ، وإِليهِ مَالَ أَبُو المُظَفَّر وغيرُه.
ثَالِثَها أَنَّهُ المُعْدِمُ الذِي لا شَيْءَ له ، كما نقله عيَاض عنِ الطَّبْرِيّ ، وذكرَهُ في التوشيح أَيضاً ، وإِنْ أَغْفَلُوه تقْصيراً ، انتهى.
والبأْبَبَة : هَدِيرُ الفَحْلِ في تَرْجيعه تَكْرَاراً له (٧) ، قال رُؤبة :
__________________
(١) فرق الشارح الرجز خلال شرحه وهو : جارية خدبّة.
(٢) ابن المكرم يعني صاحب اللسان ، وقد أشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.
(٣) اللسان : فعلان.
(٤) بالأصل : قال ثعلب خطأ وما أثبتناه عن اللسان ولم ينسب فيه القول. وأما قول ثعلب في اللسان : وحكى ثعلب : الناس ببّان واحدٌ لا رأس لهم. وسيرد قوله قريباً ...
(٥) كذا بالأصل واللسان ، وفي الصحاح : المهاجرين.
(٦) اللسان : أي.
(٧) قال الأصطخري : بسبة العليا وبسبة السفلى من أعمال فرغانة.