من المجازات ، مع دَعْواه الكثير ، والله عليمٌ بصير.
وكَمِئَ فلانٌ عَنِ الأَخْبَارِ كَمَأً : جَهِلَهَا وغَبِيَ عَنْهَا فلم يَفْطُنْ لها ، قال الكسائيّ : إِنْ جَهِل الرجُلُ الخَبَرَ قال : كَمِئْتُ عن الأَخبار أَكْمَأُ عنها.
وقد أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ أَي شَيَّخَتْهُ بتشديد الياء ، عن ابن الأَعرابيّ.
وَتَكَمَّأَهُ أَي الأَمْرَ إِذا تَكرَّهَهُ نقله الصاغاني ، وفي الأَساس : خَرَجُوا (١) يَتَكَمَّئُونَ : يَجْتَنُونَ الكَمْأَةَ.
وتَكَامَأْنَا في أَرضهم ، وتَكَمَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ ، وتَلَمَّعَتْ عليه ، وَتَودَّأَتْ إِذا غَيَّبَتْهُ فيها وذَهبَتْ به ، عن ابن الأَعرابيّ.
[كوأ ـ كيأ] : الكَاءُ والكَاءَةُ والكَيْءُ والكَيْئَةُ بالفتح على الإِطلاق ، والهاءُ للمبالغة ، وضبطه في العباب فقال مثال الكاع والكَاعة والكَيْع والكَيْعَة ، فكان ينبغي للمصنف ضبطُه على عادته : الضّعِيفُ الفؤادِ الجَبَانُ قال أَبو حِزامٍ العُكْليُّ :
وَإِنّي لَكَيْءٌ عَنِ المُرئِثَاتِ |
|
إِذَا مَا الوَطِىءُ انْمَأَى مَرْثَؤُهْ (٢) |
ورجل كَيْئَةٌ ، وهو الجَبانُ قال العكليّ أَيضاً :
لِلَانَأْنَإِ جبَّإِ كَيْئَةٍ |
|
يُملَّى مَآبِرَه نَنْصَؤُهْ |
وقد كِئتُ عن الأَمر بكسر الكاف أَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَةً ، وَكُؤْتُ عنه أَكُوءُ كَوْأً ، وَكَأْواً على القَلْبِ أَي نَكَلْتُ عنه ، أَو نَبَتْ عنه عَيني فلم أُرِدْه ، وقال بعضهم : أَي هِبْتُه وجَبُنْتُ عنه ، وكان الأَوَلى بالمصنف أَن يُميزّ بين المادّتين الواوية واليائية ، فيذكر أَوَّلاً كوأَ ، ثم كيأَ كما فعله صاحب اللسان ، ولم ينّبه عليه شيخنا أَصلاً وَأَكاءَهُ إِكَاءً وَإِكَاءَةً هذا محلُّ ذِكره ، فإِن الهمزة زائدةٌ ، كأَقام إِقامة ، لا حرف الهمزة ، وقد سبقت الإِشارة إِلى ذلك : فَاجَأَهُ عَلَى تَئِفَّةِ أَمْرٍ أَرَادَه وفي نسخة تَفِيئَةِ أَمرٍ ، وقد تقدّم تفسير ذلك فَهَابَهُ وَردَّه عنه وجَبُن فرَجَع عنه وأَكأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ.
قال صاعدٌ في الفُصوص : قَرأَ الزُّبَيْدِيُّ على أَبِي عَلِيٍّ الفارسيّ في نوادِر الأَصمعيّ : أَكَأْتُ الرجُلَ إِذَا رَدَدْتَه عنك. فقال : يا أَبَا مُحمَّدٍ ، أَلْحِقْ هذه الكلمةَ من أَجَأَ ، فلم أَجد له نَظِيراً غيرَها ، فتنازع هو وغيرُه إِلى كُتُبه ، فقلت : أَيها الشيخُ ، ليس كأت من أَجأَ في شيءٍ ، قال : كيف؟ قلت : حكى أَبو إِسحاق الموصليُّ وقُطْرُب كَيِئَ الرجلُ إِذا جَبُن ، فخجِل الشيخُ وقال : إِذا كان كذلك فليس منه. فَضَرب كُلٌّ على ما كَتب ، انتهى. قال في المشوف : وفي هذه الحكاية نَظَرٌ ، فقد كان أَبو عَلِيٍّ أَعلَمَ مِن أَن يَخفى عليه مثلُ هذا ويَظهَرَ لصاعدٍ ، وقد كان صاعدٌ يَتساهلُ ، عفا الله عنه.
فصل اللام
مع الهمزة
[لألأ] اللُّؤْلُؤُ لا نظير له إِلّا بُؤْبُؤٌ وجُؤْجُؤٌ وسُؤْسُؤٌ ودُؤْدُؤٌ وضُؤْضُؤٌ : الدُّرُّ سُمِّي بِه لِضَوْئِه ولَمعَانِه واحِدهُ لُؤْلُؤَةٌ بِهاءٍ والجمع اللَّآلِئُ وبائِعهُ لَئَّالٌ حكاه الجوهريّ عن الفراء ، وذكره أَبو حيان في شرح التسهيل وقال أَبو عبيدة : قال الفَرّاء : سمعتُ العربَ تقول لصاحب اللؤْلؤِ لَئَّاءٌ على مِثال لَعَّاعٍ ، وكره قول الناس لَئَّال على مثال لَعَّال. وَلأْلَاءٌ كَسلسال غريبٌ ، قلَّ من ذكره من أَرباب التصانيف ، وأَنكره الأَكثر ، قاله شيخُنا ، قال عليُّ بنُ حمزة : خالف الفرَّاءُ في هذا الكلامِ العربَ والقِياسَ ، لأَن المسموع لَئَّالٌ ولكِنِ القِيَاسُ لُؤْلُئيٌّ ، لأَنه لا يُبْنَى من الرُّباعيّ فَعَّالٌ ، ولَئَّالٌ شَاذٌ. انتهى. لَا لَئَّاءٌ كما قاله الفراءُ وَلا لَئَّالٌ كما صَوَّبه الجوهريُّ ، وقال الليثُ : اللُّؤْلُؤُ معروفٌ ، وصاحبه لَئَّالٌ ، حذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ ، وأَنشد :
دُرَّةٌ مِنْ عَقَائِلِ البَحْرِ بِكْرٌ |
|
لَمْ تَخُنْهَا مَثَاقِبُ اللَّئَّالِ |
ولو لا اعتلالُ الهمزةِ ما حَسُنَ حذْفُهَا ، أَلَا تَرَى أَنهم لا يقولون لبيَّاع السِّمْسِم سَمَّاسٌ وحَذْوُهُما في القِياس واحدٌ ، قال : ومنهم من يرى هذا خَطأً وَوَهِمَ الجَوهريُّ في رَدِّه كلامَ الفرَّاءِ وَتصْوِيبهِ ما اختاره ، وهذا الذي صَوَّبه هو قولُ الفَرَّاءِ (٣) كما نَقله عنه صاحب المشرق عن أَبي عُبيدة (٤)
__________________
(١) وفي الصحاح : خرج الناس.
(٢) في اللسان : الموئبات إذا ما الرطىء.
(٣) عبارة الصحاح : قال الفراء : سمعت العرب تقول لصاحب اللؤلؤ : لأّلٌ مثل لعّال ، والقياس لأّء مثل لعاع. (انظر قول أبي عبيد في اللسان).
(٤) اللسان : أبي عبيد.