فَمَنْ يُحْسِنْ إِلَيْهِمْ لَا يُكَلِّئ
ويقال : كَلَّأتُ في أَمرِك تَكْلِيئاً ، أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه وكَلأَ فيه أَي فُلانٍ : نَظَرَ إِليه مُتَأَمِّلاً فأَعْجَبَه حُسْنُه ، قال أَبو وَجْزة :
فَإِنْ تَبَدَّلْتَ أَوْ كَلَّأتَ فِي رَجُلٍ |
|
فَلَا يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ |
أَراد بِذي أَلْفَيْنِ مَنْ له أَلْفانِ مِن المال ، وسَبَقَ الإِيماءُ إِلى أَنه من المجاز نقلاً عن الأَساس.
[كمأ] : الكَمْءُ : نَبَات م ينفض (١) الأَرضَ فيَخْرجُ كما يَخرُج الفُطْرُ ، وقيل : هو شَحْمُ الأَرْضِ ، والعرب تُسمّيه : جُدَرِيّ الأَرضِ ، وقال الطيبي : شيءُ أَبْيَضُ مِن شَحْمٍ يَنْبُتُ من الأَرض ، يقال له شَحْمُ الأَرضِ ج أَكْمُؤٌ كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ وَكَمْأَةٌ كَتَمْرَةٍ وقال ابنُ سيده : هذا قولُ أَهلِ اللغةِ وقال أَبو عمرو : لا نَظِيرَ له غيرُ رَاجلٍ ورَجْلَة ، وسيأْتي في ر ج ل ، أَو هي اسمٌ للجَمْع ليست بجمع كَمْءٍ ، لأَن فَعْلَة ليس مِمّا يُكَسَّر عليه ، فَعْلٌ قاله سِيبويهِ ، فلا يُلْتَفت إِلى ما قاله شيخُنا : كلامٌ لا مَعْنَى له ، وحكى ثعلب : كَمَاةٌ كَقَنَاةٍ ، قال شيخُنا : وفيه تَسَمُّحٌ أَو هي أَي الكَمْأَةُ للواحِدِ ، والكمْءُ للجَمْع قاله أَبو خَيْرَة ، ونقله عنه صاحبُ التَّمْهِيد ، وقال مُنْتَجِعٌ : كَمْءٌ للواحِدِ وكَمْأَةٌ للجمع ، فمَرَّ رُؤْبةُ فسأَلاه فقال : كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع ، كما قال مُنتَجِعٌ. ومثله مَنقولٌ عن أَبي الهَيْثَمِ (٢) قال الجوهريُّ : على غيرِ قِياسٍ ، وهوَ من النوادِر ، فإِن القياسَ العَكْسُ أَوْ هِي تَكونُ واحِدَةً وَجمْعاً حُكِي ذلك عن أَبي زيدٍ ، وقال أَبو حنيفة : كَمْأَةٌ واحدةٌ ، وكَمْأَتَانِ وكَمْآتٌ. وفي المشوف واللسان : الصَّحيحُ من ذلك كلِّه ما ذَكره سِيبويهِ ، وحكى شَمِرٌ عن ابنِ الأَعرابيّ : يُجْمَع كَمْءٌ أَكْمُؤاً ، وجمعُ الجَمْعِ كَمْأَةٌ. وفي الصحاح : تقول : هذا كَمْءٌ ، وهذان كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثةٌ ، فإِذا كَثُرَتْ فهي الكَمْأَةُ ، وقيل : الكَمْأَةُ : هي التي إِلى الغُبْرَة والسَّوَادِ ، والجَبْأَةُ إِلى الحُمْرَةِ. وفي الحديث : الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ ، ومَاؤُهَا شِفَاءٌ للعين» قيل إِنه مِن المَنِّ حَقِيقَةً ، وقيل : مِمَّا مَنَّ الله على عِبادِه بإِنعامه. وقال النَّوَوي في شرح مُسْلِم : شُبِّهَتْ بِه في حُصولِه بلا كُلْفَةٍ ولا عِلاجٍ ولا زَرْعِ بَذْرٍ. قال الكِرمانِي : وماؤُها يُربى به الكُحْل والتَّوتِيَا ، نقله شيخنا.
والمَكْمَأَةُ بفتح الميم والمَكْمُؤَةُ ، بضمها : مَوْضِعُه أَي الكَمْءِ وأَكْمَأَ المَكَانُ إِذا كَثُرَ بهِ وأَكمأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئَة كمُحْسِنة : كَثُرْت كَمْأَتُها. وأَرض مَكْمُوءَةٌ : كَثِيرَةُ الكَمْأَة.
وأَكمأَ القَوْمَ : أَطْعَمَهُم إِيَّاهُ أَي الكَمْءَ كَكَمَأَهُمْ كَمْأً ثُلاثِيًّا ، والأَوّل عن أَبي حنيفة.
والكَمَّاءُ ، كَكَتَّانِ : بَيَّاعُهُ وجَانِيهِ لِلبَيْعِ أَيضا ، أَنشد أَبو حنيفة :
لَقَدْ سَاءَنِي وَالنَّاسُ لَا يَعْلَمُونَهُ |
|
عَرَازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ |
وحُكِيَ عن شَمرِ : سَمِعْتُ أَعرابيًّا يقول : بنو فُلانٍ يَقْتُلونَ الكَمَّاءَ والضَّعِيفَ.
وَكَمِئَ الرجلُ كَفَرِحَ يَكْمَأُ كَمَأً ، مهموزٌ حَفِيَ بحاء مهملةٍ من الحَفَاء وعَلَيْهِ نَعْلٌ كذا في النُّسخ ، وعبارة الجوهريّ : ولم تكن عليه نَعْلٌ ، ومثله في اللسان (٣) ، فما أَدري من أَين أخذه المصنّف ، وقيل : الكَمَأُ في الرَّجُلِ كالقَسَطِ (٤) ورجلٌ كَمِئٌ قال :
أَنْشُدُ بِاللهِ مِنَ النَّعْلَيْنِيَهْ |
|
نِشْدَةَ شَيْخٍ كَمِئِ الرِّجْلَيْنِيَهْ |
وقيل كَمِئَتْ رِجْلُه بالكَسْرِ : تَشَقَّقَتْ ، عن ثعلب ، والظاهر أَن ذِكْر الرِّجْلِ مِثالٌ ، فقد قال الزمخشري في الأَساس : ومن المجاز : كَمِئَتْ يدُه ورِجْله من البَرْد (٥) انتهى أَي تشقَّقَتْ. وكَمَأَتْ بالفتح ، كذا في نُسْخة الأَساس ، ولعله غَلَطٌ من الكاتب ، والصحيحُ كَفَرِحَتْ ، كما تقدَّم والعجَبُ من شيخنا لم يُنَبِّه عليه ولا على ما تَقدَّم في «كلأَ»
__________________
(١) في اللسان : يُنَقِّضُ.
(٢) ذكر صاحب اللسان قول أبي الهيثم : يقال كمءٌ للواحد وجمعه كمأة ، ولا يجمع شيء على فعلة إلا كمءٌ وكمأة ورجل ورجلة.
(٣) اللسان : ولم يكن له نعل.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : قوله «كالقسط» في الصحاح والقسط بالتحريك انتصاب في رجلي الدابة وذلك عيب لأنه يستحب فيها الانحناء والتوتير».
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله من البرد» وفي الأساس زيادة والعمل.