صوفٍ وغيرِه ، وقد ادَّفَيْتُ واستَدْفَيْتُ ، أَي لبست ما يُدْفِئُني ، وحكى اللِّحيانيُّ أَنه سمع أَبا الدِّينارِ يُحدِّث عن أَعرابيَّةٍ أَنها قالت : الصِّلَاءَ والدِّفَاءَ ، نصبتْ على الإِغْرَاءِ أَو الأَمْرِ والدَّفْآنُ : المُسْتَدْفِئُ كالدَّفِئِ على فَعِل وهي دَفْأَى (١) كسَكْرَى ، والجمع دِفَاءٌ ، ووجدت في بعض المجاميع ما نصُّه : الدَّفْآنُ وأُنْثَاه خاصٌّ بالإِنسان ، وككريم خاصُّ بغيرِه من زمانٍ أَو مكانٍ ، وككَتِفٍ مُشتَرك بينهما ، وفي اللسان : ما كان الرَّجُلُ دَفْآنَ ولقَدْ دَفِئَ ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
يَبِيتُ أَبُو لَيْلَى دَفِيئاً وَضَيْفُهُ |
|
مِنَ القُرِّ يُضْحِي مُسْتَخِفَّا خَصَائِلُهْ |
وحكى ابنُ الأَعرابيّ : أَرضٌ دَفِئَةٌ مقصوراً ، وحكَى غيرُه دَفِيئَة كخطِيئَة ، ودَفُؤَتْ ليلَتُنَا ، ويومٌ دفِيءٌ ، على فَعِيل ، وليلةٌ دَفِيئَة ، وكذلك الثَّوْبُ والبيتُ ، كذا في العُباب.
ويقال : أَرضٌ مَدْفأَة أَي ذاتُ دِفْءٍ ، والجمع مَدَافِئُ ، قال ساعدةُ يصف غزالاً :
يَقْرُو أَبَارِقَهُ ويَدْنُو تَارَةً |
|
بِمَدافِئ مِنْهُ بِهِنَّ الحُلَّبُ |
وفي شُروح الفَصيح : دَفُؤَ يومُنا ودَفُؤَتْ ليلَتُنا ، فهو دَفْآنُ ، وهي دَفْأَى ، بالقَصْر ، ورجل دَفِئٌ ككتِف ، وامرأَةٌ دَفِئَةٌ (٢) ، ومثله في الأَساس.
ومن المجاز إِبلٌ مُدْفَأَةٌ ومُدْفِئَةٌ ومُدَفَّأَة ومُدَفِّئَة بالضمّ في الكُلّ : كَثيرةُ الأَوْبارِ والشُّحوم يُدْفِئُها أَوْبارُها ، وزاد في اللسان مُدفاة بالضم غير مهموزٍ (٣) أَي كثيرةٌ يُدْفِئُ بعضُها بعضاً بأَنفاسها ، كذا في الصحاح ، وفي العباب : والمُدْفِئَة : الإِبل الكثيرةُ لأَنَّ بعضَها يُدْفِئُ بعْضاً بأَنفاسها (٤) ، وقد تُشَدَّد ، والمُدْفَأَةُ : الإِبلُ الكثيرةُ الأَوبار والشُّحومِ ، عن الأَصمعيِّ ، وأَنشد للشمَّاخ :
أَعائِشَ مَا لِأَهْلِكِ لَا أَرَاهُمْ |
|
يُضيعُونَ الهِجَانَ مع المُضِيعِ |
وَكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مُدْفَآتٍ |
|
عَلَى أَثْبَاجِهِنَّ مِنَ الصَّقيعِ |
والدَّفَئِيُّ كعربِيّ هو الدَّثَئِيُّ قاله الأَصمعي ، وهو المطرُ يأْتي بعد اشتدادِ الحرِّ ، وقال ثعلبٌ : وقتُه إِذا قاءَت الأَرضُ الكَمْأَةَ ، وفي الصّحاح والعباب : الدَّفَئِيُّ : المطر الذي يكون بعد الرَّبيع قبل الصَّيْف حين تَذهب الكَمْأَةُ فلا يبقَى في الأَرض منها شيءٌ وقال أَبو زيدِ : الدَّفَئِيَّة بهاءٍ مِثال العَجَمِيَّة : المِيرَة تُحْمَل قُبُلَ الصَّيْفِ وهي المِيرَةُ الثالثة ، لأَن أَوَّلَ المِيرَةِ (٥) الرَّبَعِيَّة ثم الصَّيْفِيّة ، وكذلك النَّتَاج ، قال : وأَوَّل الدَّفَئِيِّ وُقوعُ الجَبْهَةِ ، وآخِرُه الصَّرْفَةُ.
وفي التنزيل العزيز : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ) (٦) قال الفرَّاءُ الدِّفْءُ بالكسر هكذا كُتِب في المصاحف بالدَّال والفاء وإِن كُتِب بالواو في الرفع ، والياءِ في الخَفْضِ ، والأَلف في النصب كان صَوَاباً ، وذلك على ترك الهمز ونقل إِعراب الهمز إِلى الحرف الذي قبلها ، هو نِتَاجُ الإِبلِ وأَوْبَارُها وأَلبانها والانتفاعُ بها وعبارة الصحاح والعباب : وما يُنْتَفَع به منها (٧) ، وروي عن ابن عباسٍ في تفسير الآية قال : نَسْلُ كلِّ دابَّةِ ، وفي حديث وفْدِ هَمْدَان : «وَلَنَا مِنْ دِفْئِهِمْ وَصِرَامِهِمْ ما سَلَّمُوا بِالمِيثاقِ والأَمَانَةِ» أَي إِبلِهِم وغَنمِهم ، سَمَّى نِتاجَ الإِبل وما يُنتَفع بها دِفْأً لأَنه يُتَّخَذ من أَوبارِها وأَصوافها ما يُستَدْفَأُ به.
والدِّفْءُ : العطِيَّةُ ، والدِّفءُ من الحائط : كِنُّه يقال : اقْعُدْ في دِفْءِ هذا الحائطِ أَي كِنّه ، والدِّفْءُ ما أَدْفَأَ من الأَصواف والأَوْبارِ من الإِبل والغنم. وقال المُؤَرِّجُ : أَدْفَأَهُ أَي الرجل إِدفاءً إِذا أَعطاهُ عَطاءٌ كثيراً وهو مجاز.
وأَدفأَ القومُ : اجتمعوا.
والدَّفَأُ مُحركةً : الحَنَأُ (٨) بالحاء المهملة والنون ، يقال فُلانٌ فيه دَفَأٌ ، أَي انْحِنَاءٌ ، وفي حديث الدجّال : «فيه دَفَأٌ» حكاه الهرويُّ مهموزاً مقصوراً. وهو أَدْفَأُ بغير همزٍ ، أَي فيه
__________________
(١) القاموس : الدفأى.
(٢) ليست في الأساس.
(٣) لم ترد هذه الزيادة في اللسان.
(٤) في الجمهرة ؛ هي التي تدفيء أربابها بألبانها. وفي المقاييس : ذكرت العبارة للإبل المدفَأَة.
(٥) بالأصل المير ، وما أثبتناه عن اللسان.
(٦) سورة النحل الآية : ٥.
(٧) أي من أوبارها وأشعارها وأصوافها ، أراد ما يلبسون منها ويتبنون كذا في اللسان.
(٨) في القاموس : الجنأ.