والتَأَتَّبُ : الاسْتِعْدَادُ والتَّصَلُّبُ أَيضاً ، نقله الصَّغَانِيّ وعن أَبي حَنِيفَةَ : هو أَنْ تَجْعلَ حِمالَ القَوْس (١) بالكَسْر ، في صَدْرِكَ وتَخْرجَ منْكِبَيْكَ مِنهَا فَيَصِيرَ القَوْسُ على مَنْكِبَيْكَ (٢).
ورَجُلٌ مُؤَتَّبُ الظَّهْرِ (٣) كمُعَظَّم : مُعْوَجُّهُ ، نقله الصاغانّي.
[أثب] : المِئْثَبُ بالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ ، كَمِنْبَر أَهمله الجوهريّ ، وقال غيره : هو المشْمَلُ وَزْناً ومَعْنًى ، وكأَنَّ الصحيح عند الجوهريّ أَنه بالتاءِ المُثَنَّاة الفَوْقِيَّةِ ، كما هو رأْي كثيرين (٤) ، وقال الليث : المِئْثَبُ : الأَرْضُ السَّهْلَةُ ، وقال أَبو عمرو : المِئْثَبُ : الجَدْوَلُ أَي نَهْرٌ صغيرٌ ، وفي نَوَادِر الأَعراب المئْثَبُ : ما ارتَفَعَ من الأَرْض ، وقال ثَعْلب عن ابن الأَعرابيّ في هذا كله بترك الهَمْزِ ، نقله الصاغانيّ والمَآثِبُ جَمْعُهُ ، و : ع قال كُثَيّرُ عزّةَ ، وأَنْشدَه أَبُو حَنِيفَةَ في كتاب الأَنواءِ :
وهَبَّتْ رِيَاحُ الصَّيْفِ يَرْمِينَ بالسَّفا |
|
تَلِيَّةَ بَاقِي قَرْمَلٍ بالمَآثِبِ |
وزَعَم شيخُنا أَنه في شِعْرِ كُثَيِّر اسمٌ لِمَاءٍ كما قاله شُرَّاحُه.
قُلْتُ : بَلْ هو وَاد من أَوْدِيَةِ الأَعْرَاضِ التي تَسيلُ مِن الحِجَاز في نَجْد ، اخْتَلَطَ فيه عَقْلُ بن كَعْب وزَبِيد من اليَمَن ، أَو جَبلٌ كان فيه صَدَقَاتُه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والأَثَبُ مُحَرَّكَةً : شَجَرٌ ، مُخَفَّفُ الأَثْأَبِ بوزْن أَفْعَل ، ونظيرُه شَمَل وشَمْأَل ، فإِنَّ الأَوَّلَ : لغةٌ في الثاني الذي هي الرِّيحُ الشَّامِيَّةُ ثم نقلوا الهمزةَ إِلى الساكن قبلها ، فبقي شَمَل ، كما ذكره النحاةُ وبعض اللغويين ، قاله شيخنا ، وسيأْتي في «أَثأَب» أَنها ليست بلغة في أَثَب ، ومَن ظَنَّها لغةً فقد أَخطأَ.
* ومما يستدرك عليه :
الأُثَيْبُ : مُوَيْهَةٌ في رَمْلِ الضّاحِي قرب رمّان في طرف سَلْمَى أَحدِ الجَبَلَيْنِ ، كذا في معجم البلدان.
[أدب] : الأَدَبُ ، مُحرَّكَةً : الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس ، سُمّيَ به لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى المَحَامِدِ وَيَنْهَاهُم عن المَقَابحَ ، وأَصلُ الأَدَبِ : الدُّعَاءُ ، وقال شيخنا ناقلاً عن تقريراتِ شيوخه : الأَدَبُ مَلَكَةٌ تَعْصِمُ مَنْ قامت به عمَّا يَشِينُه ، وفي المصباح : هو تَعَلُّمُ رِيَاضَةِ النَّفْسِ ومَحَاسِن الأَخْلَاقِ. وقال أَبو زيد الأَنصاريّ : الأَدبُ يَقَع على كل رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بها الإِنسانُ في فَضِيلةٍ من الفَضَائِلِ ، ومثله في التهذيب ، وفي التوشيح : هو استعمالُ ما يُحْمَدُ قَوْلاً وفعْلاً ، أَو الأَخذُ أَو الوُقُوفُ مع المُسْتَحْسَنَات أَو تَعْظِيمُ مَنْ فوقَك والرِّفْق بمَنْ دُونَكَ ، ونَقَل الخَفَاجِيُّ في العِنَايَة عن الجَوَالِيقي في شرحِ أَدَبِ الكَاتِبِ : الأَدَبُ في اللغة : حُسْنُ الأَخلاق وفِعْلُ المَكَارِم ، وإِطلاقُه على عُلُومِ العَرَبِيَّة مُوَلَّدٌ حَدَثَ في الإِسلام ، وقال ابنُ السِّيدِ البَطَلْيَوْسِيُّ : الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ (٥). والأَدَبُ :
الظَرْفُ بالْفَتْح ، وحُسْنُ التَّنَاوُلِ ، وهذا القَوْلُ شَاملٌ لغَالِبِ الأَقْوَالِ المذكورة ، ولذا اقْتَصَرَ عليه المُصَنِّف ، وقال أَبو زيد : أَدُبَ الرَّجُلُ كَحسُنَ يَأْدُبُ أَدَباً فهو أَديبٌ ، ج أُدبَاءُ وقال ابنُ بُزُرْج : لَقَدْ أَدُبْت (٦) أَدَباً حسَناً ، وأَنْت أَدِيبٌ ، وأَدَّبَه أَي عَلَّمه ، فَتَأَدَّب تعلّم ، واستَعْمَلَهُ الزجَّاجُ في اللهِ عزَّ وجَلَّ فقال : والحَقُّ في هذا ما أَدَّبَ اللهُ تعالى به نَبِيَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفُلَانٌ قَد اسْتَأْدَبَ بمعْنى تَأَدَّبَ ، ونقل شيخنا عن المصباح : أَدَبْتُه أَدْباً ، منْ باب ضَرَب : عَلَّمْتُه رِيَاضَةَ النَّفْسِ ومَحَاسِن الأَخلاق ، وأَدَّبْتُه تَأْدِيباً مُبَالَغَةٌ وتَكْثِيرٌ ، ومنه قيل :
أَدَّبْتُه تَأْدِيباً ، إِذا عَاقَبْتَه على إِسَاءَتِهِ ، لأَنه سبَبٌ يدعو إِلى حَقِيقَةِ الأَدَب ، وقال غيرُه : أَدَبَه ، كضَرَبَ وأَدَّبَه : راضَ أَخْلَاقَه وعَاقَبَه على إِساءَته لِدُعَائِه إِيَّاهُ إِلى حَقِيقَةِ الأَدَب ، ثم قال : وبه تَعْلَمُ أَنَّ في كلام المصنف قُصُوراً من وَجْهَيْنِ.
والأُدْبَةُ ، بالضَّمِّ ، والمَأْدُبَةُ ، بضم الدال المهملة ، كما هو المشهور ، وصَرَّح بأَفْصَحيَّتِه ابنُ الأَثير وغيرهُ وأَجَازَ بعضُهم المَأْدَبَة بفتحها ، وحكى ابن جني كَسْرَها أَيضاً ، فهي مُثَلَّثَةُ الدالِ ، ونصُّوا على أَن الفَتْحَ أَشْهَرُ من الكَسْرِ : كلُّ طَعَام
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان ، وفي المقاييس : حمالة.
(٢) المقاييس والأساس : «كتفيه».
(٣) الأصل «الظفر» وما أثبتناه عن المقاييس.
(٤) أنظر اللسان والمقاييس.
(٥) لم ينسب القول في الصحاح واللسان.
(٦) في اللسان : أدبت آدُبُ.