ولا يُخالف. وأَما قول أَبي يزِيد السائِبِ بنِ يزيد الكِندِيِّ (١) رضياللهعنه : كان النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شَرِيكي ، فكان خَيْرَ شريكٍ ، لا يُشارِي ولا يُمارِي ولا يُدَارِي. قال الصاغاني : ففيه وجهانِ : أَحدهما أَنه خَفَّف الهمزةَ للقرينتين ، أَي لا يُدافِع ذَا الحَقِّ عن حَقِّه ، والثاني أَنه على أَصْله في الاعتلال ، من دَرَاهُ إِذا خَتَله ، وقال الأَحمر : المُدارأَةُ في حُسْن الخلق والمعاشرة ، تُهمز ولا تُهمز ، يقال : دَارَأْتُه ودَارَيْتُه إِذا اتَّقَيْتَه ولَايَنْتَهُ.
وَرَجُلٌ وفي الحديث : السُّلطَانُ ذُو تُدْرَإٍ بالضم ، وذُو عُدْوَانٍ وذُو بَدَوَاتٍ وفي بعض الرِّوايات : ذُو تُدْرَأَةٍ بالهاء ، والتاء زائدةٌ زِيادَتها في تُرْتُبٍ وتَنْضُبٍ وتَنْفَلُ أَي مُدَافِعٌ ذو عِزٍّ وفي بعض النسخ : ذو عُدَّة ومَنَعَةٍ وقُدْرَة وقُوَّة على دَفْع أَعدائه عن نفسه ، وقال ابن الأَثير : ذو تُدْرَإٍ : ذُو هُجومٍ لا يَتَوَقَّى ولا يَهاب ، ففيه قُوَّةٌ على دَفْعِ أَعدائه ، ومنه قولُ العَبَّاسِ بن مِرْداسٍ :
وَقَدْ كُنْتُ فِي القَوْمِ ذَا تُدْرَإٍ |
|
فَلَمْ أُعْطَ شَيْئاً ولَمْ أُمْنَعِ |
وقرأْت في ديوان الحماسة للقُلَاخ بن حَزْنِ بن خَبَّابِ المَنقرِيُّ :
وَذُو تُدْرَإٍ مَا اللَّيْثُ فِي أَصْلِ غَابِهِ |
|
بِأَشْجَعَ مِنْهُ عِنْدَ قِرْنٍ يُنَازِلُهْ |
وقال ابنُ دُريدِ : دَرَأٌ كَجَبَلٍ مهموزٌ مقصورٌ : اسْم رجل وادَّارَأْتُمْ أَصْلُه تَدَارَأْتُمْ أُدغِمت التاء في الدَّال لاتحاد المخرج ، واجتُلِبت الهمزةُ للابتداء بها وقال أَبو عبيد ادَّرَأْتُ (٢) الصَّيْدَ على افْتَعَلَ إِذا اتّخَذْتُ له دَرِيئَةً.
والتركيب يدلُّ على دَفْع الشيءِ.
* ومما يستدرك عليه :
الدَّرْءُ : النُّشوزُ والاختلاف ، ومنه حديث الشَّعبيّ في المُختلَعَة : إِذا كان الدَّرْءُ مِن قِبَلِهَا فلا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا.
أَي النُّشوز والاختلافُ. وذات المُدَارأَةِ (٣) هي الناقةُ الشديدة النَّفْسِ ، وقد جاءَ في قَوْلِ الهُذليّ (٤).
والمِدْرَأُ ، بالكسر : ما يُدْفَع به.
والتَّدارِي أَصلُه التَّدارُؤُ ، تُرِك الهمزُ ونُقِل إِلى التشبيه بالتّقَاضِي والتَّدَاعِي.
وَدرَأَ الحائطَ بِبِنَاءٍ : أَلزقَه به ، ودَرَأَ الشَّيءَ (٥) : جعَلَه له رِدْءاً ، ودَرَأَه بحَجر : رَماه ، كَرَدَاه.
وانْدَرَأَ عليه انْدِرَاءً : اندَفَع ، والعامة تقول : انْدَرَى ، وانْدَرَأَ علينا بِشَرٍّ : طَلَع مُفاجأَةً.
* ومما يستدرك عليه :
[دربأ] : دَرْبَأَ يقال تَدَرْبَأَ الشَّيْءُ تَدَهْدَى كذا في العباب (٦).
[دفأ] : الدِّفْءُ بالكسر ورُوِي الفتحُ أَيضاً عن ابن القطّاع ويُحَرَّك فيكون مَصدر دَفِئَ دَفَأً مثل ظَمِىءَ ظَمَأً ، وهو السُّخونة نَقِيضُ حِدَّةِ البَرْدِ كالدَّفَاءَةِ صرَّح الجوهريّ والصاغاني أَنه مصدرٌ للمكسور كالكَراهَةِ ، من كَرِهَ ، وصرَّح اليزيديُّ بأَنه مصدرُ المَضموم ، كالوَضَاءَة ، من وَضُوءَ ، والاسم الدِّفْءُ بالكسر ، وهو الشيء الذي يُدْفِئُك ج أَدْفَاءٌ ، تقول : ما عليه دِفْءٌ ، لأَنه اسمٌ ، ولا تقل : ما عليه دَفَاءَةٌ ، لأَنها مصدر ، قال ثَعَلَبُة بن عُبَيدٍ العَدَوِيُّ :
فَلَمَّا انْقَضَى صِرُّ الشِّتَاءِ وَأَيْأَسَتْ |
|
مِنَ الصَّيّفِ أَدْفَاءَ السُّخُونَةِ فِي الأَرْضِ |
دَفِئَ الرجلُ كَفَرِح دَفَأً ، محركةً ، ودَفَاءَةً كَكَراهَةٍ ودَفُؤَ مثل كَرُمَ دَفَاءَةً ، مثل وَضُؤَ وَضَاءَةً وتَدَفَّأَ الرجلُ بالثوب واستدْفَأَ به وادَّفَأ به ، أَصله اتْدَفَأَ ، فأُبدل وأُدْغم وقد أَدْفَأَه أَي أَلبَسه الدِّفاءَ بالكسر ممدوداً اسم لِمَا يُدْفِئُه من نحوِ
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفيه نظر فالسائب بن يزيد هو ترب ابن الزبير ، وكان ابن سبع سنوات لما حج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حجة الوداع ، هذا يقوي ما جاء في اللسان : «قيس بن السائب».
(٢) في القاموس وأصل التاج «ادّارأت» وما أثبتناه عن اللسان.
(٣) عن اللسان ، وبالأصل «المدرأة».
(٤) البيت في اللسان :
وبالترك قد دمها نيّها |
|
وذات المدارأة العائط |
ويروى «ذات المداراة» قال : وهذا يدل على أن الهمز وترك الهمز جائز.
(٥) قوله درأ الشيء ، ودرأ الحائط صوابه وردأ في الحالين كما هو نص المحكم لمجاورة ردأ لدرأ ، وما ورد بالأصل هنا ومثله في اللسان طغيان قلم.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : هذه العبارة موجودة في نسخة المتن المطبوعة فلعلها سقطت من نسخة الشارح ا. ه.