والنِّسْءُ بالكسر هو الرجلُ المُخالِطُ للناس ويقال : هو نِسْءُ نِسَاءٍ أَي حِدْثُهُنَّ وخِدْنُهُنَّ بكسر أَوَّلهما.
والنَّسَاء كالسَّحاب : طُولُ العُمُر ونَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِه : أَخَّره ، وحكى ابنُ دُرَيْدٍ : أَمَدَّ له (١) في الأَجلِ : أَنْسَأَهُ فيه ، قال ابنُ سِيدَه : ولا أَدري كيف هذا ، والاسمُ النَّسَاءُ ، وأَنْسَأَه اللهُ أَجَلَه ، ونَسَأَه في أَجلِه بمعنًى ، كما في الصحاح ، وفي الحديث عن أَنس بن مالكٍ : «مَنْ أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ، ويُنْسَأَ في أَجَلِه ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه» النَّسْءُ : التأْخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ ، ومنهالحديث «صِلَةُ الرَّحِم مَثْرَاةٌ في المالِ ، مَنْسَأَةٌ في الأَثَر» هي مَفْعَلَة منه ، أَي مَظِنَّةٌ له ومَوْضِع ، وفي حديث ابنِ عَوْفٍ «وكان قد أُنْسِئ له في العُمُرِ» أَي أُخِّر ، والنُّسْأَة ، بالضمّ مثلُ الكُلْأَةِ : التأْخيرُ ، وقال فَقِيهُ العربِ (٢) : من سَرَّه النَّساءُ ولا نَساءَ ، فليُخَفِّف الرِّداءَ ، ولْيُبَاكِر الغَدَاءَ ، وَلْيُكْرِ العَشَاءَ ، ولْيُقِلَّ غِشْيَانَ النِّساءِ (٣) ، أَي تأَخّر (٤) العُمَر والبَقاء ومَصْدَرُ نَسَأَ الرجلُ دَيْنَه أَخَّرَه ، ويقال إِذا أَخَّرْتَ الرجل بِدَيْنِه قُلْتَ : أَنْسَأْتُه ، فإِذا زِدْتَ (٥) في الأَجل زِيادَةً يقَعُ عليها تَأْخِيرٌ قُلْتَ : قد نَسَأْتُك في أَيَّامِك ، ونَسَأْتُك في أَجَلِك ، وكذلك تقول للرجل : نَسأَ الله في أَجَلِك ، لأَن الأَجَل مَزِيدٌ فيه ، ولذلك قيل للَّبَنِ النَّسِيءُ ، لِزيادةِ الماءِ فيه.
ونَسَأٌ كجَبَلٍ ، مهموزٌ ، كما صرَّح به الإِسنويُّ وابنُ خِلّكان والسُّبْكِي ، وهي بلَدٌ بِخُرَاسانَ ، منها صاحبُ السُّنَنِ الإِمامِ الحافظُ أَبو عَبد الرحمن أَحمد بن شُعَيْبٍ النَّسَائِي ، تُوُفِّي سنة ٣٣٠.
ومن النَّسْءِ بمعنى السِّمنِ كُل نَاسِئٍ مِن الحيوان : سَمِينٌ ، وعبارة اللسان : وكُلُّ سَمِينٍ نَاسِئ ، وهي أَوْلَى.
وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدَوا ، وفي حديث عُمرَ رضياللهعنه : ارْمُوا فَإِنَّ الرَّمْيَ جَلَادَةٌ ، وإِذا رَمَيْتُم فَانْتَسُوا عَن البُيُوتِ ، أَي تَأَخَّرُوا ، قال ابنُ الأَثير : يُرْوَى هكذا بلا همز ، قال : والصوابُ انتسِئُوا ، بالهمز ، ويروى فَبَنِّسوا أَي تأَخَّروا ، ويقال : بَنَّسْتُ ، أَي تأَخَّرْت (٦) وانتسأَ البعيرُ في المَرْعَى أَي تَبَاعَدَ وانْتَسأْتُ عنه تَأَخَّرْتُ وتَباعَدْتُ. قال ابنُ مَنْظُور : وكذلك الإِبل إِذا تباعَدَتْ في المرعى ، ويقال : إن لي عَنْكَ لَمُنْتَسَأً (٧) أَي مُنْتَأًى وسَعَةً.
وقيل نُسِئَت المرأَةُ بالبناءِ للمفعول كعُنِيَ تُنْسَأُ نَسْأً وذلك عند أَوَّل حَبَلِها ، وذلك إِذا تَأَخَّرَ حَيْضها عَنْ وَقْتِه المعتادِ لأَجْلِ الحَمْل فَرُجِيَ أَنَّها حُبْلَى ، نقله السُّهَيْلي عن الخليل ، وقيل : تأَخَّر حَيْضُها وَبَدَأَ حَمْلُها ، وقال الأَصمعي : يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل : قد نُسِئَتْ. ونُسِئَت المرأَةُ إِذا حَبِلَت ، جُعِلَت زِيادَةُ الوَلَد فيها كزِيادة الماءِ في اللبن ، وهي امرأَةٌ نَسْءٌ ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ ، بالضم ، وقد يقال : نِسَاءٌ نَسْءٌ على الصِّفة بالمصدر لا نَسِيءٌ كأَمير ، كذا ظاهرِ السِّياق ، والصَّواب بالكسر والمدّ ووَهِمَ الجوهريُّ حيث جَوَّزه تبعاً لابنِ الأَعرابيّ ، والمُصَنِّف في هذا التوهيم تابعٌ لابن بَرِّي ، حيث قال : الذي قالَه ابنُ الأَعرابيّ خَطَأٌ ، لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُرُوف الحَلْق ، فالصواب الفتح.
وقال كُراع في المُجَرَّد : مالَه نَسَأَه اللهُ ، أَي أَخزاه ، ويقال أَخَّره اللهُ ، وإِذا أَخَّرَه اللهُ فقد أَخزاه.
وأَنْسَأْتُ سُرْبَتِي : أَبْعَدْتُ مَذْهَبي ، قال الشَّنْفَري يَصِف خُروجه وأَصحابه إِلى الغَزْوِ وأَنَّهم أَبْعَدُوا المَذْهَبَ :
عَدَوْنَا مِنَ الوَادِي الَّذِي بَيْنَ مِشْعَلٍ |
|
وَبَيْنَ الحَشَا هَيْهَاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي |
ويروى : أَنْشأْتُ ، بالشين المُعجمة ، فالسُّرْبَة في رِوايته بالسين المُهمَلَة : [المَذْهب] (٨) وفي رِوَايته بالشين المُعجمة : الجَمَاعَةُ ، وهي رِوَايَةُ الأَصمَعي والمُفَضَّل ، والمعنى عندهما : أَظْهَرْت جَمَاعتي مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ لِمَغْزًى بَعِيد. قال ابن بَرِّيّ : أَوْرَدَه الجوهريُّ : عَدَوْنَ مِنَ الوادِي.
__________________
(١) اللسان : «مدّ له».
(٢) في النهاية وحديث علي : «من سره النساء ولا نساء» وفي الصحاح : «ومنه قولهم».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله الرداء المراد به الدين كما في المناوي ، وفي محشى القاموس ، وقال المجد : وفلان خفيف الرداء قليل العيال والدين اه. وقوله ليكر العشاء أي يؤخره من أكرى اه.
(٤) في النهاية : تأخير.
(٥) عن اللسان ، وبالأصل : أردت.
(٦) بالأصل : «تنسوا ... تنست» وأثبتنا ما في النهاية.
(٧) عن الصحاح ، والأصل «لمنتسأى».
(٨) زيادة عن اللسان.