بَدَّاءُ بنُ عامرِ بن عَوْثَبَانَ (١) بنِ زَاهرِ بن مُرَادٍ ، قال ابنُ حبيب ، وقال ابنُ السيرافيِّ : بَدَّاءٌ فَعَّالٌ من البَدْءَ مَصروفٌ.
والبُدْأَة بالضمِّ : نَبْت قال أَبو حنيفة : هي هَنَةٌ سَوْداءُ كأَنَّها كَمْءٌ ولا يُنْتَفَع بِها.
وحكى اللّحيانيُّ قولَهم في الحكايةِ : كان ذَلِكَ الأَمْرُ في بدْأَتِنَا ، مُثلَّثَةُ الباءِ فَتْحاً وضَمًّا وكَسْراً ، مع القَصْرِ والمَدِّ وفي بَدَأَتِنَا مُحَرَّكَةً ، قال الأَزهريُّ : ولا أَدري كيف ذلك ، وفي مُبْدَئِنَا بالضم وَمَبْدَئِنَا بالفتح وَمَبْدَاتِنَا بالفتح من غير همزة ، كذا هو في نُسختنا ، وفي بعضٍ بالهمز ، أَي في أَوَّلِ حَالِنَا ونَشْأَتِنا ، كذا في كتاب الباهِرِ لابنِ عُدَيْسٍ وقد حكاه اللِّحيانيُّ في النوادِر (٢).
ومما يستدرك عليه :
بادِيُ الرَأْيِ : أَوَّلُه وابتداؤُه ، وعند أَهلِ التحقيقِ من الأَوائل : ما أُدرِكَ قبلَ إِمعان النَّظَرِ ، يقال فعلته (٣) في بادىء الرأْيِ. وقال اللحيانيُّ : أَنت بادِئ الرأْيِ. ومُبْتَدَأَهُ تُريد ظُلْمَنَا ، أَي أَنتَ في أَوَّلِ الرأْيِ تريد ظُلْمَنَا. وروي أَيضاً بغيرِ همزٍ ، ومعناه أَنت فيما بَدَا من الرأْيِ وظَهَر ، وسيأْتي في المعتلِّ. وقرأَ أَبو عمرٍو وحْدَه بَادِئَ الرَّأْي (٤) بالهمز ، وسائرُ القُرَّاء بغيرها ، وإِليه ذهب الفَرَّاءُ وابنُ الأَنبارِيّ يُريد قراءَةَ أَبي عمرٍو ، وسيأْتي بعضُ تفصيله في المعتلّ إِن شاءَ الله تعالى.
وأَبْدَأَ الرجلُ كنايَة عَن النَّجْوِ ، والاسم البَدَاءُ ، مَمدودٌ.
وأَبدَأَ الصَبِيُّ : خَرجَتْ أَسنانُه بعدَ سُقوطِها.
والابتداءُ في العَروض : اسمٌ لكلِّ جُزْءٍ يَعْتَلُّ في أَوَّل البيتِ بِعِلَّةٍ لا تَكون (٥) في شيءٍ من حَشْوِ البيتِ ، كالخَرْم في الطَّويلِ والوافرِ والهَزَجِ والمُتقارِب ، فإِن هذه كلَّها يُسَمَّى كلُّ واحدٍ من أَجزائها إِذا اعتلَّ : ابتداءً ، وذلك لأَن فَعولن تُحذف منه الفاءُ في الابتداءِ ، ولا تُحذف الفاء من فَعولن في حَشْوِ البيت البتَّةَ ، وكذلك أَوَّل مُفاعلتن وأَول مَفاعيلن يُحذفان في أَوَّل البيتِ ، ولا يُسمّى مُستفعِلن من البَسيط وما أَشبهَه مِمَّا عِلَّتُه كَعِلَّةِ أَجزاءِ حَشْوه ابتداءً ، وزعم الأَخفَشُ أَن الخليلَ جعلَ فاعِلاتُنْ في أَوَّل المَدِيد ابتداءً (٦). وهي تكون فَعِلاتن وفاعلاتن ، كما تكون أَجزاءُ الحَشْوِ ، وذَهب على الأَخفشِ أَنَّ الخَلِيل جعَل فاعلاتنْ [هنا] (٧) ليسَتْ كالحشْوِ ، لأَن أَلفها تَسقط أَبداً بِلا معاقبةٍ ، وكلُّ ما جازَ في جُزئه الأَوَّلِ ما لا يَجوزُ في حَشْوِه فاسمُه الابتداءُ ، وإِنما سُمِّيَ ما وقَع في الجُزءِ ابتداءً لابتدائك بالإِعلال ، كذا في اللسان.
[بذأ] : بَذَأَه ، كمَنَعه : رَأَى منه حالاً كَرِهَهَا وقد بَذَأَه يَبْذَؤُهُ : ازدراه واحتَقَره ولم يَقْبلْه ، ولم تُعجِبه مَرْآتُه وسأَلْتُه عنه فَبَذَأَه ، أَي ذَمَّهُ ، قال أَبو زيدٍ : يقال بَذَأَتْه عَيني بَذْءًا إِذا طَرَأَ لك وعندك الشيءُ ثم لم تَرَه كذلك ، فإِذا رأَيتَه كما وُصِفَ لك قلت : ما تَبْذَؤُه العَيْنُ وبَذَأَ الأَرضَ : ذَمَّ مَرْعَاها ، وكذلك المَوْضِعَ إِذا لم تَحْمَدْه (٨).
والبَذِيءُ كَبَدِيعٍ : الرَّجُل الفاحِشُ اللسانِ ، وقد بُذِيَ كَعُنِي (٩) إِذا عِيبَ وازدُرِيَ وبَذُؤَ كَكَرُم أَو كَكَتَب كما هو مُقتضَى إِطلاقه ، وهي لِغةٌ مرجوحةٌ ويُثَلَّثُ ، أَي تُحرَّكُ عَينُ فِعله ، لأَنها المقصودةُ بالضبْطِ بالحركاتِ الثلاثِ ، بَذأَ كمَنَعَ وكَفَرِحَ مُضارِعهما بالفَتْح ، وككَرُم مضارعه بالضمِّ قياساً وبالفَتْحِ ، وفي المِصباح : إِنما يقال بَذَأَ كمنَع في المهموز ، والكَسْرُ والضمُّ إِنما هما في المُعتَلِّ اللام بَذَاءً كسحاب وَبَذَاءَةً ككَرامة ، مَصدرٌ للمضموم على القِياسِ وسيأْتي في المُعتلِّ ، وفي بعض النسخ بَذْأَةً على وَزْنِ رَحْمَةٍ ، وفي أُخرى : بَذَاءً كَسَماءٍ.
وبَذَأَ المكانُ : صار لا مَرْعَى فيه فهو مُجدِبٌ.
والمُباذَأَةُ مفاعلةٌ من بَذَأَ : المُفاحَشَةُ ، وفي بعض النسخ بغير همز ، كالبذَاءِ بالكسر ، وجوز بعضُهم الفَتْحَ.
__________________
(١) كذا بالأصل : تحريف ، والصواب : «عوبثان» كما في القاموس «عبث» وجمهرة ابن حزم. وفي المقتضب «غوبثان» بالغين.
(٢) عبارة اللسان : وحكى اللحياني : كان ذلك في بَدأتنا وبدأتنا بالقصر والمد ؛ قال : ولا أدري كيف ذلك. وفي مَبْدَأَتِنا عنه أيضاً. وقد أَبْدَأْنا وبَدَأْنا كل ذلك عنه.
(٣) عبارة اللسان : إنعام النظر ، يقال فعله.
(٤) من الآية ٢٧ سورة هود.
(٥) اللسان : يكون.
(٦) زيد في اللسان : قال : ولم يدر الأخفش لمَ جعل فاعلاتن ابتداءً.
(٧) زيادة عن اللسان.
(٨) في المقاييس : ويقال : بذأت المكانَ أبذؤه ، إذا أتيتَه فلم تحمده.
(٩) الأساس : بُذئ فلان : عيبَ وازدُري. والعين : بذي الرجل إذا ازدري به.