[لبأ] : اللِّبَأُ كَضِلَعٍ بكسر الأَول وفتح الثاني مهموزٌ مقصورُ ، ضبطه الليث. ولو قال كعِنَبٍ ، كما في المُحكم والعُباب كان أَحسن : أَوَّلُ اللَّبَنِ في النِّتاج ، وزاد ابنُ هِشامٍ : قبْلَ أَن يَرِقَّ. والذي يَخرج بعدَه الفصيحُ ، وسيأْتي قال أَبو زيد : أَوَّل الأَلبانِ اللِّبَأُ عند الوِلَادَةِ. وأَكثرُ ما يكونُ ثَلاث حَلبَاتٍ ، وأَقلُّه حَلْبَة ، وقال الليث : هو أَوَّل حَلَبٍ عند وَضْع المُلْبِئ وَلبَأَهَا كَمَنَع أَي الشَّاةَ والناقةَ مثلاً يَلْبَؤُهَا لَبْأً بالتسكين والْتبَأَها : احْتَلَبَ لَبَنَها ، وفي بعض الأُصول : لِبَأَها ، ويقال لَبَأْتُ اللِّبَأَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حَلَبْتَ الشَّاةَ لَبْأً. ولَبَأَ القَوْمَ يَلْبَؤُهم لَبْأً : أَطْعَمهم إِيَّاه (١) أَي اللِّبَأَ ، قال ذو الرُّمَّة :
وَمَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها |
|
بِكَفَّيَّ مِنْ دَوِّيَةٍ سَفَراً سَفْرَا |
فسَّره السيرافي (٢) وحده فقال : يعني الكَمْأَةَ ، مَرْبُوعةٍ : أَصابَها الرَّبيعُ. ورِبْعِيَّةٍ مُتَرَوِّيَةٍ بمَطَر الربيع. ولَبَأْتُها : أَطعَمْتُها أَوَّلَ ما بَدَتْ ، وهي استعارةٌ ، كما يُطعَمُ اللِّبَأُ ، يعني أَنَ الكَمَّاءَ (٣) جناها فبَاكرَهم بها طَرِيَّةً ، وسَفَراً منصوبٌ على الظرف ، أَي غُدْوَةً (٤) ، وسَفْرا ، مفعولٌ ثان لِلَبَأْتُها ، وعدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْتُ ، كَأَلْبَأَهُمْ فإِنه بمعناه ، وقيل : لَبَأَ القَوْمَ يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لَهم اللِّبَأَ ، وقال اللِّحيانيُّ : لَبْأً ولِبَأً وهو الاسْمُ ، أَي كَأَنَّ اللِّبَأَ يكون مَصْدَراً واسْماً ، وأَنكَرَهُ ابنُ سيده.
ولَبَأَ اللِّبَأَ يَلْبَؤُه لَبْأً : أَصلَحه وطَبَخَه كَأَلْبَأَهُ ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ.
ولَبَأْتُ الجَدْيَ : أَطْعَمْتُه اللِّبَأَ وأَلْبَئُوا : كَثُرَ لِبَؤُهم ، كما في الصحاح.
وَأَلْبَأَت الشَّاةُ أَو الناقة : أَنْزَلَتِ اللِّبَأَ في ضَرْعِها وأَلبأَتِ الوَلَدَ : أَرْضَعَتْه أَي سَقَتْه ، وفي بعض النسخ : أَطعمته إِيَّاهُ أَي اللِّبَأَ ، قال أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ ولَدَها ، أَي قَامَتْ حتى تُرْضِعَ لِبَأَها كَلَبَأَتْهُ مثل مَنَعَتهُ ويوجد هنا في بعض النسخ بالتشديد ، وهو خطأٌ ، وفي حديث وِلادَة الحَسن بن عليٍّ رضياللهعنهما : وأَلْبَأَه بِرِيقِه. أَي صَبَّ رِيقَه في فِيه ، كما يُصَبُّ اللِّبَأُ في فَمِ الصَّبِيّ ، وهو أَوَّلُ ما يُحْلَب عند الوِلادة ، وقيل : لَبَأَه : أَطْعَمَه اللِّبَأَ وأَلبَأَ فُلانٌ فُلاناً : زَوَّدَهُ بِهِ أَي بِاللِّبَإ كَلَبَأَه ، ولو ذكرَ هذا الفَرْقَ عند قوله أَطْعَمهم كان أَخْصَر وأَلْبَأَ الجَدْيَ والفَصِيلَ إِلْباءً إِذا شَدَّهُ إِلى رَأْسِ الخِلْفِ بالكسر والسكون لِيَرْضَعَ اللِّبَأَ. والفَصِيلُ مِثالٌ ، والمرادُ الرَّضِيعُ مِن كلِّ حيوانٍ ، كما نَبَّه عليه في المُحكم وغيره بتعبيره وَالْتبَأَهَا وَلدُهَا : رَضِعَها ، كاسْتَلْبَأَهَا ، ويقال : استلْبَأَ الجَدْيُ اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِه ، وقال الليثُ : لَبَأَتِ الشاةُ ولدَها : أَرْضعته اللِّبَأَ ، وهو تَلْبَؤُه ، والْتبَأْتُ أَنا : شرِبْت اللِّبَأَ ويقال : الْتبَأَها : حَلبَها ، كَلَبَأَهَا ، أَي حَلبَ لِبَأَهَا. وقد تقدّمت الإِشارةُ إِليه ، فلو قال عند قوله لَبَأَها كالْتَبَأَها كان أَحسن وأَوفق لقاعدته.
ولبَّأَت الناقةُ وكذا الشاةُ ونحْوُهُما تَلْبِيئاً وَهي مُلَبِّى كمُحَدِّث : وَقع اللِّبَأُ في ضَرْعِها ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإ إِذا جاءَ اللبنُ بعد انقطاعِ اللِّبَإِ يقال : قد أَفْصَحَت الناقةُ ، وأَفْصَحَ لَبَنُهَا.
ولبَّأَ بِالحَجِّ تَلْبئَةً بالهمز كَلَبَّى غير مهموز ، وهو الأَصل فيه ، قال الفَرَّاءُ : ربما خَرجَتْ بهم فَصاحتُهم إِلى أَن يَهْمِزوا ما لَيس بمهموز ، فقالوا : لَبَّأْتُ بالحَجّ وحَلأْتُ السَّوِيق ورَثَأْتُ الميتَ ، وظاهر سِياقه أَنه بالهمز ودونه على السواءِ ، وليس كذلك ، بل الأَصل عَدمُ الهمزِ كما عَرفتَ.
واللَّبْءُ بالفَتْح ذِكرُ الفَتْحِ مُخالِفٌ لقاعدته ، فإِن إِطلاقه يَدُلُّ بمراده : أَوَّلُ السَّقْيِ يقال لَبَأْتُ الفسِيل أَلْبَؤُه لَبْأً ، إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه ، وفي الحديث : إِذا غَرَسْتَ فَسِيلةً وقيل إِن الساعَةَ تقومُ فلا يَمْنَعَنَّك أَن تَلْبَأَها. أَي تَسْقِيهَا» وذلك أَوَّل سَقْيِك إِيَّاها ، وفي حديثٍ أَنَّ بَعْض الصَّحابةِ مَرَّ بأَنْصارِيّ يَغْرِس نَخْلاً فقال : يا ابنَ أَخي. إِن بَلغك أَنّ الدَّجَّالَ قد خَرَج فلا يَمْنَعَنَّك مِنْ أَنْ تَلْبَأَها ، أَي لا يَمْنَعُك (٥) خُروجُه عن غَرْسِها وسَقْيِها أَوَّلَ سَقْيَةٍ. مأْخوذٌ من اللِّبَإ ، وهو مجازٌ.
واللَّبْءُ أَيضاً : حَيٌّ من العَرب من عبدِ القَيْس ، والنسبة إِليه اللَّبْئِيّ كالأَزْدِيّ.
__________________
(١) في المقاييس ٥ / ٢٣٢ ولبأتُ القومَ : سقيتهم لبأ.
(٢) اللسان : الفارسي.
(٣) عن اللسان ، بالأصل الكمأة.
(٤) عن اللسان ، بالأصل عدوة.
(٥) النهاية : يمنعك.