صُنِعَ لِدَعْوَةٍ ، بالضم والفتح ، أَوْ عُرْسٍ وجَمْعُه المآدِبُ ، قال صَخْرُ الغَيِّ يصف عُقَاباً :
كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ في قَعْرِ عُشِّهَا |
|
نَوَى القَسْب مُلْقىً عِنْدَ بِعْضِ المَآدِبِ |
قال سِيبَوَيْه : قَالُوا : المَأْدَبَة ، كما قالوا : المَدْعَاةُ ، وقيلَ : المَأْدَبَةُ من الأَدَب ، وفي الحديث عن ابن مسعودٍ «إِنَّ هذَا القُرْآنَ مَأْدَبَةُ اللهِ فِي الأَرْضِ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدَبَتِهِ» يَعْني مَدْعَاتَه ، قال أَبُو عُبَيْدٍ ، يُقَالُ : مَأْدُبَةٌ ومَأْدَبَةٌ ، فمَنْ قال مَأْدُبَةٌ أَرَادَ بِه الصَّنِيعَ يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ (١) فَيَدْعُو إِليه النَّاسَ ، شَبَّهَ القُرْآنَ بصَنِيعٍ صَنَعَه اللهُ للنَّاسِ ، لهم فيه خَيْرٌ وَمَنَافِعُ ، ثم دَعَاهم إِليه. ومَنْ قَالَ مَأْدَبَةٌ جَعَلَه مَفْعَلَةً من الأَدَب (٢) ، وكَان الأَحْمَرُ يَجْعَلُهَا لُغَتَيْنِ مَأْدُبَة ومَأْدَبَة بمَعْنىً وَاحِدٍ ، وقال أَبو زيد : آدَبْتُ أُودِبُ إِيدَاباً ، وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً ، والْمَأْدُبَةُ للطعام ، فرّق بينها وبين المَأْدَبَة للأَدَب.
وآدَبَ البلَادَ يُؤدِبُ إِيدَاباً : مَلأَهَا قِسْطاً وعَدْلاً ، وآدَبَ القَوْمَ إِلى طَعَامِه يُؤْدِبُهُمْ إِيدَاباً ، وأَدَبَ : عَمِلَ مَأْدَبَةً.
والأَدْبُ ، بالفَتْح ، العَجَبُ ، مُحَرَّكَةً ، قال مَنْظُورُ بنُ حَبَّةَ الأَسِديُّ يَصِفُ نَاقته :
غَلَّابَةِ للنَّاجِيَاتِ الغُلْبِ (٣) |
|
حَتَّى أَتَى أُزْبِيُّهَا بِالأَدْبِ |
الأُزْبِيُّ : السُّرْعَةُ والنَّشَاطُ ، قال ابن المُكَرَّمِ : وَرَأَيْتُ في حاشِيَةٍ في بَعْضِ نُسَخ الصَّحَاح : المَعْرُوفُ «الإِدْب» بِكَسْرِ الهَمْزَةِ ، وُجِدَ ذلك بخَطِّ أَبِي زَكَريَّا في نُسْخَته ، قال : وكذلك أَوردَه ابنُ فارس في المُجْمَلِ (٤) ، وعن الأَصمعيّ جَاءَ فُلَانٌ بِأَمْر أَدْبٍ ، مَجُزُوم الدَّالِ ، أَي بأَمْرٍ عَجيبٍ ، وأَنشد :
سَمعْت من صَلَاصلِ الأَشْكَالِ |
|
أَدْباً علَى لَبَّاتهَا الحَوَالِي |
قُلْتُ : وهذا ثَمَرَةُ قولِه : بالفَتْحِ إِشَارَة إِلى المُخْتَارِ من القولينِ عنده ، وغَفَلَ عنه شيخُنا فاسْتَدْرَكَهُ على المُصَنِّف ، وقال : إِلّا أَنْ يكونَ ذَكَره تَأْكيداً ، ودَفْعاً لما اشْتَهَرَ أَنه بالتَّحْرِيكِ ، وليس كذلك أَيضاً ، بَلْ هو في مقابلةِ ما اشتهر أَنه بالكَسْرِ ، كما عرفت ، كالأُدْبَة بالضَّمّ.
والأَدْبُ ، بفَتْحٍ فسُكُونٍ أَيضاً مَصْدَرُ أَدَبَهُ يَأْدِبُهُ ، بالكَسْر إِذا دَعَاهُ إِلى طَعَامهِ ، والآدِبُ : الدَّاعِي إِلى الطَّعَام ، قال طَرَفَةُ :
نَحْنُ فِي المَشْتَاة نَدْعُو الجَفَلَى |
|
لَا تَرَى الآدِبَ فينَا يَنْتَقِرْ |
والمَأْدُوبَةُ فِي شِعْرِ عَدِيٍّ (٥) : الَّتِي قَدْ صُنِعَ لَهَا الصَّنِيعُ. ويُجْمَعُ الآدِبُ على أَدَبَةٍ مِثَالُ كَتَبَةٍ وكَاتِبٍ. وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَمَّا إِخْوَانُنَا بَنُو أُمَيَّةَ فَقَادَةٌ أَدَبَةٌ». كآدَبهُ إِلَيْه يُؤْدِبُهُ إِيدَاباً ، نقلها الجوهريُّ عن أَبي زيد وكَذَا أَدَبَ القَوْمَ يَأْدِبُ ، بالكسْرِ ، أَدَباً ، مُحَرَّكَةً أَي عَمِلَ مَأْدُبَةً[وأُدْبَةً] (*) ، وفي حديث كَعْبٍ «إِنَّ للهِ مَأْدُبَةً مِنْ لُحُومِ الرُّوم بِمَرْج (٦) عَكَّا» أَراد أَنهم يُقتلُونَ بها فَتَنْتَابُهُمُ السِّبَاعُ والطَّيْرُ تأْكُلُ من لُحُومِهِم.
وأَدَبُ البَحْرِ بالتحريك كَثْرَةُ مَائِهِ ، عن أَبي عمرو ، يقال : جَاشَ أَدَبُ البَحْرِ (٧) ، وأَنشد :
عَنْ ثَبَجِ البَحْرِ يَجِيشُ أَدَبُهْ
وهو مَجَازٌ.
وأَدَبِيٌّ كعَرَبِيّ وغلط من ضَبَطَهُ مَقْصُوراً ، قال في المَرَاصِدِ : جبَلٌ قُرْبَ عُوَارِضٍ ، وقيل : في ديار طيّىء حِذَاءَ عُوَارِض ، وأَنشد في «المعجم» للشمّاخ :
كَأَنَّها وقَدْ بَدَا عُوَارِضُ |
|
وأَدَبِيٌّ في السَّرَابِ غَامِضُ |
واللَّيْلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رَابِضُ |
|
بجِيزَةِ الوَادِي قَطاً نَوَاهِضُ |
وقَالَ نَصْرٌ : أَدَبِيٌّ جَبَلٌ حِذَاءَ عُوَارِضٍ وهُوَ جَبَلٌ أَسْوَدُ في دِيَارِ طَيِّىءٍ ونَاحِيَةِ دَارِ فَزَارَة.
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان ، وفي المقاييس : الإنسان.
(٢) المقاييس : ومن قال مأدَبة فإنه يذهب إلى الأدب ، يجعله مفعلة من ذلك.
(٣) قبله في الصحاح واللسان :
بشمجي المشي عجول الوثب
(٤) وأيضاً في المقاييس قال : ويقال لأن الإدْبَ العجبُ.
(٥) البيت في المقاييس ١ / ٧٥ واللسان (أدب).
(*) [وأُدْبَةً] : سقطت من المطبوعة المصرية والكويتية أيضاً وما أثبتاه من القاموس.
(٦) اللسان : بمروج.
(٧) زيد في الأساس : إذا كثر ماؤه.