والبَدْءُ : الشابُّ العاقلُ المُستجادُ الرأْيِ ، والبَدْءُ : المَفْصِلُ ، والعَظْمُ بما عليه من اللحْمِ ، وقيل : هو النَّصِيبُ أَو خَيْرُ نَصيبٍ من الجَزُورِ ، كالبَدْأَةِ ، هكذا بالهمز على الصواب ، يقال : أَهْدَى له بَدْأَةَ الجَزورِ ، أَي خَيْرَ الأَنصباءِ ، وقال النَّمِرُ بن تَوْلَب :
فَمَنَحْتُ بَدْأَتَهَا رَقِيباً جَانِحاً |
|
والنَّارُ تَلْفَحُ وَجْهَهَا بِأُوَارِهَا (١) |
والبَدُّ ، والبدِ ، والبُدَّةُ ، والبِدَّةُ ، والبِدَادُ ، كالبَدْءِ ، ويأْتي هؤلاء الخمسةُ في حرف الدال إِن شاءَ الله تعالى ، ج أَبْدَاءٌ كجَفْنٍ وأَجْفانٍ ، على غيرِ قِياسٍ وبُدُوءٌ كفُلُوسٍ وجُفُونٍ ، على القِياس ، ولكن لمّا كان استعمالُ الأَوَّلِ أَكثرَ قدَّمه. وقال طَرَفَةُ بنُ العَبْد :
وَهُمُ أَيْسَارُ لُقْمَانَ إِذَا |
|
أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبْدَاءَ الجُزُرْ (٢) |
وهي عَشرة : وَرِكَاها ، وفَخِذَاها ، وسَاقاها ، وَكَتِفَاها ، وعَضُدَاها ، وهما أَلأَمُ الجَزُورِ لكَثْرةِ العُروقِ.
والبَدِيءُ كالبَدِيع : المَخْلُوقُ فعِيلٌ بمعنى مَفعول ؛ البَدِيءُ : العجيب والأَمْرُ المُبْدَعُ ، وفي نسخة : البَدِيع ، أَي الغريب ، لكونه لم يكُنْ على مِثالٍ سابقٍ ، قال عَبِيدُ بنُ الأَبرص :
فَلا بَدِيءٌ وَلَا عَجِيببُ (٣)
وقال غيره :
عَجِبَتْ جَارَتِي لِشَيْبٍ عَلَاني |
|
عَمْرَكِ الله هَلْ رَأَيْتِ بَدِيئَا |
وقد أَبْدَأَ الرجلُ ، إِذَا أَتى به.
والبَدِيءُ والبَدْءُ : البِئرُ الإِسلامِيَّةُ ، هي التي حُفِرَتْ في الإِسلام حديثةٌ ، ليست بِعَادِيَّة ، وتُرِك فيها الهمزُ في أَكثرِ كلامِهم ، وذلك أَن يَحْفِرَ بِئراً في الأَرض المَواتِ التي لا رَبَّ لها. وفي حديثِ ابن المُسَيِّب : «في حَرِيمِ البَدِيءِ خَمْسَةٌ وعِشرُون ذِراعاً» والقَلِيب : البِئرُ العَادِيَّةُ القَدِيمة التي لا يُعْلَم لها رَبٌّ ولا حافِرٌ (٤). وقال أَبو عبيدة : يقال للرَّكِيَّةِ : بَدِيءٌ وَبَدِيعٌ إِذا حَفَرْتها أَنت ، فإِن أَصبْتَها قد حُفِرت قبلَكَ فهي خَفِيَّة ، قال : وزَمْزَمُ خَفِيَّةٌ ، لأَنها لإِسماعيلَ عليهالسلام فاندفَنَتْ ، وأَنشد :
فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذَانِ الفُرْقَانْ |
|
تَعْصِبُ أَعْقَارَ حِيَاضِ البُودَانْ |
قال : البُودَانُ : القُلْبَانُ ، وهي الرَّكَايَا ، واحِدُها بَدِيءٌ ، قال (٥) : وهذا مَقْلُوبٌ ، والأَصلُ البُدْيَانُ.
والبَدِيءُ : السَّيِّدُ الأَوَّلُ ، كالبَدْء بالفَتح ، كما تقدم ، أَو الأَوَّلُ ، كما هو ظاهرُ العِبارة ، وفي بعض النسخ : كالبَدْأَةِ ، بالهاء.
وبُدِئَ الرجلُ بالضَّمِّ ، أَي بالبناء للمَجهول بَدْءًا : جُدِرَ ، أَصابَه الجُدَرِيِّ ، أَو حُصِبَ بالحَصْبَة ، وهي كالجُدَرِيِّ ؛ قال الكُمَيْت :
فَكَأَنَّمَا بُدِئَتْ ظَوَاهِرُ جِلْدِهِ |
|
مِمَّا يُصَافِحُ مِنْ لَهِيبِ سُهَامِهَا (٦) |
كذا أَنشده الجوهريُّ له ، وقال الصاغانيُّ : وليس للكُميت على هذا الرّوِيِّ شَيءٌ. وقال اللِّحيانِيُّ : بُدِىءَ الرجلُ يُبْدَأُ بَدْءًا : خَرَج به بَثْرٌ شِبْهُ الجُدَرِيِّ (٧). ورَجُلُ مَبْدُوءٌ : خَرَج به ذلك (٨) ، وفي حديثِ عائشَةَ رضي اللهُ عنها [أَنَّها قالت] : «في اليومِ الذي بُدِىءَ فِيه رَسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [وا رأْساه] (٩)» ، قال ابن الأَثير : يقال : مَتَى بُدِىءَ فُلانٌ؟ أَي مَتَى مَرِض ، يُسْأَلُ به عن الحَيِّ والمَيتِ.
وَبَدَّاءٌ ، كَكَتَّانٍ : اسمُ جَمَاعةٍ ، منهم بَدَّاء بنُ الحارِث بن مُعاوية ، من بني ثَوْرٍ قَبِيلةٍ من كِنْدَة. وفي بَجِيلَةَ بَدَّاءُ بنُ فِتْيَانِ بن ثَعْلَبَة بنِ مُعاويَة بن زَيدِ بن الغَوْث ، وفي مُرَادٍ
__________________
(١) شعره : ٦٣ المقاييس والمجمل واللسان وفيها وجهه بدل وجهها.
(٢) العين اللسان.
(٣) اللسان والمجمل والمقاييس وديوانه : ١٣ وصدره :
إنْ يَكُ حُوِّل منها أَهْلُها
(٤) زيد في اللسان : فليس لأحد أن ينزل على خمسين ذراعاً منها ، وذلك أنها لعامة الناس.
(٥) اللسان : قال الأزهري.
(٦) شعره ٢ / ١٠٧.
(٧) زيد في اللسان : ثم قال : قال بعضهم : هو الجدري بعينه.
(٨) العين : ورجل مبدوء أي مجدور أصابه الجدري.
(٩) زيادة عن اللسان.