* ومما يستدرك عليه :
باذَأْتُ الرجُلَ إِذا خاصَمْته ، وباذَأَهُ فَبَذَأَهُ ، وأَبذَأْت : جِئْت بالبِذَاءِ (١) ، وقال الشَّعْبِيُّ : إِذا عظُمَت الخِلْقَة فإِنما به (٢) بِذَاءٌ ونِجَاءٌ.
ومن المجَاز : وُصِفَتْ لي أَرضُ كذا فأَبصَرْتُها فَبَذَأَتْها (٣) عيني ، أَي ازْدَرَتُهَا.
برأ : بَرأَ اللهُ الخَلقَ ، كجَعَلَ يَبْرَأُ بالفتح فيهما ، لمكانِ حرف الحلقِ في اللام ، على القياس ، ولهذا لو قال كمَنعَ بدَل جَعَل كان أَوْلَى بَرْءًا كمَنْعٍ ، حكاه ابن الأَنباريِّ في الزاهر وبُروءًا كقُعودٍ ، حكاه اللّحيانيُّ في نوادره وأَبو زيدٍ في كتاب الهمز : خَلَقَهم على غيرِ مِثالٍ ، ومنه البارِئُ في أَسمائه تعالى ؛ قال في النهاية : هو الذي خلق الخَلْقَ لا عن مِثالٍ. وقال البيضاوِيُّ : أَصلُ تَركيبِ البَرْءِ لِخُلوص الشيءِ من غيرِه ، إِما على سَبِيل التقَصِّي ، كَبَرَأَ المَرِيض من مَرَضه والمَدْيُون من دَيْنه ، أَو الإِنشاء ، كبَرأَ اللهُ آدَمَ من الطين ، انتهى. والبَرْءُ : أَخَصُّ من الخلق ، وللأَوَّل اختصاصٌ بِخَلْق الحيوان ، وقلَّما يُستعمَل في غيره ، كبَرأَ اللهُ النَّسَمَة وخَلَق السَمواتِ والأَرض.
وبَرأَ المَرِيضُ مُثَلَّثاً ، والفتحُ أَفصحُ ، قاله ابنُ القطَّاع في الأَفعال ، وتبعه المُزَنِيُّ ، وعليه مَشى المُصنِّف ، وَهي لُغة أَهلِ الحِجاز ، والكَسْرُ لُغة بني تَميمٍ ، قاله اليزيديُّ واللحيانيُّ في نوادِرِهما يَبْرَأُ بالفتح أَيضاً على القياس وبَرَأَ كنَصَر يَبْرُؤُ كينْصُر ، كذا هو مَضبوطٌ في الأُصول الصحيحةِ ، نقلَه غيرُ واحد من الأَئمة ، قال الزجَّاج : وقد ردُّوا ذلك ، قال : (٤) ولم يجىءْ فيما لامُه همزة فَعَلْتُ أَفْعُل ، وقد استقصى العلماءُ باللغةِ هذا فلم يجدوا (٥) إِلا في هذا الحَرْفِ. قلت : وكذلك بَرا يَبْرُو ، كدَعَا يدْعُو ، وصَرَّحوا أَنها لغةٌ قَبيحة بُرْءًا بالضم في لُغة الحجاز وتميم ، حكاه القَزَّازُ وابنُ الأَنباريّ وبُرُوءًا كقُعود ، وَبَرُؤ كَكَرُم يَبرُؤُ بالضمّ فيهما ، حكاها القزَّاز في الجامع وابنُ سِيده في المُحكم ، وابنُ القطَّاع في الأَفعال ، وابنُ خَالُوَيْه عن المازنيِّ ، وابن السَّيِّدِ في المُثَلَّث ، وهذه اللغةُ الثالثةُ غيرُ فصيحةٍ وبَرِئَ مثل فَرِحَ يَبْرَأُ كيفْرَح ، وَهما أَي بَرَأَ كمَنَعَ وَبَرِئَ كفرِح لُغتان فَصِيحتانِ بَرْءًا بفتح فسكون وبُرُؤًا بضمتين (٦) وبُرُوءًا كقُعود نَقِهَ كفرِح ، من النَّقاهة وهي الصِّحَّة الخفيفةُ التي تَكون عَقِيب مَرضٍ ، وفي بعض النسخ زيادة : وفيه مَرَضٌ. وهو حاصِلُ مَعنى نَقِهَ ، وعليها شَرْحُ شيخِنا. وأَبْرأَه اللهُ تعالى مِن مَرضِه فهو أَي المريض بارِئٌ وبَرِىءٌ ، بالهمز فيهما ، وروي بغير همز في الأَخير ، حكاها القزَّاز ، وقال ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ : إِن الصِّفةَ من بَرأَ المريضُ بارِئٌ على. فاعلٍ ، ومن غيرِه بَرِيءٌ ، وأَنكره الشَّلَوْبِينُ وقال : اسم الفاعِل في ذلك كلِّه بارىءٌ ولم يُسْمَع بَرِيءٌ. ولكن أَوْرَده اللبلِيُّ في شَرْح الفصيحِ وقال : قد سُمِع بَرِيءٌ أَيضاً ج كَكِرامٍ في بَرِيءٍ قياساً ، لأَن فاعِلاً على فِعَالٍ ليس بمسموعٍ ، فالضميرُ إِلى أَقربِ مَذكور ، أَو أَنه من النوادر ..
ومن سجعات الأَساس : حَقُّ على البارئ من اعتلاله ، أَنْ يُؤَدِّيَ شُكْرَ البارِئِ (٧) على إِبْلالِه.
وبَرِئَ الرجل ، بالكسرِ ، لغة واحدة مِن الأَمْرِ والدَّيْنِ كفرِح يَبْرَأُ بالفتح على القياس وَيَبْرُؤُ بالضم نَادِرٌ بل غريبٌ جِداً ، لأَن ابن القُوطِيَّةِ قال في الأَفعال : ونَعِمَ يَنْعُم وفَضِلَ يَفْضُل بالكسر في الماضي والضمِّ في المضارع فيهما ، لا ثالث لهما ، فإِن صحَّ فإِنه يُستدْرَك عليه ، وهذا الذي ذَكره المؤَلِّف هو ما قاله ابنُ القَطَّاعِ في الأَفعال ، ونصُّه بَرأَ اللهُ الخَلْقَ وبَرأَ المريضُ مُثلَّثاً ، والفَتْحُ أَفصحُ وَبرِئَ من الشيءِ والدَّيْنِ بَرَاءَةً كَفَرِحَ لا غَيْرُ ، بَرَاءً كَسَلامٍ ، كذا في الرّوْضِ وَبَرَاءَةً كَكَرامة وبُرْءًا (٨) بِضَمِّ فسكون : تَبَرَّأَ (٩) بالهمز ، تفسيرٌ لما سَبق وأَبرَأَك اللهُ منه وَبَرَّأَك ، من باب التفعيل ، أَي جعلك بَرِيئاً ، وأَنت بَرِيءٌ منه ج بَرِيئون جَمْعُ مذَكَّر سالم وبُرَآءُ كَفُقَهاءَ (١٠) وبِرَاء مثل كِرَامٍ في كَرِيمٍ ، وقد تقدَّم ، وفيه دِلالةٌ لمَا أَوردناه آنفاً وأَبراءٌ مثل أَشراف في شَرِيفٍ ،
__________________
(١) الأساس : وقد أبذأتَ يا رجل أي جئت بالبذاء.
(٢) اللسان : هي.
(٣) في الأساس : فما بَذَأْتها.
(٤) يفهم من اللسان أنه قول الأزهري.
(٥) اللسان : يجدوه ، ومنه نقل النص.
(٦) متن القاموس : وبُرْءًا.
(٧) الأساس المطبوع : الباري.
(٨) متن القاموس واللسان : وبُرُوءاً.
(٩) اللسان : تبرُّؤاً.
(١٠) اللسان : مثل فقيه وفقهاء.