لا يَغْلِبُه ، بتذكير الضمير ، وكذلك الأنثى ، قال الأخطل :
ومهْمَهٍ مُقْفِرٍ تُخْشَى غَوَائِلُهُ |
|
قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفَارِ |
ومنه قولُ الأَعرابيّ لامرأَتِه : واللهِ إِني لأُبْغِضُ المرأَةَ كَلُوءَ الليل.
وفي الأَساس : ومن المجاز كَلأْتُ النَّجْمَ مَتَى يَطلُع : رَعَيْتُه (١) ، وللْعَيْنِ فِيهَا مَكْلأٌ تُدِيم النَّظَر إِليها كَأَنَّك تَكْلَؤُها لإِعْجَابِك بِها. ومنه : رجلٌ كَلُوءُ العَيْنِ : سَاهِرُهَا ، لأَن الساهر يُوصَف بِرِقْبَةِ النُّجومِ.
واكتلأَتْ (٢) عيني : سَهِرَتْ : وأَكْلأْتُها وكَلَّأْتُها أَسْهَرْتُها. انتهى.
والكَلَّاءُ ، كَكَتَّانٍ : مَرْفَأُ السُّفُنِ وهو عند سِيبويهِ فَعَّالٌ ، مثلُ جَبَّارٍ ، لأَنه يَكْلأُ السُّفُنَ من الريح ، وعند ثعلب فَعْلَاءُ ، لأَن الرِّيح تَكِلُّ فيه فلا تنخرق قال صاحب المشوف : والقولُ قولُ سِيبويهِ ومنه سُوق الكَلَّاءِ ، مشدودٌ ممدود ع بالبَصْرَةِ ، لأَنهم يُكَلِّئُونَ سُفُنَهم هناك ، أَي يَحْبِسونها. وَكَلَّأَ القومُ سَفِينَتهم تَكْلِيئاً وَتَكْلِئَةً ، على مثالِ تَكليمٍ وتَكْلِمةٍ : أَدْنَوْها من الشَّطّ وحَبسوها ، وهذا يُؤَيّد مَذهَب سيبويهِ (٣). وفي حديث أَنس وذَكَرَ البَصرَةَ : إِيَّاكَ وَسِبَاخَها وكَلَّاءَهَا. وفي مراصد الاطلاعِ : مَحَلّة مشهورةٌ ، وسُوقٌ بالبَصرة. انتهى ، وهو يُؤَنّث ، أَي على قولِ ثعلبٍ ويُذَكَّرُ ويُصْرَف ، وذكر أَبو حاتم : أَنه مُذَكَّر لا يُؤنّثه أَحدٌ من العرب ، وهذا يُرَجِّح ما ذهب إِليه سيبويه ، وفي التهذيب : الكَلَّاءُ ، بالمدّ : مكانٌ تُرْفَأُ فيه السُّفُن وهو سَاحِلُ كُلِّ نَهرٍ كالمُكَلَّإِ[كَمُعَظَّمٍ] (٤) مهموزٌ مقصورٌ ، وكَلَّأْتُ تَكْلِئَةً إِذا أَتيْتَ مكاناً فيه مُستَتَرٌ من الريح ، والموضعُ : مُكَلَّأٌ وكَلَّاءٌ. وفي الحديث : مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنَا له ، ومن مَشى على الكَلَّاءِ أَلْقَيْنَاهُ في النَّهر. معناه أَن من عَرَّض بالقَذْفِ عَرَّضْنَا له ، بِتَأْدِيبٍ لَا يبلُغُ الحَدَّ ، ومن صَرَّح بالقَذْفِ فَركِبَ نَهَرَ الحُدُودِ وَوسَطَه أَلْقَيْنَاه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْنَاهُ ، وذلك أَن الكَلَّاءَ مَرْفَأُ السُّفُنِ عند الساحل ، وهذا مَثلٌ ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْفِ ، شَبَّهه في معارضته (٥) للتصريح ، بالماشي على شاطىءِ النهر ، وإِلقاؤُه في الماء إِيجابُ القَذْف عليه وإِلزامه بالحَدِّ قلت : وهو مجازٌ ، كما يرشده كلام الأَساس (٦) ، ويثنى الكَلَّاءُ فيقال كَلَّاءَانِ ويجمع فيقال كَلَّاءُون.
وقال أَبو النجم :
يَرَى بِكَلَّاوَيْه مِنْهُ عَسْكَراً |
|
قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرَا |
وَصَفَ الهَنىء والمَرِيءَ ، وهما نَهرانِ حَفرهما هِشامُ بنُ عبدِ المَلِك ، يقول : يَرَى بِكَلَّاوَيْ هذا النَّهرِ قوماً يَحْفِرونَ ويَدُقُّون حِجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه ويُكَسِّرُونَه ، وعن ابن السكِّيت : الكَلَّاءُ : مُجْتَمَعُ السُّفُنِ ، ومن هذا سُمِّي كَلَّاءُ البَصْرةِ كَلَّاءً لاجتماعِ سُفُنهِ.
واكْتَلأَ منه : احْتَرَسَ ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ :
أَنَخْتُ بَعِيرِي وَاكْتَلأْتُ بِعَيْنِه |
|
وآمَرْتُ نَفْسِي أَيَّ أَمْريَّ أَفْعَلُ |
واكْتلأَتْ عَيني اكْتِلاءً ، إِذا لم تَنَم وحَذِرَتْ أَمراً فَسَهِرَتْ.
وكَلَّأَ سَفِينَتَه تَكْلِيئاً على مِثالِ تَكْليمٍ وتَكْلِئَةً على مِثال تَكْلِمَةٍ : أَدْنَاهَا مِنَ الشَّطِّ وحَبَسها ، قال صاحبُ المشوفِ : وهذا مما يُقَوَّي أَنَّه فَعَّالٌ كَما ذَهَب إِليه سِيبويهِ.
وكَلَّأ فُلَاناً : حَبَسَهُ ، وكأَنه أُخِذَ من كَلَّاءِ السفينةِ كما فسَّره به غيرُ واحدٍ من أَئمّةِ اللغة ، فيكون مجازاً وقال الأَزهريّ : التَّكْلِئَةُ : التَّقَدُّمُ إِلى المكانِ والوقوف به ، ومنه (٧) يقال كَلَّأ فُلَانٌ إِليه في الأَمرِ تَكْليئاً أَي تَقَدَّم وأَنشد الفَرَّاء :
__________________
(١) الأساس : متى طلع : إذاً رعيته.
(٢) عن الأساس والصحاح. وعبارة الصحاح : واكتلأت عيني إذا لم تنم وسهرت وحذرت أمراً.
(٣) عبارة اللسان : وهذا أيضاً مما يقوى أن كلّاء فعال ، كما ذهب إليه سيبويه.
(٤) زيادة عن القاموس.
(٥) في النهاية : مقاربته.
(٦) عبارة الأساس : من مشى في الكلّاء قذفناه في الماء ، أي من وقف موقف التهمة لمناه.
(٧) اللسان : ومن هذا يقال : كلّات إلى فلان في الأمر تكليئاً أي تقدمت إليه.