فجَعَل (١) الميمَ مع النونِ لِشَبهها بها ، لأَنهما يَخرُجانِ من الخَياشيمِ ، قال : وأَخبرني من أَثِقُ به من أَهلِ العلمِ أَن ابْنَةَ أَبِي مُسافِعٍ قالتْ تَرثي أَباها [وقُتِلَ] وهو يَحْمِي جِيفَةَ أَبي جَهْلِ بنِ هِشامِ :
وَمَا لَيْتُ غَرِيفٍ ذُو |
|
أَظَافِيرَ وَإِقْدَامْ |
كَحِبِّي إِذْ تَلَاقَوْا وَ |
|
وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرَانْ |
وَأَنْتَ الطَّاعِنُ النَّجْلَاء |
|
مِنْهَا مُزْبِدٌ آنْ |
وَبِالْكَفِّ حُسَامٌ صَا |
|
رِمٌ أَبْيَضُ خَذَّامْ |
وَقَدْ تَرْحَلُ بِالرَّكْبِ |
|
فَمَا تُخْنِي بِصُحْبَانْ |
قال : جَمَعوا بين الميمِ والنونِ لقُرْبهما ، وهو كثيرٌ ، قال : و [قد] (٢) سمعت من العرب مِثل هذا ما لا أُحْصِي ، قال الأَخفش : وبالجُمْلة فإِنّ الإِكفاءَ المخالفةُ ، وقال في قوله :
مُكْفَأً غَيْرَ سَاجِعِ
المُكْفَأُ هاهنا : الذي ليس بِمُوافِقٍ. وفي حديثِ النَّابِغة : أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه ، وهو أَن يخالِف (٣) بين حركاتِ الرَّوِيّ رفعاً ونصباً وجرّاً ، قال : وهو كالإِقْواءِ ، وقيل : هو أَن يُخَالف بين قَوافِيه فلا يَلْزَم حرفاً واحداً كذا في اللسان.
وأَكفأَت الإِبِلُ : كَثُرَ نِتَاجُهَا وكذلك الغنم ، كما يُفيده سِياقُ المُحكم وأَكفأَ إِبِلَهُ وغَنَمَه فُلاناً : جَعَلَ له مَنَافِعَهَا أَوْبَارَها. وأَصوَافَهَا وأَشعارَها وأَلبانَها وأَولَادَها.
والكَفْأَةُ بالفتح ويُضَمُّ أَوَّلُه : حَمْلُ النَّخْلِ سَنَتَهَا ، وهو في الأَرْضِ : زِرَاعَةُ سَنَتِهَا (٤) قال الشاعر :
غُلْبٌ مَجَالِيحُ عِنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُهَا |
|
أَشطانُها فِي عَدَابِ البَحْرِ تَسْتَبقُ |
أَراد به النَّخيلَ ، وأَراد بأَشطانِها عُروقَها ، والبَحْرُ هنا الماءُ الكثيرُ ، لأَن النخْلَ (٥) لا يَشْرب في البَحْرِ ، وقال أَبو زيد : استكْفَأْتُ فلاناً نَخْلَه (٦) إِذا سأَلْتَه ثَمَرها سَنَةً ، فجعل للنخْلِ كَفْأَةً ، وهو ثَمَرةُ سَنَتِها ، شُبِّهَتْ بِكَفْأَةِ الإِبل ، قلت : فيكون من المجاز.
والكَفْأَة في الإِبِلِ والغَنم نِتَاجُ عَامِهَا واستكْفأْتُ فُلاناً إِبلَه ، أَي سأَلْتُه نِتَاجَ إِبلِه سَنَةً فأَكْفَأَنِيهَا ، أَي أَعطاني لَبَنَها وَوَبَرَها وأَولادَها منه ، تقول : أَعطِني كُفْأَةَ ناقَتك ، تضمُّ وتفتَحُ ، وقال غيره : ونَتَجَ الإِبلَ كَفْأَتَيْنِ ، وأَكفَأَها إِذا جَعلها كُفْأَتينِ ، وهو أَن يَجعلها نِصْفَيْنِ تَنْتِجُ كُلَّ عامٍ نِصْفاً وَتَدَعُ نِصْفاً (٧) ، كما يصنعُ بالأَرض بالزِّراعة ، فإِذا كان العام المُقْبِل أَرسلَ الفحلَ في النِّصف الذي لم يُرسِله فيه من العامِ الفارِطِ لأَن أَجْوَد الأَوقات عند العَرب في نِتاجِ الإِبل أَن تُتْرَك الناقة بعد نِتاجِها سَنةً لا يُحْمَلُ عليها الفَحْلُ ، ثم تُضرَب إِذا أَرادَتِ الفَحْلَ ، وفي الصحاح : لأَن أَفضلَ النِّتاجِ أَن يُحْمَلَ (٨) على الإِبلِ الفُحُولَةُ عاماً وَتُتْرَكَ عاماً ، كما يُصْنَع بالأَرضِ في الزِّراعة ، وأَنشد قولَ ذي الرُّمَّة :
تَرَى كُفْأَتَيْهَا تُنفِضانِ وَلَمْ يَجِدْ |
|
لَهَاثِيلَ سَقْبٍ فِي النِّتَاجَيْنِ لَامِسُ |
وفي الصحاح : «كِلَا كَفْأَتَيْهَا» يعني أَنها نُتِجت كُلُّها إِنَاثاً ، وهو (٩) محمودٌ عندهم ، قال كعبُ بن زُهَيْر :
إِذَا ما نَتَجْنَا أَرْبَعاً عَامَ كُفْأَةٍ |
|
بَغَاها (١٠) خَنَاسِيراً فَأَهْلَكَ أَرْبَعَا |
الخَنَاسِيرُ : الهَلاكُ ، أَو كُفْأَة الإِبِل : نِتَاجُهَا بَعْدَ حِيَال سَنَةٍ أَو بعد حِيالِ أَكْثَرَ مِن سَنةٍ ، يقال من ذلك : نَتَجَ فُلانٌ إِبلَه كَفْأَةً وكُفْأَةً ، وأَكْفأَت (١١) في الشاءِ : مِثْلُه في الإِبل وقال بعضهم مَنَحَهُ كَفْأَةَ غَنَمِهِ ، ويُضَمُّ أَي وَهَبَ له ألْبَانَهَا
__________________
(١) اللسان : فجمع.
(٢) عن اللسان.
(٣) ضبط اللسان : يُخَالَفَ.
(٤) اللسان : زراعة سنة.
(٥) اللسان : النخيل.
(٦) اللسان : نخلة.
(٧) وفي اللسان : «ينتج ... وبدع» وفي الصحاح : «جعلتها ... تنتج ... وتترك نصفاً».
(٨) الصحاح واللسان : تحمل.
(٩) كذا بالأصل واللسان ، وفي الصحاح : وهذا.
(١٠) عن اللسان ، بالأصل «بغاها».
(١١) ضبط اللسان : وأكْفَأْتُ.