ابنُ بَرّيّ : ذكر الجَوْهرِيُّ في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّىء ، بالهمز على القطع بذلك ، قال : وليس الأَمر كما ذَكر ، لأَن سيبويهِ قال هذا فيمن يَجْمَعُهُ أَي نَبِيئَاً على نُبَآءَ كَكُرماء ، أَي فيصغره بالهمز (١) وأَمَّا مَنْ يَجمعُه على أَنْبِياءَ فَيُصَغِّرُه على نُبَيٍّ بغير همزٍ ، يريد : مَنْ لَزِم الهَمْزَ في الجمع لَزِمه في التصغير ، ومن ترك الهَمْز في الجمع تركه في التصغير ، كذا في لسان العرب وأَخطأَ الجَوهرِيُّ في الإِطلاق حَسْبَمَا ذكرنا ، وهو إِيرادُ ابنِ بَرِّيّ ، ولكن ما أَحلَى تَعبيره بقوله : وليس الأَمْرُ كذلك ، فانظر أَين هذا من قوله أَخْطأَ ، على أَنه لا خطأَ ، فإِنه إِنما تَعرَّض لتصغير المهموز فقط ، وهو كما قال ، وهناك جوابٌ آخرُ قَرَّره شيخنا.
ويقال : رَمَى فلانٌ فَأَنْبَأَ ، أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ ، أَو أَنه لم يُنْفِذْ نقله الصاغاني ، وسيأْتي في المعتل أَيضاً.
ونَابَأَهُمْ مُنَابَأَةً : تَرَكَ جِوَارَهم وتَبَاعَدَ عنهم قال ذُو الرُّمَّة يهجو قوماً :
زُرْقُ العُيُونِ إِذَا جَاوَرْتَهُمْ سَرَقُوا |
|
مَا يَسْرِقُ العَبْدُ أَوْ نَابَأْتَهُمْ كَذَبُوا |
ويُرْوَى نَاوَأْتَهُم ، كما سيأْتي.
* ومما يستدرك عليه :
نَبَأَتْ به الأَرضُ : جاءَتْ به ، قال حَنَشُ بنُ مالك :
فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فَإِنَّ الحُتُو |
|
فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كُلِّ وَادِ |
ونُبَاءٌ كَغُرَاب : موضِعٌ بالطائف.
ويقال : هل عندكم مِن نَابِئَة خَبَر.
والنُّبَاءَةَ كَثُمَامَة : موضع بالطائف وقَعَ في الحَديث هكذا بالشكّ : خَطَبنا بالنُّبَاءَة ، أَو بالنُّبَاوَة وأَبو نُبَيْئَة الهُذَلِيُّ شاعرٌ.
[نتأ] : نَتَأَ الشَّيْءُ كَمَنَع يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً إِذا انْتَبَرَ ، من النَّبْرِ وهو الارتفاع (٢).
وانْتَفَخ ، وكُلُّ ما ارْتَفَعْ من نَبْتٍ وغيرِه فقد نَتَأَ ، وهو ناتئ ونَتَأَ من بلدٍ إِلى بلد : ارتفعَ ونَتَأَ عليهم : اطَّلَعَ مثل نَبَأَ بالموحدة (٣) ونَتَأَت القُرْحَةُ : وَرِمَتْ ، ونَتَأَت الجارِيَةُ : بَلَغَتْ بالاحتلام أَو السِّنِّ أَو الحَيْض ، وهذا يرجع لمعنى الارتفاع ونَتَأَ الشيْءُ : خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِه من غير أَن يَبينَ أَي يَنْفَصِل ، وهو النُّتُوءُ.
وانْتَتَأَ أَي انْبَرَى وارْتَفَع وبكليهما فُسِّر قولُ أَبي حِزام العُكلي.
فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهمْ |
|
نَزَأْتُ عَلَيْهِ الْوَأَى أَهْذَؤهْ |
لِدِرِّيئهم أَي لِعَرِيفهم ، نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ ، الوَأَى وهو السَّيْفُ. أَهْذَؤُهْ : أَقْطَعُه. وفي المثل «تَحْقِرُه وَيَنْتَأُ» أَي يرتفع ، يقال هذا للذي ليس له شاهدُ مَنْظَرٍ وله باطِنُ مَخْبَرٍ ، أَي تَزْدرِيه لسُكُونه وهو يُحَاذِيك (٤) ، وقيل : معناه : تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُم ، وقيل : تَحْقِرُه ويَنْتُو ، بغير هَمْزٍ ، وسيأْتي في المعتلّ إِن شاءَ الله تعالى ، وفي الأَساس : هذا المَثَلُ فيمن يَتَقَدَّمُ بالنُّكْرِ ويَشْخَص به وأَنت تحْسَبهُ مُغَفَّلاً.
والنُّتَأَةُ كهُمَزَةٍ كذا في النسخ وضبطه ياقوت كعُمَارَة : ماءٌ لبَني عُمَيْلَةَ بن طَريف بن سَعيد أَو نَخْلٌ لِبنى عُطَارِدٍ قاله الحَفْصِيّ ، أَو جَبَلٌ في حِمَى ضَرِيَّةَ بين إِمَّرَة (٥) والمُتَالِع ، قاله نصر ، وقيل : مَاءٌ لِغَنِيِّ بن أَعْصُر. قلت : وهذا الأَخير هو الذي قاله البَلَاذُرِيّ (٦) ، وعليها قُتِلِ شَاسُ بن زُهَيْرٍ العَبْسِيُّ عند مُنْصَرَفِه من عند المَلك النُّعْمَان بن المُنْذِر ، والقاتِل له رِيَاح بن حُرَاقٍ الغَنَوي ، وأَنشد ياقوت لِزُهير بنِ أَبي سُلْمَى :
لَعَلَّكِ يَوْماً أَنْ تُرَاعِي بِفَاجِعٍ |
|
كَمَا رَاعَنِي يَوْمَ النُّتَاءَةِ سَالِمُ |
__________________
(١) يريد : نُبَيِّىءٌ (اللسان).
(٢) في المطبوعة المصرية : لارتفاع.
(٣) في الصحاح : ونتأت على القوم : طلعت عليهم مثل نبأت. وفي اللسان : اطّلعت عليهم.
(٤) اللسان : يجاذبك.
(٥) عن معجم البلدان ، وبالأصل «إثرة».
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله البلاذري بلاذر معرّب بلادر كما أن بندار معرب بندار وبلور كسنور معرب بلور كجمهور وقصور ... وأما بلار بمعنى البلور فمن استعمال المولدين أنظر الخلاصة ج ٤ / ٤٧١».