كَبَبْتُه وعن ابنِ دُرُسْتَوَيْه : كَفَأه بمعنى : قَلَبَهُ حكاه يعقوب في إِصلاح المنطق ، وأَبو حاتمٍ في تَقْوِيم المفسد ، عن الأَصمعي ، والزجّاج في فعلت وأَفعلت ، وأَبو زيد في كتاب الهمز ، وكل مِنهما صحيحٌ. قال شيخنا : وزعم ابنُ دُرستويه أَن معنى قَلَبه أَمَالَه عن الاستواءِ ، كَبَّه أَو لَمْ يَكُبَّهُ ، قال : ولذلك قيل : أَكْفأَ في الشِّعْر ، لأَنه قَلَبَ القوافِيَ عن جِهَة استوائِها ، فلو كان مِثْلَ كَبَبْتُه كما زعم ثعلبٌ لَمَا قِيل في القَوافي ، لأَنها لا تُكَبُّ ، ثم قال شيخنا : وهذا الذي قاله ابنُ دُرستويه لا مُعَوَّل عليه ، بل الصحيح أَن كَبَّ وقَلَبَ وكَفَأَ مُتَّحِدَةٌ في المعنى ، انتهى.
ويقال : كَفَأَ الإِناءَ كَأَكْفَأَهُ رباعيًّا ، نقله الجوهريُّ عن ابنِ الأَعرابيّ ، وابنُ السكيت أَيضاً عنه ، وابنُ القُوطِيّة وابنُ القطاع في الأَفعال ، وأَبو عُبيدٍ البكريُّ في فَصْل المَقال ، وأَبو عُبَيْدٍ في المُصَنَّف ، وقال : كَفَأَتُه ، بغير أَلفٍ أَفصحُ ، قاله شيخنا ، وفي المحكم أَنها لُغةٌ نادرةٌ ، قال : وأَباها الأَصمعيُّ. واكْتَفَأَهُ أَي الإِناءَ مثل كَفَأَه. وكَفَأَه أَيضاً بمعنى تَبِعَهُ في أَثَرِه ، وكَفَأَ الإِبلَ واكتَفأَها (١) : أَغارَ عليها فذَهب بها ، وفي حديث السُّلَيْك بن السُّلَكَةِ : أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم فاكْتَفَأَهَا.
وكَفَأَت الغَنَمُ في الشِّعْبِ أَي دَخَلَتْ فيه. وأَكفَأَها : أَدخَلَهَا ، والظاهر أَن ذِكْرَ الغَنمِ مِثالٌ ، فيقال ذلك لجميعِ الماشيةِ.
وكَفأَ فُلَاناً : طَرَدَه ، والذي في اللسان : وكَفأَ الإِبلَ والخَيْلَ : طَرَدَها. وكَفَأَ القَوْمُ عن الشيء انْصَرَفُوا عنه ورجعوا ، ويقال : كان الناسُ مُجتمعِينَ فانكَفَأُوا وانْكَفَتُوا إِذا انْهَزَمُوا.
وأَكْفَأَ في سَيْره عَن القَصْدِ : جَارَ (*). وأَكْفَأَ وكَفَأَ : مَالَ كانْكَفَأَ وكَفَأَ وأَكْفَأَ : أَمَالَ [وقَلَبَ (٢)] قال ابنُ الأَثير : وكُلُّ شيْءٍ أَملْتَه فقد كَفَأْتَه ، وعن الكسائيّ : أَكْفَأَ الشيْءَ. أَمالَه ، لُغَيَّةٌ ، وأَبَاها الأَصمعيُّ ، ويقال : أَكْفأْتُ القَوْسَ إِذَا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْهَا نَصْباً (٣) حين ترمي عنها ، وقال بعض : حين ترمي عليها ، قال ذو الرمة :
قَطَعْتُ بِهَا أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِهَا |
|
إِذَا مَا عَلَوْهَا مُكْفَأً غَيْرَ سَاجعٍ |
أَي مُمَالاً غَيْرَ مُستقيمٍ ، والساجعُ القاصدُ : المُستَوِي المُستقِيم. والمُكْفَأُ : الجائر ، يَعني جائراً غيرَ قاصِد ، ومنه السَّجْعُ في القَولِ. وفي حديث الهرَّة أَنه [كان] (٤) يُكفِئُ لها الإِناءَ ، أَي يُمِيلُه لِتَشربَ منه بسُهولةِ. وفي حديث الفَرَعَةِ : خَيْرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لَحْمُه (٥) بِوَبَرِه وتُكْفِئُ إِناءَكَ وتُولِهُ نَاقَتَكَ. أَي تَكُبُّ إِناءَك [لأنه] لا يَبْقَى لَك لَبَنٌ تَحْلُبُه فِيه ، وتُولِهُ ناقَتَكَ ، أَي تَجْعَلُها وَالِهَةً بِذَبْحِك ولَدَها.
ومُكْفِئُ الظُّعْنِ : آخِرُ أَيَّامِ العَجُوز.
وأَكْفَأَ في الشِّعْرِ إِكفاءً : خَالَف بَيْنَ ضُروب إِعْرَابِ القَوَافِي (٦) التي هي أَواخرُ القَصيدة ، وهو المخالفةُ بين حَركاتِ الرَّوِيِّ رَفْعاً ونصْباً وجَرًّا أَو خَالَفَ بَيْنَ هِجَائِها أَي القوافي ، فلا يَلْزَم حَرْفاً واحداً ، تَقَاربَتْ مخارِجُ الحُروف أَو تَباعدَتْ ، على ما جَرَى عليه الجوهريُّ ، ومثله بأَن يَجعل بعضَها مِيماً وبعضَها طاءً ، لكن قد عاب ذلك عليه ابنُ بَرّيّ.
مثالُ الأَوّلِ :
بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيْءٌ هَيِّنُ |
|
المَنْطِقُ اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ |
ومثال الثّاني :
خَلِيلَيَّ سِيرَا واتْرُكا الرَّحْلَ إِنَّنِي |
|
بِمَهْلَكَةٍ والعَاقِبَاتُ تَدُورُ |
مع قوله :
فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ |
|
لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلَاطِ نَجِيبُ |
وقال بعضهم : الإِكفاءُ في الشعر هو (٧) التعاقبُ بين الراءِ واللام والنون.
__________________
(١) اللسان : وكفأ الابل : طردها واكتفأها.
(*) في القاموس : جاروا.
(٢) عن القاموس.
(٣) كذا بالأصل والصحاح ، وفي اللسان : حتى.
(٤) زيادة عن النهاية واللسان.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وتلصق هكذا بخطه والذي في النهاية بدون واو. اه».
(٦) اللسان : قوافيه.
(٧) اللسان : هو المعاقبة بين الراء واللام ، والنون والميم.